الجواب: الحجاب فيه تفصيل، أما كونها تستر شعرها وبدنها كله إلا الوجه والكفين فهذا لازم عند أهل العلم، وهكذا القدمان عند جمهور أهل العلم، عليها سترهما عن الرجال، هذا محل ليس محل خلاف كونها تستر شعرها وبدنها وصدرها وجميع بدنها حتى القدمين هذا واجب على النساء عن جميع الرجال الأجانب حتى ابن عمها، وحتى ابن خالها الأجنبي، عليها أن تستر جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين هذا محل الخلاف، وهكذا القدمان فيهما خلاف يسير والذي عليه جمهور أهل العلم أن الواجب سترهما أيضاً.
أما الوجه والكفان فقد نازع بعض أهل العلم في ذلك وقال بعض أهل العلم: إنه لا يجب سترهما عن الأجانب إذا كان الوجه ليس فيه محسنات، لا مكياج ولا كحل ولا شيء من أنواع الجمال الذي تأتي به المرأة يعني المستجلب، وهكذا الكفان إذا كان ليس فيهما شيء من الحلي، قال بعض أهل العلم: إنهما ليس بعورة في هذه الحالة إذا كان الوجه ليس فيه ما يدعو إلى الفتنة من كحل أو زينة أخرى، والكفان ليس فيهما زينة أيضاً من حلي أو نحوها، هذا قول بعض أهل العلم.
والقول الآخر: أنهما أيضاً يجب سترهما عن الأجانب، وهذا هو القول الراجح، والأدلة على هذا القول كثيرة؛ لأن الوجه زينة المرأة وعنوانها، جمالاً ودمامة، فالواجب ستره إلا عن المحارم أو الخاطب الذي يريد أن ينظر إليها، فالرسول صلى الله عليه وسلم أذن للخاطب أن ينظر، وأما ما سوى ذلك فالواجب ستر الوجه والكفين حذراً من الفتنة.
ومن الأدلة على هذا قوله سبحانه: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53] وإن كانت الآية في أزواج النبي ﷺ فالحكم عام إلا بدليل يخصهن؛ ولأن العلة عامة ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53] فإذا كان أطهر لقلوب زوجات النبي ﷺ فغيرهن أحوج إلى ذلك؛ لأن أزواج النبي ﷺ أتقى لله وأكمل إيماناً ممن بعدهن، فإذا كان الحجاب أتقى لأزواج النبي ﷺ وأطهر للقلوب فما بعدهن في أشد الحاجة إلى ذلك.
ولأن الرب لم يستثن لم يقل: إلا الوجه والكفين بل أطلق، وهكذا قوله سبحانه: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِِ بُعُولَتِهِنَّ [النور:31] ولم يقل إلا الوجه والكفين بل أطلق، وأما قوله في أول الآية: إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النور:31] فقد فسره ابن مسعود بأن المراد: الملابس التي تلبسها المرأة، وأما ما يروى عن ابن عباس وجماعة أن المراد به: الوجه والكفان فهذا محل نظر؛ لأن بعض أهل العلم قالوا: إن المراد بذلك يعني: قبل الحجاب، مراد ابن عباس ما كان قبل الحجاب.
وقال آخرون: أن مراده بعد الحجاب، وبكل حال فقول ابن مسعود يعارض قول ابن عباس ، فإذا تعارض القولان وجب تحكيم الأدلة والرجوع إلى الأدلة، والله يقول سبحانه: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء:59] ويقول سبحانه: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [الشورى:10] فإذا رجعنا إلى كتاب الله وإلى حكمه وجدناه سبحانه يقول: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53] ومن استثنى عليه الدليل، وهكذا قوله سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ [الأحزاب:59] والجلباب: ثوب تطرحه المرأة على رأسها وبدنها للستر، ولم يستثن من ذلك الوجه.
ثالثاً: قوله سبحانه: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ [النور:31] الآية، ولم يستثن شيئاً، ومعلوم أن الوجه من الزينة بل هو أعظم الزينة، فتقرر بهذا وجوب ستر الوجه والكفين حذراً من الفتنة.
وقد يحتج بعضهم.. بعض من أجاز الوجه والكفين بحديث ضعيف رواه أبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت علي أسماء بنت أبي بكر -أختها رضي الله عنها زوجة الزبير- قالت: وعندي رسول الله ﷺ وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها النبي ﷺ وقال: يا أسماء ! إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى الوجه والكفين، قالوا: فهذا يدل على جواز إبداء المرأة وجهها وكفيها، والجواب عن هذا الحديث من وجوه:
الوجه الأول: أنه ضعيف لعدة علل: العلة الأولى أنه لم يثبت عن عائشة بل هو منقطع، لأنه من رواية خالد بن دريك عن عائشة ولم يسمع منها، والحديث المنقطع لا يحتج به بل هو ضعيف.
العلة الثانية: أن في إسناده سعيد بن بشير وهو ضعيف لا يحتج به عند أهل العلم.
العلة الثالثة: أنه من رواية قتادة عن خالد بن دريك وهو مدلس ولم يصرح بالسماع من خالد ، والمدلس إذا روى بالعنعنة لا يحتج به، هذه ثلاث علل.
وهناك علة رابعة: وهي أن الحديث لم يصرح أنه بعد الحجاب، فقد تكون هذه القضية قبل الحجاب، قبل أن ينزل الحجاب، فلهذا لو صح كان تكشف الوجه والكفين؛ لأن النساء كن قبل الحجاب يكشفن عن وجوههن وكفيهن، هكذا كان قبل الحجاب.
وعلة خامسة عندي أنها أيضاً وجيهة: وهي أنه يستغرب جداً أن تكون أسماء زوج الزبير بن العوام وهي أكبر من عائشة وقد تفقهت في الدين بنت أبي بكر الصديق تدخل على النبي ﷺ في ثياب رقاق ترى منها العورة هذا بعيد على أسماء ، فهو يدل على نكارة في المتن، وأنه منكر وغير صحيح؛ لأن تقواها لله وإيمانها بالله وتقدمها في الإسلام والهجرة، كل ذلك يقتضي أن تكون في غاية من البعد عن هذه الصفة، والله المستعان. نعم.
المقدم: نفع الله بعلمكم وجزاكم الله خيراً، إذاً الزوج الذي ينهى زوجته عن الحجاب يعد مخطئاً ولا شك؟
الشيخ: لا شك أنه غالط نسأل الله أن يهديه، قد يكون جاهلاً فيعلم، ونسأل الله له الهداية، نعم، لكن لا يلزمها طاعته إنما الطاعة في المعروف يقوله النبي ﷺ: إنما الطاعة في المعروف نعم.
أما الوجه والكفان فقد نازع بعض أهل العلم في ذلك وقال بعض أهل العلم: إنه لا يجب سترهما عن الأجانب إذا كان الوجه ليس فيه محسنات، لا مكياج ولا كحل ولا شيء من أنواع الجمال الذي تأتي به المرأة يعني المستجلب، وهكذا الكفان إذا كان ليس فيهما شيء من الحلي، قال بعض أهل العلم: إنهما ليس بعورة في هذه الحالة إذا كان الوجه ليس فيه ما يدعو إلى الفتنة من كحل أو زينة أخرى، والكفان ليس فيهما زينة أيضاً من حلي أو نحوها، هذا قول بعض أهل العلم.
والقول الآخر: أنهما أيضاً يجب سترهما عن الأجانب، وهذا هو القول الراجح، والأدلة على هذا القول كثيرة؛ لأن الوجه زينة المرأة وعنوانها، جمالاً ودمامة، فالواجب ستره إلا عن المحارم أو الخاطب الذي يريد أن ينظر إليها، فالرسول صلى الله عليه وسلم أذن للخاطب أن ينظر، وأما ما سوى ذلك فالواجب ستر الوجه والكفين حذراً من الفتنة.
ومن الأدلة على هذا قوله سبحانه: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53] وإن كانت الآية في أزواج النبي ﷺ فالحكم عام إلا بدليل يخصهن؛ ولأن العلة عامة ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53] فإذا كان أطهر لقلوب زوجات النبي ﷺ فغيرهن أحوج إلى ذلك؛ لأن أزواج النبي ﷺ أتقى لله وأكمل إيماناً ممن بعدهن، فإذا كان الحجاب أتقى لأزواج النبي ﷺ وأطهر للقلوب فما بعدهن في أشد الحاجة إلى ذلك.
ولأن الرب لم يستثن لم يقل: إلا الوجه والكفين بل أطلق، وهكذا قوله سبحانه: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِِ بُعُولَتِهِنَّ [النور:31] ولم يقل إلا الوجه والكفين بل أطلق، وأما قوله في أول الآية: إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النور:31] فقد فسره ابن مسعود بأن المراد: الملابس التي تلبسها المرأة، وأما ما يروى عن ابن عباس وجماعة أن المراد به: الوجه والكفان فهذا محل نظر؛ لأن بعض أهل العلم قالوا: إن المراد بذلك يعني: قبل الحجاب، مراد ابن عباس ما كان قبل الحجاب.
وقال آخرون: أن مراده بعد الحجاب، وبكل حال فقول ابن مسعود يعارض قول ابن عباس ، فإذا تعارض القولان وجب تحكيم الأدلة والرجوع إلى الأدلة، والله يقول سبحانه: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء:59] ويقول سبحانه: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [الشورى:10] فإذا رجعنا إلى كتاب الله وإلى حكمه وجدناه سبحانه يقول: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53] ومن استثنى عليه الدليل، وهكذا قوله سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ [الأحزاب:59] والجلباب: ثوب تطرحه المرأة على رأسها وبدنها للستر، ولم يستثن من ذلك الوجه.
ثالثاً: قوله سبحانه: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ [النور:31] الآية، ولم يستثن شيئاً، ومعلوم أن الوجه من الزينة بل هو أعظم الزينة، فتقرر بهذا وجوب ستر الوجه والكفين حذراً من الفتنة.
وقد يحتج بعضهم.. بعض من أجاز الوجه والكفين بحديث ضعيف رواه أبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت علي أسماء بنت أبي بكر -أختها رضي الله عنها زوجة الزبير- قالت: وعندي رسول الله ﷺ وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها النبي ﷺ وقال: يا أسماء ! إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى الوجه والكفين، قالوا: فهذا يدل على جواز إبداء المرأة وجهها وكفيها، والجواب عن هذا الحديث من وجوه:
الوجه الأول: أنه ضعيف لعدة علل: العلة الأولى أنه لم يثبت عن عائشة بل هو منقطع، لأنه من رواية خالد بن دريك عن عائشة ولم يسمع منها، والحديث المنقطع لا يحتج به بل هو ضعيف.
العلة الثانية: أن في إسناده سعيد بن بشير وهو ضعيف لا يحتج به عند أهل العلم.
العلة الثالثة: أنه من رواية قتادة عن خالد بن دريك وهو مدلس ولم يصرح بالسماع من خالد ، والمدلس إذا روى بالعنعنة لا يحتج به، هذه ثلاث علل.
وهناك علة رابعة: وهي أن الحديث لم يصرح أنه بعد الحجاب، فقد تكون هذه القضية قبل الحجاب، قبل أن ينزل الحجاب، فلهذا لو صح كان تكشف الوجه والكفين؛ لأن النساء كن قبل الحجاب يكشفن عن وجوههن وكفيهن، هكذا كان قبل الحجاب.
وعلة خامسة عندي أنها أيضاً وجيهة: وهي أنه يستغرب جداً أن تكون أسماء زوج الزبير بن العوام وهي أكبر من عائشة وقد تفقهت في الدين بنت أبي بكر الصديق تدخل على النبي ﷺ في ثياب رقاق ترى منها العورة هذا بعيد على أسماء ، فهو يدل على نكارة في المتن، وأنه منكر وغير صحيح؛ لأن تقواها لله وإيمانها بالله وتقدمها في الإسلام والهجرة، كل ذلك يقتضي أن تكون في غاية من البعد عن هذه الصفة، والله المستعان. نعم.
المقدم: نفع الله بعلمكم وجزاكم الله خيراً، إذاً الزوج الذي ينهى زوجته عن الحجاب يعد مخطئاً ولا شك؟
الشيخ: لا شك أنه غالط نسأل الله أن يهديه، قد يكون جاهلاً فيعلم، ونسأل الله له الهداية، نعم، لكن لا يلزمها طاعته إنما الطاعة في المعروف يقوله النبي ﷺ: إنما الطاعة في المعروف نعم.