بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد: فالطلاق ينبغي للمؤمن أن لا يعجل فيه، فقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: أبغض الحلال إلى الله الطلاق فينبغي للمؤمن أن لا يعجل في الطلاق ويتثبت، وألا يطلق إلا عن روية وعن رغبة في الطلاق؛ لأنها قد طابت نفسه من المرأة، ورأى أن الأصلح طلاقها، فيطلقها على بصيرة، وإذا طلق فليطلق واحدة فقط، لا يزيد على طلقة واحدة، هذا هو السنة، لكن إذا كان الطلاق في حال شدة الغضب الذي يمنعه من التعقل وضبط نفسه بسبب طول النزاع بينه وبينها والمسابة والمشاتمة أو المضاربة، فإذا تحقق شدة الغضب الناشئ عن أمر واضح من مسابة ومشاتمة أو مضاربة أو أشباه ذلك مما يعلم منه شدة الغضب وعدم استطاعته أن يملك نفسه في هذا المقام فإن هذا على الأصح لا يقع؛ لأنه في هذه الحالة أشبه شيء بالمعتوه والمجنون فلا يقع طلاقه، أما الغضب العادي الذي تجري العادة به بين الناس ليس بغضب شديد قد توافرت أسبابه وشدته؛ فإن هذا يقع معه الطلاق، وإذا كان طلقة واحدة راجعها وشهد اثنين، يقول: اشهد يا فلان وفلان أني راجعت زوجتي، أو رددت زوجتي، أو أمسكت زوجتي ونحو ذلك، هذه السنة؛ لأن الله قال: وَأَشْهِدُوا ذَوَي عَدْلٍ مِنْكُمْ [الطلاق:2] وهذا في الطلاق والرجعة، فيشهد على ذلك اثنين أنه راجعها، وإن طابت نفسه منها أشهد اثنين على أنه طلقها، ثم هكذا إذا طلقها الثانية إن كان عن رغبة في الطلاق أو غضب عادي ليس بشديد فهذا تقع الثانية أيضاً وله مراجعتها، فيشهد اثنين أنه راجعها إذا رغب في ذلك، هذا هو السنة، فإن اشتد الغضب معه شدة واضحة بسبب أسباب اقتضت ذلك من مضاربة أو مسابة أو مشاتمة أو نحو ذلك مما يكون معه الغضب شديداً يعجز المرء عن ضبط نفسه فلا يقوى بسبب ما غلب عليه من الغضب، فإنه في هذه الحال يشبه بالمعتوه والمجنون فلا يقع الطلاق، ثم تبقى الطلقة الثالثة، إذا وقعت الطلقتان الأوليان فالطلقة الأخيرة تحرمها إلا بعد زوج، إذا وقع قبلها طلقتان فإن الطلقة الأخيرة هي المحرمة لها حتى تنكح زوجاً غيره.
فالمؤمن يحاسب نفسه في هذه الأمور ويتقي الله ، فإذا وقع منه الطلاق عن طيب نفس ورغبة في الطلاق أو في غضب عادي فإنه يحتسب عليه، وتعتبر المرأة طالقاً طلقة واحدة، ثم هكذا الثانية ثم هكذا الثالثة على حسب ما يقع من العبد، وهناك أمور أخرى قد يقع فيها الطلاق وهي: حال الحيض، حال النفاس، حال الطهر الذي جامعها فيه.
قد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه في هذه الحالة لا يقع الطلاق، بل هو طلاق بدعي منكر لا يجوز، فليس للمسلم أن يطلق في الحيض ولا في النفاس، ولا في طهر جامعها فيه؛ لما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض، فأنكر عليه النبي ﷺ، وأمره أن يراجعها، وأن يمسكها حتى تحيض ثم تطهر ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء طلق قبل أن يمس، وإن شاء أبقاها وفي لفظ قال له: فإذا طهرت فليطلقها طاهراً أو حاملاً يعني: قبل أن يمسها، وقرأ قوله تعالى: يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطلاق:1] هذا هو الطلاق للعدة أن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه، أو في حال حملها.
بعض العامة يظن أن طلاق الحامل لا يقع، وهذا غلط، طلاق الحامل شرعي يقع، إنما الذي فيه الخلاف طلاق الحائض والنفساء، أو طلاق المرأة التي هي طاهر قد جامعها وليست حاملاً، هذا هو محل الخلاف، والأكثرون من أهل العلم على أنه يقع الطلاق، الأكثرون من العلماء على أنه يقع الطلاق في حال الحيض، في حال النفاس، في حال الطهر الذي جامعها فيه، مثل حال الحامل، وذهب قوم من أهل العلم إلى أنه لا يقع لكونه طلاقاً منكراً لم يوافق الشرع فلا يقع؛ لكون النبي أنكره عليه الصلاة والسلام، وحذر الأمة منه، وأمر من طلق أن يمسك حتى تحيض ثم تطهر، ثم تحيض حيضة أخرى ثم تطهر، ثم إن شاء طلق وإن شاء أمسك، وهذا القول الذي قاله بعض أهل العلم أظهر في الدليل وأرجح في الدليل، ولكن يجب على المؤمن أن يحذر الطلاق في هذه الأمور، فإنه إذا طلق في حال الحيض فقد أثم، أو طلق في النفاس فقد أثم، وهكذا إذا طلقها في طهر جامعها فيه لا يجوز، فعليه التوبة من ذلك وأن لا يعود إلى ذلك، أما الوقوع فقد عرفت أن الأكثرين على أنه يقع، وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أنه لا يقع، منهم ابن عمر ، فإنه ثبت عنه أنه استفتي في ذلك، فقال: «لا يعتد بها ». وهكذا جاء معنى ذلك عن طاوس التابعي الجليل وعن خلاس بن عمرو الهجري التابعي الجليل، وذهب إليه جمع من أهل العلم، فينبغي للمؤمن أن يحذر التساهل في هذه الأمور، وأن يحفظ لسانه عن الطلاق إلا عند الحاجة إليه والرغبة فيه في حال طهر لم يجامعها فيه أو في حال الحمل، هذا هو الطلاق الشرعي، أما طلاقها في حيض أو في نفاس أو في طهر جامعها فيه فهذا لا يجوز، والواجب التوبة من ذلك والحذر من ذلك وعدم العود إليه، والله المستعان. نعم.
المقدم: لكن صاحبنا هذا يظهر أن طلقته هذه تحتسب طلقة واحدة؛ لأنه من كلامه يقول: قال لحماته: ابنتك هذه طالقة، ثم يذكر بأنه باشرها بعد ذلك.
الشيخ: هي المقصود أنه إذا كان الطلاق لم يستحكم عليه ولم يشتد معه الغضب بسبب نزاع جرى بينهم أو مضاربة أو مسابة فإن الطلقة تحسب عليه، ويكون جماعه رجعة لها، يكون جماعه رجعة لها. نعم.
المقدم: جزاكم الله خير، وبارك الله فيكم.
أما بعد: فالطلاق ينبغي للمؤمن أن لا يعجل فيه، فقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: أبغض الحلال إلى الله الطلاق فينبغي للمؤمن أن لا يعجل في الطلاق ويتثبت، وألا يطلق إلا عن روية وعن رغبة في الطلاق؛ لأنها قد طابت نفسه من المرأة، ورأى أن الأصلح طلاقها، فيطلقها على بصيرة، وإذا طلق فليطلق واحدة فقط، لا يزيد على طلقة واحدة، هذا هو السنة، لكن إذا كان الطلاق في حال شدة الغضب الذي يمنعه من التعقل وضبط نفسه بسبب طول النزاع بينه وبينها والمسابة والمشاتمة أو المضاربة، فإذا تحقق شدة الغضب الناشئ عن أمر واضح من مسابة ومشاتمة أو مضاربة أو أشباه ذلك مما يعلم منه شدة الغضب وعدم استطاعته أن يملك نفسه في هذا المقام فإن هذا على الأصح لا يقع؛ لأنه في هذه الحالة أشبه شيء بالمعتوه والمجنون فلا يقع طلاقه، أما الغضب العادي الذي تجري العادة به بين الناس ليس بغضب شديد قد توافرت أسبابه وشدته؛ فإن هذا يقع معه الطلاق، وإذا كان طلقة واحدة راجعها وشهد اثنين، يقول: اشهد يا فلان وفلان أني راجعت زوجتي، أو رددت زوجتي، أو أمسكت زوجتي ونحو ذلك، هذه السنة؛ لأن الله قال: وَأَشْهِدُوا ذَوَي عَدْلٍ مِنْكُمْ [الطلاق:2] وهذا في الطلاق والرجعة، فيشهد على ذلك اثنين أنه راجعها، وإن طابت نفسه منها أشهد اثنين على أنه طلقها، ثم هكذا إذا طلقها الثانية إن كان عن رغبة في الطلاق أو غضب عادي ليس بشديد فهذا تقع الثانية أيضاً وله مراجعتها، فيشهد اثنين أنه راجعها إذا رغب في ذلك، هذا هو السنة، فإن اشتد الغضب معه شدة واضحة بسبب أسباب اقتضت ذلك من مضاربة أو مسابة أو مشاتمة أو نحو ذلك مما يكون معه الغضب شديداً يعجز المرء عن ضبط نفسه فلا يقوى بسبب ما غلب عليه من الغضب، فإنه في هذه الحال يشبه بالمعتوه والمجنون فلا يقع الطلاق، ثم تبقى الطلقة الثالثة، إذا وقعت الطلقتان الأوليان فالطلقة الأخيرة تحرمها إلا بعد زوج، إذا وقع قبلها طلقتان فإن الطلقة الأخيرة هي المحرمة لها حتى تنكح زوجاً غيره.
فالمؤمن يحاسب نفسه في هذه الأمور ويتقي الله ، فإذا وقع منه الطلاق عن طيب نفس ورغبة في الطلاق أو في غضب عادي فإنه يحتسب عليه، وتعتبر المرأة طالقاً طلقة واحدة، ثم هكذا الثانية ثم هكذا الثالثة على حسب ما يقع من العبد، وهناك أمور أخرى قد يقع فيها الطلاق وهي: حال الحيض، حال النفاس، حال الطهر الذي جامعها فيه.
قد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه في هذه الحالة لا يقع الطلاق، بل هو طلاق بدعي منكر لا يجوز، فليس للمسلم أن يطلق في الحيض ولا في النفاس، ولا في طهر جامعها فيه؛ لما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض، فأنكر عليه النبي ﷺ، وأمره أن يراجعها، وأن يمسكها حتى تحيض ثم تطهر ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء طلق قبل أن يمس، وإن شاء أبقاها وفي لفظ قال له: فإذا طهرت فليطلقها طاهراً أو حاملاً يعني: قبل أن يمسها، وقرأ قوله تعالى: يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطلاق:1] هذا هو الطلاق للعدة أن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه، أو في حال حملها.
بعض العامة يظن أن طلاق الحامل لا يقع، وهذا غلط، طلاق الحامل شرعي يقع، إنما الذي فيه الخلاف طلاق الحائض والنفساء، أو طلاق المرأة التي هي طاهر قد جامعها وليست حاملاً، هذا هو محل الخلاف، والأكثرون من أهل العلم على أنه يقع الطلاق، الأكثرون من العلماء على أنه يقع الطلاق في حال الحيض، في حال النفاس، في حال الطهر الذي جامعها فيه، مثل حال الحامل، وذهب قوم من أهل العلم إلى أنه لا يقع لكونه طلاقاً منكراً لم يوافق الشرع فلا يقع؛ لكون النبي أنكره عليه الصلاة والسلام، وحذر الأمة منه، وأمر من طلق أن يمسك حتى تحيض ثم تطهر، ثم تحيض حيضة أخرى ثم تطهر، ثم إن شاء طلق وإن شاء أمسك، وهذا القول الذي قاله بعض أهل العلم أظهر في الدليل وأرجح في الدليل، ولكن يجب على المؤمن أن يحذر الطلاق في هذه الأمور، فإنه إذا طلق في حال الحيض فقد أثم، أو طلق في النفاس فقد أثم، وهكذا إذا طلقها في طهر جامعها فيه لا يجوز، فعليه التوبة من ذلك وأن لا يعود إلى ذلك، أما الوقوع فقد عرفت أن الأكثرين على أنه يقع، وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أنه لا يقع، منهم ابن عمر ، فإنه ثبت عنه أنه استفتي في ذلك، فقال: «لا يعتد بها ». وهكذا جاء معنى ذلك عن طاوس التابعي الجليل وعن خلاس بن عمرو الهجري التابعي الجليل، وذهب إليه جمع من أهل العلم، فينبغي للمؤمن أن يحذر التساهل في هذه الأمور، وأن يحفظ لسانه عن الطلاق إلا عند الحاجة إليه والرغبة فيه في حال طهر لم يجامعها فيه أو في حال الحمل، هذا هو الطلاق الشرعي، أما طلاقها في حيض أو في نفاس أو في طهر جامعها فيه فهذا لا يجوز، والواجب التوبة من ذلك والحذر من ذلك وعدم العود إليه، والله المستعان. نعم.
المقدم: لكن صاحبنا هذا يظهر أن طلقته هذه تحتسب طلقة واحدة؛ لأنه من كلامه يقول: قال لحماته: ابنتك هذه طالقة، ثم يذكر بأنه باشرها بعد ذلك.
الشيخ: هي المقصود أنه إذا كان الطلاق لم يستحكم عليه ولم يشتد معه الغضب بسبب نزاع جرى بينهم أو مضاربة أو مسابة فإن الطلقة تحسب عليه، ويكون جماعه رجعة لها، يكون جماعه رجعة لها. نعم.
المقدم: جزاكم الله خير، وبارك الله فيكم.