لا يختلف الدفن في مكة عن غيرها

س: هل يختلف الدفن في مكة عن أي بلد آخر؟ وهل فيه زيادة حسنات ودرجات للميت؟

ج: لا يختلف الدفن في مكة عن غيرها، فالدفن في جميع البلدان واحد، وهو أن يحفر للميت قدر نصف قامة الرجل، ويلحد له في الجانب القبلي، ويوضع على جنبه الأيمن، ثم يوضع عليه اللبن وتسد المنافذ بالطين، ثم يهال عليه التراب، كما فعل الصحابة بالنبي ﷺ، ومن هذا قول سعد بن أبي وقاص : إذا أنا متُّ فألحدوا لي لحدًا وانصبوا عليَّ اللبن نصبًا كما صنع برسول الله ﷺ[1] أخرجه مسلم في صحيحه.
والسنة أن يدفن الإنسان في بلده، ولا ينقل إلى مكة ولا إلى غيرها، كما فعل أصحاب النبي ﷺ، فإن بعضهم مات بالكوفة، وبعضهم مات بالشام، وبعضهم مات في البصرة، وبعضهم مات في غيرها، ولم ينقلوا إلى مكة وإلى المدينة، ولم يوصوا بذلك .
والسبب في ذلك: أن المعول في ذلك على العمل لا على الأماكن، وأيضًا لما في النقل من المشقة من دون سبب شرعي يقتضي ذلك. ولو كان النقل مشروعًا لأوصى به النبي ﷺ، ولو فعل ذلك لنقله الصحابة وبيَّنوه؛ لأنهم قد نقلوا سنته، وأوضحوا ما شرع الله لعباده من أقواله ﷺ وأفعاله، وتقريراته. والخير كله في اتباع رسول الله ﷺ وأصحابه كما قال الله : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الممتحنة:6] وقال سبحانه: وَالسَّابِقُونََ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدََّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة:100] والله ولي التوفيق[2].
  1. رواه الإمام أحمد في (مسند العشرة المبشرين بالجنة) مسند سعد بن أبي وقاص برقم (1453)، ومسلم في (الجنائز) باب في اللحد ونصب على الميت برقم (966).
  2. استفتاء مقدم من (مجلة الدعوة) أجاب عليه سماحته في 24/12/1418 هـ. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 13/ 215).
فتاوى ذات صلة