سماحة الشيخ نبدأ أولًا برسالة عبد الرحمن بن عبد العزيز الحميضي من بلدة القصب، الوشم.
يقول المستمع عبد الرحمن: السلام عليكم ورحمة الله، إنني أبعث إليكم هذه الرسالة، وأرجو من الله العزيز أن تصلكم وأنتم بخير وعافية، وتتضمن رسالتي هذه استفسارًا عن كتاب "الدلائل الواضحات على تحريم المسكرات والمفترات"، ويقول: فلقد قرأته وأعجبت به، ولكن لفت نظرنا في هذه الصور المرفقة برسالتي - هو أرفق ثمان صفحات في رسالته هذه سماحة الشيخ- من هذا الكتاب الذي اسمه أعلاه، وبخاصة ما ذكر من مضار الدخان، ومنها أن صاحبه إذا مات ولم يتب منه فإن وجهه يصرف عن القبلة، فإذا كان الكتاب وما فيه تنصحنا بقراءته فأرجو من كل إنسان وبخاصة الذين يشربون الدخان هذا، وأكتب رسالتي من أجله، والله يحفظكم ويرعاكم والسلام عليكم ورحمة الله.
ويقول: أرجو من فضيلة الشيخ التعليق على مضار الدخان كما هو موضح في هذه الصور، والصورة يا سماحة الشيخ لا أستطيع عرضها في هذا المقام لأنها ثمان صفحات، لكني لخصت ما كتبه المؤلف في الأمور التالية:
يقول: إن الدخان يجامع الحشيش في كثير من المفاسد والمضار، وينفرد كل منهما بمضار، فالدخان يفسد العقل، وأنه يسكر، وأنه يخدر، ويفتر، وأنه يورث الذلة والمهانة، ويهدم الشرف والمروءة، وأنه يفسد المزاج، وأنه يفسد العقل ويورث الحمق والرعونة، وأنه يورث قلة الغيرة، وأنه يصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وأنه يضر بالصحة، وأنه يورث موت الفجأة، وأنه سببٌ لسوء الخاتمة، وقد ضرب قصصًا رويت له من بعض الناس، وأنه يكون سببًا لصرف الميت عن القبلة قبل دخول القبر وبعده، وأنه يسود القلب، نرجو كما يرجو عبد الرحمن أن تعلقوا على هذا.
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد:
فأقول أولًا: إن المؤلف وهو أخونا العلامة الشيخ حمود بن عبد الله التويجري إنما يكتب عن علم وعن بصيرة، وعن سؤال أهل الخبرة في هذه المسائل وأشباهها، والدخان بلا شك مضاره كثيرة، وعواقبه وخيمة، وقد أخبر الأطباء الذين درسوه وعرفوه عن مضاره الكثيرة، كما أخبر من يعتاد شربه عن مضار أخرى كثيرة، فهو بلا شك ذو مضار كثيرة جدًا، منها:
أنه يسبب موت الفجأة موت السكتة، ومنها كما ذكر جماعة من الأطباء أنه يسبب مرض السرطان والعياذ بالله.
ومنها: أنه قد يفضي إلى الإسكار إذا أبطأ عنه صاحبه ثم شربه قد يتأثر به ويسكر.
ومنها: أنه إذا أكثر منه قد يتضرر بذلك أكثر من جهة السكر والتخدير الكثير.
هذه أشياء معلومة قد أخبرنا بها الكثير من الأطباء، وكتب فيها الناس، ومن ذلك: أنه يسبب أيضًا سواد القلب، فإن المعاصي تسود القلب كما في الحديث الصحيح عن النبي ﷺ أن العبد إذا أذنب نكتت في قلبه نكتة سوداء، فإن تاب وأناب صقلت، وإن أذنب مرة أخرى صارت نكتة أخرى سوداء، وهكذا إذا تاب عن المعاصي، تكون نكت كثيرة في القلب حتى يسود القلب وحتى يظلم، وحتى لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا، وهذا ليس خاصًا بالدخان بل يعم جميع المعاصي.
فالدخان له مضار كثيرة، ومنها: أنه مضر بالصحة ضررًا كثيرًا، ومتلف للمال ومضيع للمال في غير حق وبغير فائدة، فهو بحق ذو مضار كثيرة ينبغي للعاقل أن يحذره وأن يتباعد عنه، فإنه مضر بصحته.. مضر بسمعته.. مضر بعقله، مضر بآخرته، فإنه قد يسبب كثيرًا من الشرور، ويسبب كثيرًا من الضيق والقلق والغضب الكثير وسرعة الانفعال، فينبغي للمؤمن أن يبتعد عنه، وأن يحذره غاية الحذر.
ثم هو أيضًا يسبب مضرة الذرية، فإن الذرية يتأسون بأبيهم وأجدادهم وإخوانهم، فإذا تعاطاه الإنسان فإنه بذلك يسبب تعاطي ذريته لهذا الخبيث، وأن يصبحوا أسرى لشره وأضراره الكثيرة.
وقد أخبر كثير من الناس أن شاربه قد يصرف عن القبلة كما ذكر الشيخ حمود، وهذه وقائع توجب الحذر، فإن اطلاع الناس على بعض الوقائع وإخبارهم عنها يسبب الحذر، ويقتضي الحذر من هذا الشيء الذي أخبر عنه من شاهده ومن وقع له أنه اقتضى كذا وكذا مما يضر العبد، فصرفه عن القبلة أخبر به بعض من شاهد المدخنين، ولا يلزم من ذلك أن يكون كل مدخن بهذه المصيبة، لكن هذا يقتضي أن هذا الأمر قد يسبب هذه الحالة المنفرة، كونه أن يصرف عن القبلة في حال بعد موته قبل أن يدفن وبعد أن يدفن، هذا لا شك يوجب الحذر منه ويوجب كراهة تعاطيه؛ لأنه مشتمل على المضار الكثيرة التي هذه منها.
والحاصل أنه محرم بلا شك، ويجب تركه بلا شك لمضاره الكثيرة، أما تعدادها فيحتاج إلى عناية من الأطباء وبصيرة ممن اعتاده فإنه أعلم به وأقدر على تعداد مضاره، الأطباء والذين ابتلوا بشربه والاكتياء بشره وناره هم أعلم الناس بمضاره الكثيرة.
فنصيحتي لكل مسلم: أن يحذر هذا الخبيث، وأن يتباعد عنه، كما أني أنصح أن يحذر كل مسلم جميع المسكرات، جميع أنواع الخمور، جميع أنواع التدخين، جميع أنواع المفترات، وهكذا الحشيشة فإن مضارها كثيرة وخبيثة فيجب الحذر منها غاية، فهذه الأمور التي ذكرها السائل وذكرها الشيخ حمود في الكتاب يجب على المؤمن أن يتباعد عنها حفظًا لصحته، وحفظًا لعقله، وحفظًا لشرفه، وابتعادًا عن المضار التي تضر دينه وعقله وبدنه وسمعته وذريته، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.
المقدم: أثابكم الله.