الجواب: قد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه كان يصلي في تهجده بالليل بعض الأحيان وهو قاعد، وفي بعض الأحيان يصلي وهو قائم عليه الصلاة والسلام، فهذا يدل على جواز أداء النافلة قاعداً؛ لأن الله قال: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21]؛ ولأن النافلة مرغب فيها وفيها أجر عظيم، فمن رحمة الله أن وسع فيها حتى يصلي الإنسان ما تيسر، وحتى يستكثر من النوافل قاعداً وقائماً، أما الفريضة فلا يجوز الجلوس فيها إلا من عذر؛ لأن الله قال: وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238]، وقال النبي ﷺ لـعمران بن حصين لما سأله عن ذلك، قال: صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب، وهذا في الفريضة، وهذا رواه البخاري في الصحيح، وفي رواية النسائي: فإن لم تستطع فمستلقياً، هذا حكم الفريضة، فالواجب على المسلمين أن يصلوها قياماً مع القدرة رجالاً ونساء، فمن عجز عن ذلك لمرض صلى قاعداً، أو لشبه مرض مثل مسجون في محل سقفه قصير لا يستطيع القيام فيه ولا يستطيع الخروج منه فإنه يصلي على حسب حاله فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، فإن عجز عن القعود صلى على جنبه والأفضل الأيمن، فإن عجز عن الصلاة على جنب صلى مستلقياً ويومئ إيماءً ويأتي بالأذكار الشرعية، ويأتي بالأفعال بالنية، فيكبر، ويستفتح، ويقرأ الفاتحة، يستفتح ويتعوذ ويبسمل ويتعوذ ويقرأ الفاتحة وما تيسر معها، ثم يكبر ناوياً الركوع وهو على حاله مستلقياً أو على جنبه، يكبر ناوياً الركوع ويقول: سبحان ربي العظيم.. سبحان ربي العظيم.. سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، ثم يرفع إذا كان مفرداً يقول: (سمع الله لمن حمده) ناوياً الرفع من الركوع وهو على حاله مستلقياً أو على جنبه، ثم يأتي بالذكر المشروع: ربنا ولك الحمد.. إلى آخره، ثم يكبر ناوياً السجود ويقول: سبحان ربي الأعلى.. سبحان ربي الأعلى.. إلى آخره، فيأتي بالأقوال ويأتي بالأفعال بالنية، الأقوال بلفظها والأذكار كذلك والدعوات، ويأتي بالأفعال بالنية نية الركوع، نية السجود، نية الجلوس هكذا، أما النافلة فأمرها بحمد الله موسع، إن صلى قائماً فهو أفضل، وإن صلى قاعداً فهو على النصف من أجر القائم، إذا كان قادراً وصلى جالساً في النافلة فصلاته صحيحة ولكنه على النصف من صلاة القائم، كما جاءت به السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام. نعم.
الخميس ١٩ / جمادى الأولى / ١٤٤٦