الجواب:
على كل حال الواجب على أهل العلم، وعلى الإخوان فيما بينهم التناصح والتعاون على البر والتقوى، وإذا أمكن أن ينصح الإنسان بخلوة مع نفسه ما دام ما أعلن، فينبغي أن ينصح في نفسه، وأن يتصل به من بعض إخوانه في نفسه من غير شهرة بين الناس؛ لأنه لما سمع الكلام ظن أنه مقصود؛ فلهذا تغير.
فالمقصود: أن مثل هذا ما دام الرجل لم يعلن المعاصي، ولم تظهر منه؛ فينبغي أن تكون نصيحته سرًّا بينك وبينه؛ حتى لا يظن أنه متهم بين الناس، وأنه معروف بالمنكر بين الناس، وهو لم يفعل ذلك، ولم يعلنه، ولم يظهره، ولكن إنما هي تهمة وظن قد يكون ظن سوء، فينبغي للمؤمن في مثل هذه الأمور أن تكون نصيحته سرية بينه وبين أخيه؛ لعل الله ينفعه بذلك، فإن النصيحة السرية لها أثر عظيم.
أما إذا أظهر المنكر ينكر عليه جهرة لا بأس، إذا عرف بهذا المنكر، تأخر عن الصلوات، أو تعاطى المسكرات جهرة، حلق لحيته -حلق اللحية معروف ظاهر- وما أشبه ذلك، الشيء الظاهر ينكر ظاهرًا، أما ما يظن ظنًا فينبغي أن تكون بينك وبينه، وأن تستعمل العبارات الحسنة: إني أخشى كذا، وقد بلغني كذا، تقول له العبارات المناسبة. فينبغي لك إن كنت تفعل هذا الشيء أن تقلع منه، وأن تحذره يا أخي، وأن تخاف ربك وتراقبه، وما أشبه هذا من الكلام الذي يكون محل عناية، ولعله يؤثر عليه أثرًا كبيرًا؛ لأنك نصحته سرًا وخلوت به، وزرته في محله أو في محل خاص ترجو أن الله ينفع بذلك، أما الإعلان مع عدم ظهور المعاصي، وعدم ظهور البدع؛ فهذا يخشى منه الرد الذي لا يناسب، يعني يخشى منه العكس.