الجواب:
هذا ثبت في الحديث الصحيح أنه في المدينة بعدما استقر الوحي، واستقرت الرسالة، وقامت دلائل النبوة، وصدق الرسالة، ونصره الله على المشركين، وأذلهم، تعرض له بعض اليهود، يقال له: لبيد بن الأعصم، تعرض له بعض اليهود بأشياء؛ صار يخيل إليه أنه فعل بعض الشيء ولم يفعله، ولكن لم يزل -بحمد الله- لا عقله، ولا شعوره، ولا تمييزه، بل يحدث الناس ويكلم الناس، لكن إن أحس بشيء؛ أثر عليه بعض الأثر، كما قالت عائشة -رضي الله عنها-: إنه كان ربما يخيل إليه أنه فعل الشيء في البيت مع أهله، ولم يفعله، فجاءه الوحي من ربه بطريق جبرائيل، وأخبروه بما وقع، فبعث من استخرج ذلك الشيء من بئر في محل الأنصار، وأزيل، وزال عنه ذلك بحمد الله، ولم يترتب على ذلك شيء مما يضر الناس، أو يخل بالرسالة، أو بالوحي، والله -جل وعلا- عصمه من الناس كما أخبر مما يمنع من الرسالة، وتبليغ الرسالة.
أما ما يصيب الرسل -كما أصاب من قبله- فقد أصابه مثل ما أصاب من قبله، وقد جرح يوم أحد، وكسرت البيضة على رأسه، ودخلت حلقات المغفر في وجنته -عليه الصلاة والسلام- وسقط في بعض الحفر التي هناك، وقد ضيقوا عليه في مكة تضيقًا شديدًا، وآذوه أذى كثيرًا، فقد أصابه شيء مما كتب الله عليه، ورفع الله به درجاته، وأعلى به مقامه، وضاعف في حسناته، ولكن الله عصمه منهم، فلم يمنعه من تبليغ الرسالة، ولم يقتلوه، ولم يحولوا بينه وبين الرسالة، بل بلغ الرسالة، وأدى الأمانة عليه الصلاة والسلام.