الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مسئولية الجميع

السؤال الأول:

أحد الإخوة يقول: العلماء تحدثوا إلى الناس فهم مؤتمنون على قولهم، ومن ضمن ما قالوا: إننا في دولة تشجع على الأمر بالمعروف، وتعزز الآمرين، فهل لك أن تقول لي: ما دور تلك الهيئات، وما موقفها من المنكرات الظاهرة؟ أليس النساء يخرجن متبرجات، ومع أجانب يتكرر هذا المشهد كل يوم، فأين الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، إلى آخر ما ورد بسؤاله الطويل؟! 

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صل، وسلم على رسوله، وعلى آله وأصحابه، أما بعد:

فلا شك أن سؤال هذا السائل وارد، وأن المنكرات موجود الكثير منها، وأن المقام يحتاج إلى عناية تامة، وإلى جهود مكثفة من المسؤولين؛ للقضاء على هذه الشرور التي برزت بين الناس، بسبب كثرة الاختلاط، ووجود من لا يؤمن بالله، واليوم والآخر بين الناس، بسبب اختلاط الكفار بالمسلمين، والعصاة بغيرهم، وغلبة الجهل، وضعف الوازع الإيماني، والسلطاني، كثرت الشرور. 

ولا شك أن الواجب على الهيئات واجب عظيم، وأنها مسؤولة عن تقصيرها في إزالة المنكرات، وأن على ولاة الأمور أن يحاسبوها، وأن يساعدوها؛ حتى تقوم بواجبها، وهي لا شك تبذل شيئًا من الواجب، ولكن الواجب عليها أكبر، فالواجب أن تحرض، وتساعد، وتعان من ولاة الأمور، ومن أعيان المسلمين بالزيارة للمسؤولين عن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وتشجيعهم، وبيان ما قد يقع في بعض الحارات، أو في بعض الأحياء من الشرور التي تحتاج إلى تعاون.

فإن رؤساء المراكز ليس عندهم علم الغيب، وليس عندهم القدرة الكافية في إزالة هذه المنكرات، ولكن هم في حاجة إلى التعاون من الأهالي، وسكان الأحياء، يزورون المركز، ويساعدون في القضاء على الشرور، ويشرحون له ما قد يقع عندهم مما قد يخفى عليه، وهكذا رئيس الهيئة المسؤول في كل بلد يزار، ويعاون على إنكار المنكر، وعلى القضاء على الفساد، ويشجع، ويبلغ عما قد يخفى عليه، هذا كله من باب التعاون على البر، والتقوى، والتواصي بالحق، والصبر عليه. 

وعلى أيضًا العلماء أن يقوموا بواجبهم مع ولاة الأمور؛ ليعززوا جانب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ويساعدوه بما قد يحتاج إليه، أو ينقصه من الرجال، أو غير هذا.

إذا تعاون هؤلاء، وهؤلاء؛ كثر الخير، وانتشر الحق، واختفى الباطل، أو أكثره، وإذا تساهل الناس، وتغافلوا، وجعلوا الأمر على غيرهم، والحبل على غيرهم، ولم يساعدوا ولاة الأمور، ولم يساعدوا القائمين بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر؛ فإن هذا يسبب انتشار الباطل، وكثرة الشر. 

فالواجب على الجميع في كل حي، وفي كل بلد، وفي كل قرية أن يساعدوا الهيئات، وأن يكونوا في صف الهيئات، وأن يبلغوهم ما قد يقع، وأن يعينوهم على إزالة الشر حسب الطاقة، والإمكان، فولاة الأمور -ولله الحمد- عندهم استجابة لنداء الحق، فإذا بلغوا ما يجب، ووضح لهم الأمر؛ فهم يساعدون على إزالة الشر، وعلى إقامة الحق.

والنقص لا بدّ منه، لا في هؤلاء، ولا في هؤلاء، ولكن على الجميع التعاون على البر والتقوى، وعلى إزالة النقص، أو تخفيفه، لا من ولاة الأمور، ولا من القائمين على الهيئة، ولا من عامة الناس، وأعيان الأمة، لا بدّ من التعاون، لا بدّ من التعاون في كل شيء، ولا بدّ من التواصي بالحق. 

فتاوى ذات صلة