الجواب:
الله يبتلي الناسَ بالسّراء والضّراء: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ [العنكبوت:2-3]، يبتليهم بالسراء والضراء، بالشدة والرخاء، بشرعية بعض الأحكام ثم نسخها.أما في الشريعة: فشرع القبلة إلى بيت المقدس، ثم نسخ ذلك، حتى يتبين مَن يتبع الحقَّ ممن يُصرُّ على الباطل، فالمسلمون تابعوا الحقَّ، وانقادوا للحقِّ، واستقبلوا القبلةَ، واليهود والنَّصارى أبوا وبقوا على ضلالهم، فاتَّضح أمرهم وباطلهم.
وهكذا في الأحكام الأخرى، إذا شرع سبحانه حكمًا ثم نسخه؛ يتبين مَن ينقاد للحقِّ ممن لا ينقاد للحقِّ، وهكذا إذا بيَّن الحكم لشخصٍ وخفي على شخصٍ آخر؛ يتبين الصَّادق في طلب الحكم، طلب الدليل، وإزالة الجهل ممن يرضى بجهله وغفلته ويُعرض.
وهكذا الشدّة والرخاء: بعض الناس في الرخاء يكون طيبًا، يستقيم، ولكن في الشدّة إذا جاء المرضُ أو جاء الفقرُ يضلّ عن الطريق ولا يصبر، فيجزع ويتسخط ويعصي، هذا في الشدة هلك.
وبعض الناس لا،ـ يستقيم في الشدة والرخاء، في السراء والضراء، يستقيم على طاعة الله ورسوله، ويتحمل، ولا تضله السّراء، ولا تضله الضراء، بل يستقيم في السراء ويشكر الله، وفي الضَّراء يصبر، كما قال النبيُّ ﷺ: عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كلَّه له خير، إن أصابته ضرَّاء صبر فكان خيرًا له، وإن أصابته سرَّاء شكر فكان خيرًا له ...، الاختبار والامتحان إما بالعلم والجهل، وإما بالشدة والرخاء، والسراء والضراء، وإما بشرع بعض الأحكام، كما في القبلة، وإما بغير هذا من أنواع الفتن: كأن يُسلط عليه بعض الناس يُؤذونه، فإما أن يصبر ويُعالج الأمور بالحكمة، وإما ألا يصبر، فالبلاء يتنوع، والسراء تتنوع.