الجواب:
أنصحك بأن تقوم من الليل ما تيسر، فهو دأب الصالحين قبلنا، وهو خلق النبي ﷺ، وخلق الأخيار من عباد الله، كما قال جلَّ وعلا في وصف عباد الرحمن في سورة الفرقان: وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا [الفرقان:64] يبيتون، وقال فيهم أيضًا: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ المضاجع: المراقد يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [السجدة:16- 17]، يتركون المضاجع للتَّهجد؛ خوفًا من الله، وطمعًا في ثوابه، ويُنفقون أيضًا من أموالهم، مع الصلاة والعبادة يُنفقون في وجوه الخير، ويُواسون الفقراء والمحاويج، ويُساعدون الفقراء من طلبة العلم، ويسعون في كل خيرٍ بالنفقة التي يستطيعونها، وقال جلَّ وعلا: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا [المزمل:1- 4]، وقال في وصف المتَّقين في سورة الذاريات: كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الذاريات:17- 18].
فعليك بخُلق الرسول ﷺ وخلق الأخيار، ولو قليلًا، أقلّه ركعة بعد العشاء، بعد صلاة العشاء صلِّ ما يسَّر الله، بعد راتبة العشاء، ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك، أو في وسط الليل قبل أن تنام، أو في آخر الليل، وأفضله آخر الليل، أفضل ذلك آخر الليل لمن استطاع؛ لقول النبي ﷺ في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم: مَن خاف ألا يقوم من آخر الليل فليُوتر أوله، ومَن طمع أن يقوم آخر الليل فليُوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل رواه مسلمٌ في "الصحيح"، وهذا تفصيلٌ من النبي ﷺ.
وكذلك يقول ﷺ فيما رواه أيوب: الوتر حقٌّ، فمَن أحبَّ أن يُوتر بخمسٍ فليفعل، ومَن أحبَّ أن يُوتر بثلاثٍ فليفعل، ومَن أحبَّ أن يُوتر بواحدةٍ فليفعل، وكان يُوتر بإحدى عشرة ﷺ، وربما أوتر بثلاث عشرة، هذا هو الغالب، وربما أوتر في بعض الأحيان بسبعٍ أو بتسعٍ أو بخمسٍ أو بثلاثٍ.
فالوتر أقله ركعة، الوتر ركعة من آخر الليل، وقد أوصى النبيُّ ﷺ أبا هريرة وأبا الدَّرداء بالوتر قبل النوم، وقال العلماء: لعلَّ ذلك لأنَّهما يدرسان العلم قبل النوم، فيخشيان ألا يقوما في آخر الليل، أما مَن طمع أن يقوم آخر الليل فهو أفضل.