الجواب:
أحبَّكم الله الذي أحببتُمونا له، التَّحابُّ في الله من أفضل القربات، يقول النبيُّ ﷺ: سبعةٌ يُظلّهم الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظله، ذكر منهم: رجلين تحابَّا في الله، اجتمعا على ذلك، وتفرَّقا عليه، ويقول الله جلَّ وعلا يوم القيامة: أين المتحابُّون بجلالي؟ اليوم أُظلهم في ظلي يوم لا ظلَّ إلا ظلي، فالتَّحابُّ في الله من أفضل القربات.وأما التأويل: فقد أنكره السلفُ وعابوه، وأجروا النصوص على ظاهرها، وهذا أمرٌ معلومٌ، تجدونه في كتب السلف: ككتاب عبدالله بن أحمد، وعثمان بن سعيد، وكتاب "التوحيد" لابن خُزيمة، وغيرهم، من كتاب "الحموية" و"التدمرية" و"العقيدة الواسطية"، وغيرها من كتب الأئمة.
والمعيَّة ما فيها تأويل: المقصود بالمعية علم الله، ليس المقصود أنه معنا بذاته، مختلط بالناس في بيوتهم، وحماماتهم، ودكاكينهم، هذا لا يقوله عاقل، وإنما يقوله أهلُ الحلول، فالمعية أجمع السلف على ذلك، كما حكاه ابنُ عبدالبر، وأبو عمر الطلمنكي، وغيرهما، أجمع العلماء على أن المراد بقوله: وَهُوَ مَعَكُمْ [الحديد:4]، ولَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا [التوبة:40] يعني: بعلمه، ليس مع النبي في الغار هو والصديق، وليس معنا في بيوتنا، هو فوق العرش جلَّ وعلا، ليس هذا من التأويل، بل هذا من بيان الحقيقة التي بيَّنها الله في كتابه العظيم، حيث قال: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [المجادلة:7]، فبدأها بالعلم، وختمها بالعلم.
فالمقصود بذلك أنه محيطٌ بهم، وعالم بأحوالهم، ويرى مكانهم، ولا تخفى عليه خافيةٌ سبحانه وتعالى، كما قال : وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ [يونس:61]، فهو شاهدٌ علينا، وعلى كلِّ شيءٍ شهيد ، وهو فوق العرش، وعالم بنا ومعنا، وهو فوق العرش، ومَن قال خلافَ ذلك، وأنه مع العباد في بيوتهم، وفي حماماتهم، وفي حوانيتهم، وفي خيامهم؛ فهو كافرٌ ضالٌّ عند أهل السنة والجماعة. نسأل الله العافية.