حكم صلاة الفرض والسنة في وقت النهي

السؤال:
ما حكم الصلاة الفرض أو السنة في الأوقات المنهي عنها؟ وما صحة حديث عمر، قال: "صليتُ العصر ولما تغرب الشمس"، قال له الرسولُ ﷺ: والله الذي لا إله إلا هو، إنَّك لم تُصلِّ، قم فصلِّ، ثم توضأ بعد المغرب وصلَّى العصر؟

الجواب:
الصلاة فيها تفصيل في أوقات النهي:
أما النوافل المطلقة فلا يجوز فعلها وقت النهي: بعد العصر إلى غروب الشمس، وبعد الصبح إلى ارتفاع الشمس، وعند قيام الشمس، جاء في الأحاديث المتواترة عن رسول الله ﷺ النَّهي عن ذلك.
أما الصلاة ذات الأسباب: كصلاة الطواف في مكة، وصلاة تحية المسجد، والكسوف، ففيها خلافٌ بين أهل العلم، والصواب أنها تجوز، تجوز ذوات الأسباب في أوقات النَّهي؛ للأحاديث الصَّحيحة الواردة في ذلك المطلقة، ولقوله ﷺ: يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحدًا طاف بهذا البيت وصلَّى أية ساعةٍ شاء، من ليلٍ أو نهارٍ، وقوله ﷺ في الكسوف: فإذا وجدتم ذلك فصلُّوا وادعوا يعني: الكسوف، فإنَّهما آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحدٍ ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة، فصلوا وادعوا، ولم يخصّ ذلك في وقتٍ دون وقتٍ، فدلَّ على أن صلاة الكسوف يجوز فعلها في وقت النَّهي: كالعصر، وحديث: إذا دخل أحدُكم المسجد فلا يجلس حتى يُصلي ركعتين عامٌّ أيضًا، على الصحيح.
أما الحديث الذي أشرتَ إليه فليس كما ذكرتَ: في يوم الأحزاب قال عمر: ما صليتُ العصر حتى كادت الشمسُ تغرب، فقال النبيُّ: ما صليتُها، هو نفسه، ما قال: ما صليتَها أنت، قال النبي: ما صليتُها أنا، يعني: النبي ﷺ، ثم توضؤوا وصلّوا العصر بعدما غربت الشمس، ثم صلوا بعدها المغرب، هذا يوم الأحزاب صلاة الفريضة.
وهذا احتجَّ به العلماء، وجمع بعض العلماء على أن المجاهدين إذا اشتدَّ القتال وحمي الوطيس ولم يتيسر لهم الصلاة جاز تأخيرها عن وقتها حتى تُصلَّى على وجهٍ صحيحٍ، فالنبي ﷺ وأصحابه في بعض أيام العدو مع الأحزاب لم يتيسر لهم أن يُصلّوا العصر حتى غابت الشمس، حتى كادت الشمس أن تغرب، وأخَّروها من أجل شغلهم بالقتال مع أعداء الله، فهذا يدل على الصحيح إذا دعت إليه الضَّرورة، ولو فات الوقت.
قال بعضُ أهل العلم: إنَّ هذا كان قبل شرعية صلاة الخوف، والصواب أنه ليس قبلها، بل بعدها، ولو فرضنا أنه قبلها فالجمع مُقدَّم على النسخ، فصلاة الخوف تُصلَّى حيث أمكن، وإذا لم يمكن فعلها جاز التأخير للحاجة الشَّديدة أو الضَّرورة، كما فعل النبيُّ ﷺ يوم الأحزاب.
وثبت من حديث أنسٍ رضي الله تعالى عنه: أن الصحابة في قتال الفرس لما فتحوا تُسْتَر فتحوها عند طلوع الفجر، والناس بعضهم على الأبواب، وبعضهم على السور، وبعضهم نزل البلد، فلم يتمكنوا من صلاة الفجر إلا ضُحًى، قال أنسٌ : "فما أُحب أنَّ لي بها كذا وكذا"؛ لأنَّهم أخَّروها لعذرٍ شرعيٍّ وضرورةٍ، وهو أنهم على أبواب البلد، وعلى سورها، والقتال حامٍ بينهم وبين العدو، ليس في إمكانهم أن يُصلوا ذاك الوقت.
فالحاصل أنه يجوز على الصحيح تأخير الصلاة عن وقتها في وقت الحرب والجهاد مع الأعداء إذا لم تُمكن صلاة الخوف.
فتاوى ذات صلة