الجواب:
إن علماء التفسير يرحمهم الله اختلفوا في تفسير ذلك، وذكروا أقوالًا في معناه، أحسنها قولان: أحدهما: أن المراد به: ما يُلِم به الإنسان من صغائر الذنوب؛ كالنظرة والاستماع لبعض ما لا يجوز من محقرات الذنوب وصغائرها، ونحو ذلك.
وهذا مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما وجماعة من السلف، واحتجوا على ذلك بقوله سبحانه في سورة (النساء): إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا [النساء:31]، قالوا: المراد بالسيئات المذكورة في هذه الآية هي: صغائر الذنوب، وهي اللمم؛ لأن كل إنسان يصعب عليه التحرز من ذلك، فمن رحمة الله سبحانه أن وعد المؤمنين بغفران ذلك لهم إذا اجتنبوا الكبائر، ولم يصروا على الصغائر. وأحسن ما قيل في ثبوت الكبائر: أنها المعاصي التي فيها حد في الدنيا؛ كالسرقة، والزنى، والقذف، وشرب المسكر. أو فيها وعيد في الآخرة بغضب من الله أو لعنة أو نار؛ كالربا، والغيبة، والنميمة، وعقوق الوالدين.
ومما يدل على غفران الصغائر باجتناب الكبائر، وعدم الإصرار على الصغائر، قول النبي ﷺ: إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنى، فهو مدرك ذلك لا محالة؛ فزنى العين النظر، وزنى اللسان المنطق، وزنى الأذن الاستماع، وزنى اليد البطش، وزنى الرجل الخطى، والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه[1].
ومن الأدلة على وجوب الحذر من الصغائر والكبائر جميعًا، وعدم الإصرار عليها، قوله سبحانه: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ [آل عمران:135-136].
القول الثاني: أن المراد باللمم هو: ما يُلِم به الإنسان من المعاصي، ثم يتوب إلى الله من ذلك، كما قال في الآية السابقة، وهي قوله تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً.. الآية، وقوله سبحانه: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31]، وما جاء في معنى ذلك من الآيات الكريمات، قول النبي ﷺ: كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون[2]، ولأن كل إنسان معرض للخطأ.
والتوبة النصوح يمحو الله بها الذنوب، وهي المشتملة على الندم على ما وقع من المعصية، والإقلاع عنها، والعزيمة الصادقة على ألا يعود إليها؛ خوفًا من الله سبحانه وتعظيمًا له، ورجاء مغفرته.
ومن تمام التوبة إذا كانت المعصية تتعلق بحق الآدميين؛ كالسرقة، والغصب، والقذف، والضرب، والسب، والغيبة، ونحو ذلك: أن يعطيهم حقوقهم، أو يستحلهم منها.
إلا إذا كانت المعصية غيبة -وهي: الكلام في العرض- ولم يتيسر استحلال صاحبها؛ حذرًا من وقوع شر أكثر، فإنه يكفي في ذلك أن يدعو له بظاهر الغيب، وأن يذكره بما يعلم من صفاته الطيبة وأعماله الحسنة في الأماكن التي اغتابه فيها، ولا حاجة إلى إخباره بغيبته، إذا كان يخشى الوقوع في شر أكبر.
وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما فيه رضاه، وأن يحفظنا وإياكم من كل سوء، وأن يمن علينا جميعًا بالاستقامة على دينه، والسلامة من أسباب غضبه، والتوبة إليه سبحانه من جميع ما يخالف شرعه؛ إنه جواد كريم[3].
وهذا مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما وجماعة من السلف، واحتجوا على ذلك بقوله سبحانه في سورة (النساء): إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا [النساء:31]، قالوا: المراد بالسيئات المذكورة في هذه الآية هي: صغائر الذنوب، وهي اللمم؛ لأن كل إنسان يصعب عليه التحرز من ذلك، فمن رحمة الله سبحانه أن وعد المؤمنين بغفران ذلك لهم إذا اجتنبوا الكبائر، ولم يصروا على الصغائر. وأحسن ما قيل في ثبوت الكبائر: أنها المعاصي التي فيها حد في الدنيا؛ كالسرقة، والزنى، والقذف، وشرب المسكر. أو فيها وعيد في الآخرة بغضب من الله أو لعنة أو نار؛ كالربا، والغيبة، والنميمة، وعقوق الوالدين.
ومما يدل على غفران الصغائر باجتناب الكبائر، وعدم الإصرار على الصغائر، قول النبي ﷺ: إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنى، فهو مدرك ذلك لا محالة؛ فزنى العين النظر، وزنى اللسان المنطق، وزنى الأذن الاستماع، وزنى اليد البطش، وزنى الرجل الخطى، والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه[1].
ومن الأدلة على وجوب الحذر من الصغائر والكبائر جميعًا، وعدم الإصرار عليها، قوله سبحانه: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ [آل عمران:135-136].
القول الثاني: أن المراد باللمم هو: ما يُلِم به الإنسان من المعاصي، ثم يتوب إلى الله من ذلك، كما قال في الآية السابقة، وهي قوله تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً.. الآية، وقوله سبحانه: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31]، وما جاء في معنى ذلك من الآيات الكريمات، قول النبي ﷺ: كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون[2]، ولأن كل إنسان معرض للخطأ.
والتوبة النصوح يمحو الله بها الذنوب، وهي المشتملة على الندم على ما وقع من المعصية، والإقلاع عنها، والعزيمة الصادقة على ألا يعود إليها؛ خوفًا من الله سبحانه وتعظيمًا له، ورجاء مغفرته.
ومن تمام التوبة إذا كانت المعصية تتعلق بحق الآدميين؛ كالسرقة، والغصب، والقذف، والضرب، والسب، والغيبة، ونحو ذلك: أن يعطيهم حقوقهم، أو يستحلهم منها.
إلا إذا كانت المعصية غيبة -وهي: الكلام في العرض- ولم يتيسر استحلال صاحبها؛ حذرًا من وقوع شر أكثر، فإنه يكفي في ذلك أن يدعو له بظاهر الغيب، وأن يذكره بما يعلم من صفاته الطيبة وأعماله الحسنة في الأماكن التي اغتابه فيها، ولا حاجة إلى إخباره بغيبته، إذا كان يخشى الوقوع في شر أكبر.
وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما فيه رضاه، وأن يحفظنا وإياكم من كل سوء، وأن يمن علينا جميعًا بالاستقامة على دينه، والسلامة من أسباب غضبه، والتوبة إليه سبحانه من جميع ما يخالف شرعه؛ إنه جواد كريم[3].
- أخرجه البخاري في كتاب (الاستئذان)، باب (زنا الجوارح دون الفرج)، برقم: 5774، ومسلم في كتاب (القدر)، باب (قدر على ابن آدم حظه من الزنا)، برقم: 4801.
- أخرجه الإمام أحمد في (باقي مسند المكثرين)، برقم: 12576.
- نشر في جريدة (المسلمون)، في العدد: 530، بتاريخ 30/5/1415هـ، وفي كتاب (فتاوى إسلامية)، جمع الشيخ/ محمد المسند، ج4، ص: 80. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 24/ 284).