حكم الصلاة خلف من يعتقد النفع والضر في الأولياء

السؤال:

يقول: هل يجوز أن نصلي خلف من يعتقد في الأولياء والصالحين ويعتقد نفعهم، ويلتجئ إليهم، ويناديهم؟ جزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الذي يعتقد في الأنبياء والصالحين، ويلتجئ إليهم، ويسألهم قضاء الحاجات، وتفريج الكروب؛ هذا مشرك شرك أكبر، هذا شرك الجاهلية شرك أبي جهل وأشباهه قال الله تعالى: وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ[آل عمران:80] سماه كفر، وقال في المشركين: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ[التوبة:31] يعني اليهود و النصارى عبدوهم مع الله، ودعوهم، واستغاثوا بهم، وبنوا على قبورهم المساجد فكفروا بذلك.

وهكذا وقع في قوم نوح لما توفي ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر وهم رجال صالحون في قوم نوح، لما ماتوا في زمن متقارب حزن عليهم قومهم، ودس عليهم الشيطان أن يصوروا صورهم، وأن ينصبوها في مجالسهم كما قال ابن عباس رضي الله عنهما، ففعلوا صوروهم، ونصبوا الصور في مجالسهم، فلما طال الأمد على الناس عبدوهم من دون الله، واستغاثوا بهم، ونذروا لهم، وذبحوا لهم، فوقعوا في الشرك، فبعث الله إليهم نوحًا عليه الصلاة والسلام، ودعاهم إلى الله ألف سنة إلا خمسين عام وهو يدعوهم إلى الله، إلى توحيد الله، والإخلاص له، فلما استمروا في العناد أهلكهم الله بالغرق جميعاً، ولم ينج منهم إلا من كان مع نوح في السفينة كما قال تعالى: فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ[العنكبوت:15].

فالذي يدعو الأولياء أو يدعو الأنبياء أو الملائكة أو الجن يستغيث بهم، ينذر لهم، يسألهم الشفاعة، يسألهم شفاء المريض، والنصر على الأعداء، كل هذا كفر بالله ، ردة عن الإسلام، فلا يجوز دعاء الأموات، والاستغاثة بهم، ولا دعاء الملائكة، ولا دعاء الجن، ولا النذر لهم، ولا الذبح لهم، يتقرب إليهم يرجو نفعهم، ودفع الضر منهم، كل هذا شرك أكبر، وكل هذا عمل الجاهلية، وإذا اعتقد أنهم ينفعون ويضرون دون الله صار شركًا في الربوبية أكبر وأعظم، أعظم من شرك الجاهلية الأولى، إذا اعتقد فيهم أنهم ينفعون دون الله ويضرون، وأن الله أعطاهم هذا يتصرفون في الكون صار هذا شركًا أكبر في الربوبية، أعظم من شرك أبي جهل وعباد الأوثان من قريش وغيرهم، وهكذا إذا اعتقد في شجرة أو صنم، واستغاث به، أو نذر له، أو اعتقد أنه ينفع ويضر كل هذا كفر أكبر، نسأل الله العافية.

فالواجب على كل مسلم أن يحذر ذلك، وأن يتوب إلى الله مما قد وقع منه، هذا الواجب على جميع من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، بل على جميع أهل الأرض كلهم يجب عليهم أن يعبدوا الله وحده، وأن يشهدوا أنه لا إله إلا الله وأنه لا معبود بحق سواه، ويشهدوا أن محمدًا عبد الله ورسوله، ويعبدوا الله وحده دون كل ما سواه، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، ويصوموا رمضان، ويحجوا البيت، وعليهم أن يمتثلوا أوامر الله كلها، وينتهوا عن نواهيه .

هذا واجب على جميع أهل الأرض من جن وإنس من يهود أو نصارى، أو شيوعيين أو وثنيين أو غيرهم، يجب عليهم جميعًا أن يعبدوا الله، وأن يشهدوا له بالوحدانية سبحانه، ولنبيه محمد بالرسالة، وأن يصدقوا الله ورسوله في كل شيء، وأن يصدقوا الرسل الماضين، وأنهم جاءوا بالحق، وأن يصدقوا بما أخبر الله به ورسوله عن الجنة والنار والآخرة، وعما يكون في آخر الزمان إلى غير ذلك، يجب على كل إنسان أن يعبد الله ويدخل في الإسلام، وإذا كان مسلماً فعليه أن يستقيم على إسلامه، وأن يحفظ إسلامه، وأن يصونه عن أسباب الردة، وأن يجتهد في ترك ما نهى الله عنه، وفي فعل ما أمر الله به، يرجو ثوابه، ويخشى عقابه، وفق الله الجميع.

المقدم: اللهم آمين جزاكم الله خيرًا.

فتاوى ذات صلة