الجواب:
الأحاديث الواردة في ذلك عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- عامة، ولا تخص من أراد الخيلاء فقط؛ ولهذا قال -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح: ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار رواه البخاري في صحيحه، ولم يقيد ذلك بالكبر، وقال -عليه الصلاة والسلام-: ثلاثة لا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: المسبل إزاره، والمنان فيما أعطى، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب خرجه مسلم في صحيحه، وفي حديث جابر بن سليم عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: إياك والإسبال، فإنه من المخيلة فسمى الإسبال من المخيلة.
أما قوله ﷺ: من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة هذا لا يقتضي تقييد الأحاديث الأخرى، بل يدل على أن من جر ثوبه خيلاء يكون إثمه أكثر وأعظم، ولا شك أن التساهل في الإسبال وسيلة إلى الخيلاء، فإن الغالب أن الذين يسبلون ملابسهم إنما يحملهم على ذلك التكبر والترفع والتعاظم، وسد الذرائع أمر لازم في الشريعة، وواجب في الشريعة؛ ولأن في إسبال الثياب إسرافًا وتعريضًا لها للوسخ وللنجاسة؛ ولهذا جاء عن عمر أنه رأى شابًّا يمس ثوبه الأرض، فقال: «ارفع ثوبك، فإنه أتقى لربك، وأنقى لثوبك ».
أما حديث الصديق حين قال: «يا رسول الله، إن إزاري قد يتفلت عليّ إلا أن أتعاهده، فقال له -عليه الصلاة والسلام-: إنك لست ممن يفعله خيلاء هذا معناه: أن الذي ينحسر إزاره بعض الأحيان من غير قصد الخيلاء مع تعهده له لا يضره ذلك، وليس معناه الإذن في إسبال الثياب إذا كان لا يقصد الخيلاء.
فالواجب على المؤمن أن يحذر ما حرم الله عليه، وأن يتباعد عن صفة المتكبرين، وأن يحذر التساهل في المعاصي، فإن عاقبتها وخيمة، نسأل الله السلامة والعافية، نعم.
المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيرًا.