الجواب:
من أخذ جانبًا، وأهمل جانبًا؛ فقد أخذ بحق، وعمل باطلًا، فالواجب عليه: أن يتكل الحق، وأن يجاهد نفسه في ذلك، وألا يأخذ شيئًا، ويدع شيئًا.
ثم هذا فيه تفصيل، بعضه يكون كفرًا، وبعضه يكون فسقًا، فالذين استقاموا على العبادات، وأدوا العبادات من صلاة، وصوم، وزكاة، وحج، ونحو ذلك، ولكنهم وقعوا في بعض المحارم: كالزنا -والعياذ بالله- أو شرب الخمر، أو الخيانة، والغش في المعاملة، أو ما أشبه ذلك، هؤلاء يعتبرون ضعفاء الإيمان، يعتبرون ناقصي الإيمان، وعصاة لربهم ولا يكونون كفارًا؛ بل يكونون فساقًا، وعصاة، وضعفاء الإيمان، وناقصي الإيمان، إذا كانوا لا يستحلون هذه الأشياء.
أما من استحلها، واعتقد أن الزنا حلال، أو السرقة حلال، أو خيانة المسلمين حلال، فهذا كفر أكبر -نعوذ بالله- بعد أن يوضح له الدليل، ويبين له الحق إذا كان مثله يجهل هذه الأمور.
وكذلك من حكم بغير ما أنزل الله إذا استحل ذلك؛ صار ردة عن الإسلام، وكفرًا، وإذا فعل هذا لرشوة وهوى، وهو يعلم أنه عاص، وأنه قد خالف الحق، ولكنه ترك الحكم الشرعي لهوى، أو رشوة، أو عداوة بينه، وبين المحكوم عليه، أو لأسباب أخرى؛ فهذا أيضًا ضلال، ونقص في الإيمان، وضعف في الإيمان، وكفر دون كفر، كما قال ابن عباس، وغيره -رضي الله عنهما- وهكذا التفاصيل.
أما من أتى بكفر لا شبهة فيه، فهذا لا تنفعه طاعاته، بل تبطل طاعاته، ويحكم عليه بمقتضى ما أتى من الكفر؛ فمن صلى، وصام، وتصدق، ونحو ذلك، ولكنه يسب الدين، أو يسب الله، أو يسب الرسول، أو يكذب بالرسول، ولا يقول: إنه خاتم النبيين، أو ما أشبه ذلك، فهذا يكون كافرًا كفرًا أكبر، ولا تنفعه أعماله التي يأتي بها بعد ذلك وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [الأنعام:88].
فمن أتى بناقض من نواقض الإسلام؛ كفر، ولم تنفعه عباداته بعد ذلك، فلو أنه صام النهار، وقام الليل، وأدى الواجبات، ولكنه يقول: إن محمدًا -عليه الصلاة والسلام- ليس خاتم النبيين؛ صار كافرًا، أو قال: إن مسيلمة صادق ،وأنه رسول الله مع محمد، أو أن المختار بن أبي عبيد صادق، وأنه رسول مع محمد، كل هذا ردة عن الإسلام، أو سب الرسول، أو سب الله، أو سب الدين، أو استهزأ بالدين؛ صار كافرًا كفرًا أكبر -نعوذ بالله- أو قال: إن الصلاة غير واجبة، أو صوم رمضان غير واجب، أو الزكاة المالية غير واجبة، أو الحج غير واجب مع الاستطاعة؛ صار كافرًا -عند جميع العلماء- كفرًا أكبر، ردة عن الإسلام، نعوذ بالله.
فالحاصل: أن من أخذ بجانب، وترك جانبًا من الدين؛ ففيه تفصيل؛ فتارة يكون كافرًا، وتارة يكون عاصيًا ضعيف الإيمان، نسأل الله السلامة.