الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فلا ريب أن الاجتماع على ذكر الله وقراءة القرآن ودرس العلم الشرعي ونحو ذلك مما يفيد المتجالسين علمًا نافعًا وعملًا صالحًا وفقهًا في الدين أمر مطلوب شرعًا، وقد حث النبي ﷺ على حلق الذكر ورغب فيها عليه الصلاة والسلام، وقال عليه الصلاة والسلام: ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده، خرجه مسلم في الصحيح، وهكذا حديث: إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قيل: يا رسول الله، وما رياض الجنة؟ قال: حلق الذكر.
فالأحاديث التي جاءت في هذا الباب، منها ما ذكره السائل ومنها غيرها من الأحاديث كلها تدل على فضل الاجتماع على ذكر الله وطلب العلم والتفقه في الدين والمذاكرة فيما ينفع العبد في دينه ودنياه، كل هذا أمر مطلوب شرعًا، لكن ما تفعله الصوفية من الاجتماعات الخاصة بصوت خاص وعوائد خاصة، ليس له أصل في الشرع المطهر، وأحاديث النبي ﷺ تفسر بفعله ﷺ وفعل أصحابه وأرضاهم، فإذا كان الاجتماع مثلما ورد في الأحاديث: في طلب العلم والمذاكرة في العلم وحمد الله على ما من به من تحصيل العلم ومن الهداية للإسلام فهذا أمر مطلوب وهو الذي ينبغي للمؤمن أن يفعله مع إخوانه كالاجتماع على قراءة كتاب الله ودراسة كتاب الله العظيم أو قراءة قارئ وهم يسمعون ويتفكرون ويتدبرون، هذا أمر مطلوب شرعًا، وهكذا حلقات العلم في دراسة القرآن وتفسيره وفي دراسة الأحاديث كصحيح البخاري وصحيح مسلم إلى غير ذلك للفائدة والعلم والتفقه في الدين، كل هذا أمر مطلوب شرعًا، وبهذا تفسر الأحاديث التي ذكرها السائل وغيرها.
أما أن يجتمع الناس على ذكر بصوت واحد بصوت جماعي يرددونه كما تفعله جماعة الصوفية فهذا لا أصل له في الشرع المطهر، وإنما المشهور أن يجتمعوا للمذاكرة في العلم والبحث في العلم وتسبيح الله وتحميده وتهليله، كل يسبح ربه، كل يحمده على حسب طاقته وعلى حسب ما يتيسر له في مكانه في صفه في حلقته العلمية التي من الله عليه بها مع إخوانه يتذاكرون العلم: ما معنى هذه الآية؟ ما معنى هذا الحديث؟ ما معنى كلام العلماء في كذا وكذا، دروس علمية وحلقات علمية يستفيد بها الجالس ويستفيد بها المستمع ويستفيد منها الباحث..
هكذا كان أهل العلم في حلقات العلم يبحثون ما دلت عليه الآيات ويبحثون ما دلت عليه الأحاديث ويتذاكرون في العلم، هذا هو المطلوب وهو الذي جاءت به الأحاديث ويكون في ذلك تسبيح وتهليل وصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام وذكر لله وثناء عليه عند قراءة الآيات، وعند سماع الآيات وعند سماع الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، مع ما في هذا من طلب علم وتفقه في الدين وتواصي بالحق والصبر عليه، هذا هو المشروع لأهل الإيمان، وهذا هو الذي فعله السلف في مساجدهم وفي بيوتهم وفي مدارسهم وفي حلقات العلم التي يقيمونها، كل ذلك مقصوده الفقه في الدين والتبصر في دين الله والتعاون على البر والتقوى والتفقه في معنى كلام الله وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام، والتذكير بنعم الله على عباده.. وما يدخل في هذا المعنى.
أما أن يكون التسبيح على الطريقة التي يفعلها بعض الصوفية بأصوات جماعية وطريقة خاصة ونظام خاص، هذا لا أصل له، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية، نعم.
المقدم: اللهم آمين، أفضل الأماكن لحلق الذكر يا شيخ عبد العزيز ؟
الشيخ: المساجد، المساجد هي أفضل ما يكون، وإذا فعل في البيت أو في المدرسة كل ذلك طيب.
المقدم: معنى هذا أنه لابد أن تكون المساجد مفتوحة حتى يتاح للمسلمين التجمع لذكر الله ودراسة القرآن؟
الشيخ: ينبغي فتحها وتسهيل إقامة حلقات العلم فيها، وإذا كان هناك شيء يخشى عليه يكون من الحرس من يتولى ذلك، من موظفي المساجد من مؤذن أو خادم.. ونحو ذلك، يتولون حراستها عما يخشى منه.
المقدم: أما أن تبقى مغلقة هكذا .... تصد الناس عن ذكر الله؟
الشيخ: ليس هذا من عمل أهل الإسلام، بل عمل أهل الإسلام على تسهيل إقامة الحلقات العلمية في المساجد والتعاون على البر والتقوى وتفقيه الجاهل وتعليمه.. إلى غير هذا من وجوه التعليم، ولاسيما حلقات القرآن وحلقات السنة للأولاد والراغبين في تحصيل العلم، نعم.
المقدم: بارك الله فيكم، على هذا تتضح رسالة المسجد شيخ عبد العزيز ؟
الشيخ: نعم، نعم وبهذا تعرف جهة المسجد وتحصل كما كانت في عهد السلف الصالح وإنما يخشى الإنسان، يخشى الآن، يخشى الآن فيما حصل في المساجد من الفرش وآلات تكبير الصوت.. ونحو ذلك، فهذا يمكن يعني: تأمين ما يخشى منه بواسطة الحارس من خادم ومن مؤذن حتى لا يقع ما يحذر، نعم.
المقدم: طيب.. طيب بارك الله فيكم.