الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فلا ريب أن تحريض أهل المرأة للمرأة على عصيان زوجها، ومخالفة أوامره، وإدخال الأذى عليه في ماله وغيره من المحرمات، ومن المنكرات التي يجب عليهم تركها، والحذر منها، والواجب على المسلمين جميعًا أن يتعاونوا على البر والتقوى وعلى أهل المرأة بالأخص أن يتعاونوا مع ابنتهم، ومع زوجها على البر والتقوى، وأن يكونوا راغبين في صلاح ذات البين، وعدم الشقاق بين الزوجين، هذا هو الواجب عليهم إلا إذا كان الفراق بينهما أصلح في اجتهاد أهل المرأة، فإنهم ينظرون في ذلك بالطريق السوي، وبالأساليب الحسنة، لا بالأذى والظلم والعدوان، وفي إمكانهم أن يطلبوا من الزوج أن يطلقها من غير عوض أو بعوض ويوضحوا له الأسباب، أما إيذاؤه وتحريضها على أذاه ومخالفته من دون أمر شرعي فهذا أمر لا يجوز، بل هو منكر.
أما كونها لا تصلي فهذا أشد وأخطر، فإن ترك الصلاة كفر بالله من الرجال والنساء جميعًا، وقد صح عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب -رضي الله تعالى عنه-.
وفي صحيح مسلم -رحمه الله- عن جابر بن عبدالله الأنصاري -رضي الله تعالى عنهما- عن النبي ﷺ أنه قال: بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة والتعبير بالرجل لا يدل على التخصيص، وإنما تأتي النصوص كثيرًا باسم الرجل لكون الرجل أفضل الجنسين، وإلا فالحكم عام إلا ما خصه الدليل.
فترك الصلاة كفر من الرجال والنساء جميعًا، وقال -عليه الصلاة والسلام-: رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله فإذا كانت لا تصلي فلا خير في بقائها معك -أيها السائل-، والواجب فراقها لأنها لا تحل لك، قال الله في الكفرة: لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ [الممتحنة:10] بل يجب عليك تركها حتى تتوب، هذا هو الصحيح من أقوال العلماء أن ترك الصلاة كفر أكبر وإن لم يجحد التارك وجوبها، أما إن جحد وجوبها فقد كفر بالإجماع لا خلاف بين أهل العلم في أن من تركها جاحدًا لوجوبها فهو كافر، وإنما الخلاف فيما إذا تركها تهاونًا مع إقراره واعترافه بوجوبها، والصحيح أن تركها كفر مطلقًا.
فالواجب على هذه المرأة التوبة إلى الله، والبدار بذلك، فإذا تابت إلى الله فهي زوجتك، وإلا فالواجب فراقها وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:3] والله يقول سبحانه: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ [النساء:130] فتعطها طلقة واحدة احتياطًا وخروجًا من خلاف العلماء، نسأل الله لها الهداية والرجوع إلى الصواب والحق.
أما الطلاق الذي صدر منك وهو أنك قلت: إنها طالق بالثلاث، فإذا كان الواقع هو هذا اللفظ وليس قبله طلقتان فإنه يعتبر طلقة واحدة رجعية على الصحيح من أقوال أهل العلم؛ لما ثبت في الصحيح عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- "أن الطلاق على عهد النبي ﷺ وعهد الصديق، وفي أول خلافة عمر طلاق الثلاث يجعل واحدة" وأفتى بهذا ابن عباس في رواية صحيحة عنه، وأفتى به جماعة من السلف من التابعين وغيرهم، وهذا هو الصواب أن الطلاق بالثلاث بكلمة واحدة يعتبر طلقة واحدة، هذا هو أرجح القولين عند أهل العلم، أما إن كان قبله طلقتان فقد انتهت الطلقات الثلاث وحرمت عليك حتى تنكح زوجًا غيرك.
فينبغي لك أن تنظر في الأمر، وأن تنصح هذه المرأة بالتوبة إلى الله ، وتنصح لأهلها أيضًا، وتستعين بمن ترى من الأقارب والأصدقاء حتى ينصحوها حتى ترجع إلى الله، وتتوب إليه، وينصحوا أهلها حتى يساعدوا في توبتها، والرجوع إلى الله، وحتى يساعدوا أيضًا في بقاء العشرة، واستقامة الأحوال بينك وبينها، ونسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.