الجواب:
الآية واضحة، يقول سبحانه: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ[البقرة:225] وفي الآية الأخرى: وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ[المائدة:89] كسب القلوب نيتها وقصدها، فكسب القلوب: الإيمان بالله والمحبة لله والخوف من الله، والرجاء له كل هذا من كسب القلوب، وهكذا نية الحالف يعني: قصده اليمين، وإقراره عليها، هذا من كسب القلوب.
أما اللغو كونه يتكلم باليمين من غير قصد جرت على لسانه، من غير قصد، والله ما أقوم، والله ما أتكلم، والله ما أذهب إلى كذا، ما نواها، ما تعمدها، جرت على لسانه، لكن من غير قصد، يعني: من غير قصد عقد اليمين على هذا الشيء، من غير قصد القلب أنه يفعل هذا الشيء هذا هو لغو اليمين، قول الرجل: لا والله، وبلى والله، كما جاء هذا المعنى عن عائشة وغيرها -رضي الله عن الجميع-.
أما إذا نوى اليمين بقلبه وقصدها، قال: والله ما أكلم فلانًا، قاصدًا بقلبه أنه ما يكلمه، أو والله ما أزوره، أو والله ما أفعل كذا، ما أشرب الدخان، والله ما أشرب الخمر، فهذا عليه كفارة اليمين، إذا نقض يمينه عليه كفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو عتق رقبة، فإن عجز عن الثلاثة صام ثلاثة أيام؛ لقوله -جل وعلا-: وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ[المائدة:89] الآية في سورة المائدة.
والمقصود: أن الأيمان اللاغية هي التي لا تقصد تجري على اللسان من غير قصد، فهذا يسمى لغو اليمين، وليست منعقدة، وليست من كسب القلوب، أما إذا عقدها قاصدًا لها بقلبه، فهذا من كسب القلوب، وهذا من تعقيد الأيمان، فعلى صاحب هذه اليمين إذا خالفها أن يكفر كفارة اليمين كما تقدم، فإذا قال: والله لا أكلم فلانًا قاصدًا، ثم كلمه عليه كفارة اليمين، والله لا أزوره ثم زاره عليه كفارة اليمين، والله لا أسافر إلى كذا ثم سافر عليه كفارة اليمين، بخلاف ما إذا مر على لسانه اليمين من غير قصد ما تعمده ولا قصده، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.