الجواب:
هذا في الحقيقة من السائل تساهل لا يليق، وكان الواجب على السائل أن يسأل أهل العلم قبل أن يعيدها إلى بيته، قبل أن يتصل بها؛ لأن الطلاق الآن طلاق منكر، وطلاق مستوفٍ لشروط إيقاع الطلاق بخصوص الطلاق الثاني، فإنه طلقها الطلاق الأول بالثلاث: أنت طالق، أنت طالق، وهو في حالة عصبية، فهذه الحالة الأولى إن كان قد اشتد بك -أيها السائل- الغضب شدة تشبه فيها فاقد الشعور، تشبه فيها المعتوه، اشتد بك الغضب شدة يعني: لا تستطيع أن تملك نفسك، ولا أن تمتنع من الطلاق، فهذا لا يقع على الصحيح، لكنك تقول: إنك تعي ما تقول، وأنك لست في حالة يعني: تشبه حال فاقد الشعور، ثم إنك بعدما أشاروا عليك، وزال الغضب أبيت إلا أن تعيد الطلاق مرة أخرى، طلقتها وهي حامل، فهي لم تقع إن لم تطلق بالأول طلقت بالثاني الذي زال معه الغضب، فالواجب عليك فراقها، وعدم الرجوع إليها.
أما عودها إليك بعد هذا كله غلط، وعليك التوبة إلى الله مما فعلت، ومن اتصالك بها، عليك التوبة إلى الله، وعليك النفقة على أولادك، عليك أن تنفق عليهم، وتقوم بالواجب، تسكنها وأولادها، وتقوم بواجب النفقة عليها وعلى أولادها؛ لأنها تقوم عليهم، وتحضنهم، وتربيهم، فعليك أن تحسن إلى أولادك وإلى أمهم بقيامها بخدمتهم، وإحسانها إليهم، وعليك التوبة إلى الله مما فعلت، فقد أخطأت خطًأ كبيرًا حيث أعدتها إليك من دون فتوى شرعية من أهل العلم.
والطلاق الأول والثاني، الأول ظاهره الوقوع؛ لأن ما ذكرت من العصبية ذكرت أنك تعي ما تقول، وأنه ليس هناك شيء يعني قد اشتد معك حتى أفقدك شعورك، أو حتى صرت شبه فاقد الشعور، ثم بعد هذا طلقتها عندما أشاروا عليك بالرجوع إليها، وطلقتها طلاقًا مكررًا ثلاثًا، فهذا كله يدل على أنك راغب في تركها، وأنك حريص على إبعادها، وأنه ليس هناك يعني غضب أزال شعورك، أو جعلك شبه فاقد للشعور، فالذي يظهر لنا من هذا الواقع أنها لا تحل لك، وأن الواجب عليك التوبة إلى الله مما سلف منك، والإحسان إليها.
فإذا تزوجت زوجًا شرعيًا وطلقها بعد الدخول بها بعد وطئها حلت لك بنكاح جديد، لكن لا يكون بالتحليل، نكاح التحليل محرم، إذا تزوجها إنسان ليحللها لك هذا لا يجوز؛ لكن إذا تزوجها إنسان راغب فيها، ثم دخل بها، ووطئها، ثم طلقها، أو مات عنها، فإنها تحل لك بعد العدة بنكاح جديد.
هذا هو الذي نرى في هذه المسألة، وهو ظاهر الأدلة الشرعية، والله ولي التوفيق.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.