الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فإن النذر منهي عنه، قد نهى عنه النبي ﷺ فقال: لا تنذروا فإن النذر لا يرد من قدر الله شيئًا، وإنما يستخرج به من البخيل لكن من نذر طاعة لله سبحانه كالصلاة والصوم والذبح لله سبحانه فإنه يوفي بها؛ لقول النبي ﷺ: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه خرجه البخاري في صحيحه.
فعليك -أيها الأخ السائل- أن توفي بنذرك بذبح العجل وتوزيعه وتصلح الوليمة كما نويت، ولا بأس بذلك للفقراء وغيرهم من أقاربك وجيرانك على حسب ما نويت؛ لقول النبي ﷺ: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى وإحضار العالم للتذكير والوعظ بمناسبة اجتماع المسلمين هذا شيء طيب.
كذلك إذا سبحوا الله، وذكروا الله -جل وعلا-، وكل يذكر الله في نفسه، ويسبح الله في نفسه، كل هذا عمل صالح.
أما الاجتماع على أذكار مخصوصة، وتسبيح مخصوص بصوت مخصوص جماعي، فهذا لا دليل عليه، وليس له أصل في الشريعة فيما نعلم، لكن إذا سبح كل واحد، واستغفر كل واحد نفسه، وذكروا الله في أماكنهم، وسبحوا الله في أماكنهم واستغفروه وشكروه فهذا كله طيب، وإذا كان في اجتماعهم قراءة للأحاديث الصحيحة عن رسول الله ﷺ، أو قراءة للقرآن وهم يستمعون والعالم يفسر لهم معنى الآيات ومعنى الأحاديث فهذا كله طيب.
أما الحلقات التي يفعلها الصوفية على أذكار مخصوصة، وأصوات مخصوصة، ونغمات مخصوصة، فهذه لا أصل لها، بل هي من البدع، ولكن اجتماع الناس على العلم وقراءة القرآن واستماعه، وسماع كلامًا لأهل العلم وتذكيرهم ووعظهم وتفسير الآيات للحاضرين كل هذا طيب، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية، ويكون هذا في يوم معين أو في وقت معين من الليل لا بأس إلا أن يكون يقصد بذلك تعظيم ليلة مخصوصة، مثل ليلة المولد، فهذا لا يجوز؛ لأن الموالد بدعة، والاحتفال بها من البدع المحدثة في الدين على الصحيح من أقوال العلماء، وقد تنازع العلماء المتأخرون في ذلك فزعم بعضهم أنه سنة، وأن إقامة الأعياد لا بأس بها، ولكنه قول مرجوح وضعيف.
والصواب: أن الاحتفال بالموالد بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، داخل ذلك في قوله ﷺ: من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد وفي قوله -عليه الصلاة والسلام-: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد والدليل على هذا مع الحديثين المذكورين أن الرسول ﷺ لم يفعل ذلك في حياته، ولا فعله أصحابه بعد وفاته، لا الصديق ولا عمر ولا عثمان ولا علي -رضي الله عنهم-، ولا بقية الصحابة، كذلك ما فعله التابعون ولا أتباع التابعين في مولد النبي ﷺ ولا في مولد غيره، فدل ذلك على أنه بدعة.
والخير كله في اتباع السلف الصالح، في السير على منهاج نبينا ﷺ وصحابته، والنبي ﷺ يذكر -والحمد لله- في كل وقت، في الأذان والإقامة خمس مرات في اليوم والليلة، في التشهد الأول والتشهد الثاني، في سائر الأوقات يصلى عليه ويسلم -عليه الصلاة والسلام-، فليس في حاجة إلى هذه البدعة.
وهكذا سيرته ﷺ يجب أن تدرس في المدارس والمعاهد والمساجد والكليات حتى تعرف سيرته -عليه الصلاة والسلام-، وحتى يتأسى بأقواله وأفعاله -عليه الصلاة والسلام-، فليس المسلمون في حاجة إلى بدعة المولد.
فينبغي لأهل العلم أن ينتبهوا لهذا الأمر، وأن يوضحوا للعامة طريق أهل السنة والجماعة في هذا الباب وغيره، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق وصلاح النية والعمل.
المقدم: اللهم آمين، بارك الله فيكم.
المقدم: يقول: هل يجوز له أن يأكل هو وأولاده وأهل بيته وأقاربه من هذه الوليمة؟
الشيخ: لا بأس بذلك ما دام نوى هذه النية أنه يذبحها ويجمع إليها الناس ويأكل هو وأهل بيته لا بأس الأعمال بالنيات.
المقدم: يعني: ما لم يحدد؟
الشيخ: أما إذا ما نوى شيئًا فإنه يعطاها للفقراء خاصة، وما دام نوى أنه يذبحها في البيت، ويجمع عليها العلماء، ويجمع عليها الفقراء وغير الفقراء من أهل بيته وجيرانه فالأعمال بالنيات.