الجواب:
إذا كان حين قوله هذا عاقلًا؛ فإن الطلاق يقع، ويقع به طلقة واحدة، وتحرم به المرأة بالتحريم حتى يكفر، إذا كان عقله معه يقع طلقة، وله مراجعتها ما دامت في العدة إذا كان لم يطلقها قبل هذا طلقتين، وعليه كفارة الظهار: وهي عتق رقبة مؤمنة.
فإن عجز صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينًا، لكل مسكين نصف صاع، من قوت البلد: من تمر أو أرز أو غير ذلك، قبل أن يطأها، قبل أن يقربها.
أما إن كان حين قوله هذا قد لعب به الخمر، قد ذهبت بعقله الخمرة؛ فلم يبق يعقل ما يقول، فإنه لا يقع طلاقه في أصح قولي العلماء، كما أفتى بذلك عثمان بن عفان الخليفة الراشد ، وذهب إلى قوله جماعة من أهل العلم وهو الصواب.
وهكذا لا يقع تحريمه ولا يؤثر؛ لأنه صدر من غير عاقل، والأحكام مناطة بالعقل، فمتى عرفت السائلة منه أنه ذاك الوقت ليس في عقله؛ فإن هذا الطلاق وهذا التحريم لا يعول عليهما، وهي زوجته، وباقية في عصمته.
أما إن كان عاقلًا، وليس متغيرًا بسبب الخمر؛ فإن الطلاق يقع -كما تقدم- طلقة واحدة، وله المراجعة ما دام أنه لم يطلقها قبل هذا طلقتين، وعليه كفارة الظهار كما تقدم، اللهم إلا أن تكون حال إيقاع الطلاق في طهر جامعها فيه أو في نفاس، أو في حيض؛ فإنه لا يقع على الصحيح، وبه قال جمع من أهل العلم.
وثبت عن ابن عمر ما يدل على ذلك؛ لحديث ابن عمر الثابت في الصحيحين أن النبي ﷺ لما بلغه أن ابن عمر طلق امرأته؛ وهي حائض غضب، وأنكر عليه، وأمره بمراجعتها؛ فإذا طهرت من الحيضة التي بعد الحيضة التي طلقها فيها؛ فإنه بعد ذلك إن شاء طلق، وإن شاء أمسك قبل أن يمسها، إن شاء طلق قبل أن يمسها، وإن شاء أمسك، وفي لفظ قال له: فليطلقها طاهرًا أو حاملًا يعني: بعد طهرها من حيضتها التي طلق فيها، ثم بعد طهرها من الحيضة الأخرى، وهذا قول نصره جماعة من أهل العلم، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- والعلامة ابن القيم -رحمه الله-، ويدل عليه قوله -عليه الصلاة والسلام-: من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد وهذا عمل ليس عليه أمر النبي ﷺ، بل هو خلاف الشرع، فإن السنة أن يطلق الزوج زوجته طاهرة من غير جماع، أما طلاقها في الحيض، أو في النفاس، أو في طهر جامعها فيه، وهي ليست حاملًا؛ فإنه طلاق بدعة، لا يقع على الصحيح عند جمع من أهل العلم، كما تقدمت الإشارة إلى ذلك، نعم.
المقدم: لكن هل الأفضل لها أن تعيش مع هذا الزوج المدمن لهذا الشراب أو تفارقه؟
الشيخ: هذا محل نظر؛ إن رأت أن المصلحة تقتضي بقاءها معه ونصيحته؛ لأنها في ضرورة إليه لحفظ أولاده، والإنفاق عليها، ورجت أن الله ينفعه بكلامها ونصيحتها؛ فهذا قد يكون أولى؛ لئلا تضيع إذا كانت في بلد ليس هناك من يصونها، ولا من يقوم عليها، وإن رأت أن فراقه أصلح؛ لأن عندها من يصونها، ويحسن إليها، وإلى أولادها، ولا ترجو رجوعه عن هذا الباطل؛ ففراقه أصلح، ترفع الأمر إلى المحكمة، أو تطلب منه الطلاق لعله يطلق، أو المحكمة الشرعية تنظر، أو توسط من الأخيار والأعيان من يتوسط بينهما حتى يطلقها، أو يتوب إلى الله من عمله السيئ، نعم.
المقدم: بارك الله فيكم.