الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله، وخيرته من خلقه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبدالله، وعلى آله، وأصحابه، ومن سلك سبيله، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:
فلا حرج في أن يتزوج الرجل من مهر ابنته؛ لقول النبي ﷺ: أنت ومالك لأبيك وقوله ﷺ: إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم فإذا أخذ من مهرها ما لا يضرها، ودفعه في زوجة له، فلا حرج، لكن لا يضرها، بل يدع لها شيئًا ينفعها عند زوجها، ويغنيها عن الحاجة إلى الغير، ويكون سببًا لوئامها مع زوجها، وبقائها مع زوجها، هذا هو الذي ينبغي؛ لقول النبي ﷺ: لا ضرر ولا ضرار فلا يضرها، ويشق عليها، ولا يكون سببًا لفراقها من زوجها بأخذه مهرها، ولكن لا حرج أن يأخذ منه شيئًا لا يضرها، فيستعين به في حاجاته، يجعله مهرًا لزوجة، أو بغير ذلك.
أما المسألة الثانية وهي كونه يزوج ابنته على شخص آخر ليزوجه ابنته هذا لا يجوز، وهذا يسمى شغارًا في الإسلام، والنبي ﷺ قال: لا شغار في الإسلام ونهى عن الشغار في أحاديث كثيرة، قال -عليه الصلاة والسلام-: والشغار أن يقول الرجل: زوجني ابنتك وأزوجك بنتي أو زوجني أختك وأزوجك أختي هذا هو الشغار، وهو حرام وفاسد، وهو أن يشرط كل واحد منهما نكاح الأخرى كبنته أو أخته أو بنت أخيه، سواء كان هذا له أو لولده أو لابن أخيه، ونحو ذلك، هذا كله لا يجوز، والصحيح أيضًا أنه لا يجوز، ولو سمي مهرًا، حتى ولو سمي مهرًا.
وقد خالف في هذا من خالف من أهل العلم، وقالوا: إذا سمي لكل منهما مهر العادة، وتراضتا بذلك، فلا بأس، ولكن هذا قول مرجوح، وليس بصواب.
والصواب: أنه متى وقع الشرط بينهما فإن المهر لا يحل ذلك سموا مهرًا أو لا؛ لأن الرسول ﷺ نهى عن الشغار، ولم يستثن، ولم يقل: إلا أن يكون لهما مهر، وما جاء في حديث ابن عمر في تفسير الشغار أنه ليس بينهما صداق فهو من كلام نافع، ليس من كلام النبي ﷺ، بل هو من كلام الراوي نافع، وكلامه ليس بحجة، الحجة في كلام النبي ﷺ، والنبي ﷺ لم يفصل بين الشغار الذي فيه مهر، والشغار الذي لا مهر فيه، ويدل على هذا ما رواه أحمد و أبو داود بإسناد جيد عن معاوية : "أنه كتب إليه أمير المدينة، وذكر له أن بعض رجال قريش تزوج امرأة وجعل لها مهرًا، وتزوجها شغارًا، فكتب إليه معاوية يقول له: فرق بينهما، فإن هذا هو الشغار الذي نهى عنه النبي " ولم يلتفت معاوية إلى المهر، وهذا هو الصواب؛ لأن العلة موجودة، ولو فيه مهر، وهذه العلة هي أن هذا الشرط يفضي إلى ظلم النساء، وإلى استحلال فروجهن من غير حق، وإلى النزاع الكثير والخصومات بين الطرفين، وإلى تزويجهن بدون إذنهن، وهذه كلها نتائج وثمرات لهذا العقد الفاسد، وهي ثمرات خبيثة، ونتائج رديئة، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.