الجواب:
التوبة كافية، إذا فعل المسلم معصية فيها حد لله كالزنا أو السرقة، ثم تاب إلى الله فالتوبة تجب ما قبلها، ولكن عليه أن يؤدي المال الذي سرقه، عليه أن يوصله إلى صاحبه بالطرق التي تمكنه، ولا حاجة إلى أن يتصل بصاحبه، أو يقام عليه الحد، متى ستر الله عليه فالله -جل وعلا- يتوب على التائبين، وليس من شرط ذلك أن يعلن معصيته حتى يقام عليه الحد، من تاب تاب الله عليه، وإن لم يقم عليه الحد، لكن متى بلغ ولي الأمر أمر السرقة، أو أمر الزنا وجب عليه إقامة الحد؛ لما جاء في الحديث: إذا بلغت الحدود السلطان فلعن الله الشافع والمشفع وفي الحديث الآخر: ما بلغني من حد فقد وجب.
فالمقصود: أنه متى رفعت الحدود إلى السلطان وجبت إقامتها؛ ولهذا لما سرقت امرأة من قريش يوم الفتح وطلب بعض الناس من النبي ﷺ ألا يقيم عليها الحد، وتوسطوا بأسامة بن زيد أن يشفع، فشفع أسامة في ذلك، فغضب النبي ﷺ وقال: أتشفع في حد من حدود الله، ثم خطب الناس، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: إنما هلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها.
فبيَّن -عليه الصلاة والسلام- أن الحدود يجب أن تقام على الشريف وغيره، والصغير والكبير، ممن بلغ التكليف، ولا يجوز التراخي فيها بعد بلوغ السلطان، ولا تجوز الشفاعة فيها بعد بلوغ السلطان، أما قبل ذلك فيما بين الناس إذا تعافوا فيما بينهم وتسامحوا ولم يرفعوها للسلطان فلا حرج، والتوبة تجب ما قبلها.
فإذا جاء السارق إلى المسروق منه، وقال: سامحني هذا مالك، ولا ترفع بأمري، واصطلح معه على ذلك، وتسامح المسروق منه، فلا حرج في ذلك، وقد جاء في الحديث الصحيح أن صفوان بن أمية سرق منه إنسان رداءه وهو مضطجع عليه، فأمسكه صفوان ورفعه إلى النبي ﷺ فأمر النبي ﷺ أن تقطع يده، فقال صفوان: «يا رسول الله، قد سامحته، ردائي له، قال: هلا كان ذلك قبل أن تأتيني به يعني: لو سامحته قبل ذلك لا بأس، أما بعد المجيء بالسارق ورفعه للسلطان فلا مسامحة، بل لا بد من القطع، وهكذا في الزنا، هكذا في اللواط، والعياذ بالله، وما أشبه ذلك من الحدود، نعم.