الحذر من تقديس الأولياء والصالحين

السؤال:

هذا الطالب وهو من السودان من كسلا، يقول: إن عندهم الأولياء، وعندهم الصالحون منتشرون، وأن هؤلاء الأبناء يعتقدون أنهم أبناء للأولياء وللصالحين، ويقول: وهم أحياء، فكيف يعني: يقدسون أو كذا وهم أحياء؟ هو يعتقد أن التقديس لا يكون إلا للميت.

الجواب:

المشايخ والأولياء الذين يسمونهم الأولياء لا يقدسون، ولو ظهر منهم الصلاح والخير، يدعى لهم، يترحم عليهم، يقتدى بهم في الأفعال الطيبة، مثل المحافظة على الصلاة، مثل الإكثار من الصوم، مثل الإكثار من ذكر الله، من طلب العلم، يقتدى بهم في الخير. 

وهؤلاء يسمون أولياء، ويسمون مشايخ ليعتقد فيهم، هذا غلط، حتى الأنبياء وهم أفضل الناس لا يعتقد فيهم أنهم ينفعون أو يضرون، أو يدعون من دون الله، أو يستغاث بهم لا، ولكن الرسل يتبعون فيما أمروا به، ونهوا عنه، يطاع أمرهم، وينتهى عن نهيهم، كما قال الله -جل وعلا-: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ[آل عمران:31] وقال سبحانه: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ[التغابن:12].

فالرسل وهم أفضل الناس والأنبياء لا يقدسون تقديس للعبادة، ولكن يعظمون التعظيم الذي شرعه الله، بمحبتهم وتعظيم أوامرهم، والمسارعة إلى ما أمروا به، والانتهاء عما نهوا عنه، هكذا، والرسول ﷺ محمد هو أفضل الناس وهو أفضل الرسل، ولا يعبد من دون الله، ولكن يحب، يجب أن تكون محبته فوق محبة النفس والأهل والمال والولد والناس أجمعين، ولكن لا يغلى فيه، لا يعبد من دون الله، لا يستغاث به بعد موته، لا يدعى بعد موته، لا يقال: إنه يعلم الغيب، كل هذا منكر، كل هذا من الشرك، وفي حياته لا بأس أن تقول: ادع الله لي يا رسول الله، أغثني من كذا، يعني: يغيثه من شيء يستطيعه، أغثني من أميرك فلان من.... فلان، مثلما تقول لغيره من الناس القادرين في حياته، وهكذا يوم القيامة يطلب الناس منه -عليه الصلاة والسلام- أن يشفع إلى الله، أن يريحهم من كرب الموقف، هذا لا بأس به.

أما بعد الموت في حال البرزخ فلا يدعى الرسول ﷺ ولا غيره ممن يسمون بالأولياء والمشايخ ولا غيرهم، العبادة حق الله وحده ، كما قال : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ[الذاريات:56] وقال سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ[البينة:5]، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ[البقرة:21].
فالعبادة حق الله، وهي التذلل له بطاعته، وترك نواهيه، بالصلاة والصوم والصدقة والحج والعمرة والصيام، ونحو ذلك من العبادات كلها لله، وهكذا الذبح لا يذبح إلا لله، لا ينذر إلا لله، فلا يذبح للمشايخ ولا للأنبياء ولا للأولياء يتقرب إليهم بالذبائح، ولا يدعون من دون الله، ولا ينذر لهم، ولا يستغاث بهم، ولا يدعى فيهم أنهم يعلمون الغيب، كل هذا باطل ولا يجوز، ولكن يترحم على الأولياء الصالحين المعروفين بالخير، يترحم عليهم، يدعى لهم، يسلك سبيلهم الطيب، يتأسى بهم في الخير، ولكن العبادة حق الله وحده، وهكذا الرسل يتبعون ويطاعون، ولكن لا يغلى فيهم، لا يعبدون مع الله.

يجب أن تفهم هذا -أيها السائل- وأن تكون على بصيرة، فالعبادة حق الله، والرسل حقهم الطاعة والاتباع والمحبة، والأولياء والمشايخ الطيبون والأولياء من عباد الله المؤمنين هؤلاء يترحم عليهم، يدعى لهم بالمغفرة والرحمة، لا يقدسون بعبادة من دون الله، لا يستغاث بهم، لا يتمسح بهم، وهم أحياء، ولا يتوسل بقبورهم، ولا بترابها، ولا ينذر لهم، ولا يذبح لهم، ولكن يدعى لهم بالمغفرة والرحمة، ويتبع طريقهم الطيب في طاعة الله ورسوله، ويتأسى بهم في المحافظة على الخير، وحفظ الأوقات من الشر والإكثار من ذكر الله، والحذر من معاصي الله .

والولي هو المؤمن، الولي هو المؤمن، أولياء الله هم المؤمنون، فمن اتقى الله واستقام على أمره، فهذا هو ولي من أولياء الله، قال الله سبحانه: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ۝ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ[يونس:62-63] بيَّن أنهم أهل الإيمان والتقوى، وقال سبحانه في سورة الأنفال: وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ[الأنفال:34] فالمتقي لله هو المؤمن وهو الولي، أما ما يتعلق بالصوفية أو غير الصوفية من أن الولي يعبد من دون الله، أو أنه يعلم الغيب، أو أنه يتصرف في الكون هذا باطل، هذا كفر وضلال نعوذ بالله، ليس هذا بولي، الذي يدعي أنه يعلم الغيب، أو يقول: ادعوني من دون الله، أو اذبحوا لي، هذا ليس بولي، هذا من أولياء الشيطان، هذا كافر نعوذ بالله، والذي يدعي فيه أنه ولي بهذا المعنى أنه يدعى من دون الله، أو أنه يعلم الغيب أو أنه يعبد من دون الله، هذا يكون كافرًا نعوذ بالله؛ لأنه ادعى دعوى كفرية، بين الشرع أنها كفر، نسأل الله السلامة والعافية، فينبغي التنبه لهذا الأمر، نعم.

فتاوى ذات صلة