حكم التنفل قبل غروب الشمس

السؤال:

شكرًا لسماحة الشيخ، ونفعنا الله بعلمه، وجزاه الله خير الجزاء، ووردت إلينا تسعة وثلاثون سؤالًا إلى الآن، نترك لسماحة الشيخ الإجابة على ما تيسر منها:
أول هذه الأسئلة حسب وروده إلينا: بسم الله الرحمن الرحيم: إذا دخل الرجل المسجد قبل الغروب، فهل يتسنن، أم لا؟

الجواب:

إذا دخل الإنسان المسجد قبل غروب الشمس، أو دخل المسجد قبل طلوع الشمس بعد صلاة الفجر، فهذه الأوقات يقال لها: أوقات النهي عن الصلاة، والرسول ﷺ نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، ونهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس، تواترت، بهذا الأحاديث عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- ووجب على المسلمين الأخذ بها، وأن يكفوا عن الصلاة بعد الصبح إلى ارتفاع الشمس، وبعد العصر إلى مغيب الشمس. 

لكن هناك صلوات لها أسباب، ليست صلاة عادية، بل لها أسباب، أما الصلوات التي ليس لها أسباب فهذا محرم فعلها في أوقات النهي، كونه يقول: أصلي بدون سبب بعد العصر، أو بعد الصبح، أو بعد ارتفاع الشمس، فهذا ممنوع، أو عند قيام الشمس عند وقوفها قبيل الزوال هذا ممنوع.

لكن هناك صلوات لها أسباب مثل: الطواف، صلاة الطواف الذي طاف بالكعبة بعد العصر، أو بعد الصبح، ومثل صلاة الكسوف، لو كسفت الشمس بعد العصر، ومثل صلاة الجنازة بعد العصر، وبعد الصبح، ومثل تحية المسجد إذا دخل المسجد بعد الصبح، وبعد العصر، وذهب بعض أهل العلم إلى أن هذه الصلاة مثل غيرها تمنع قال: لا تفعل، ولو أنها ذوات أسباب لا تفعل في أوقات النهي؛ أخذًا بالعموم الذي سمعتم.

وقال آخرون من أهل العلم: لا حرج في الصلاة ذات الأسباب، لا حرج فيها أن تؤدى في أوقات النهي إذا كان لها سبب مثل: الصلوات التي سمعتم، مثل: صلاة الطواف، طاف إنسان في الكعبة، في مكة، طاف بعد العصر فهل يصلي؟

نعم الصواب: يصلي؛ لأنها ذات أسباب، ما صلاها هكذا من دون سبب، بل طاف، والطواف سبب، فيصلي ركعتين. كذلك صلاة الكسوف، كذلك تحية المسجد إذا دخل المسجد قبل غروب الشمس يصلي ركعتين، ثم يجلس، هذا هو الأفضل، والأقوى، والأصح.

لأن الرسول ﷺ أمر بهذه الصلوات، وقال -عليه الصلاة والسلام-: يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدًا طاف بهذا البيت، وصلى أية ساعة شاء من ليل، أو نهار خرجه الإمام أحمد، وأهل السنن بإسناد صحيح . 

وقال في الخسوف: فإذا رأيتم ذلك؛ فصلوا، وادعوا خسوف الشمس، والقمر، ولم يقل إلا وقت النهي. 

وكذلك قال: إذا دخل أحدكم المسجد؛ فلا يجلس حتى يصلي ركعتين فهو جاء يصلي المغرب، أو جاء ليجلس في المسجد قبل طلوع الشمس؛ ليقرأ، أو ليستريح، وهو على وضوء يصلي ركعتين؛ لأنها ذات أسباب، أو قدرت جنازة بعد العصر، أو بعد الصبح، يصلي عليها كما هو العمل، يصلي على الجنازة؛ لأن تأخيرها غير مشروع، وتعجيلها مشروع، أو إنسان توضأ ليقرأ بعد العصر، وتوجه إلى المسجد ليقرأ القرآن، أو ليمس المصحف؛ فالوضوء له صلاة، وصلاته من ذوات الأسباب.

فهذه الصلوات التي ذكرنا يقال لها: ذوات الأسباب، والصحيح فيها: أنه لا بأس بفعلها، وأنها مستثناة، خارجة من العموم، فلا بأس أن يصلي ركعتين تحية المسجد بعد العصر على الصحيح، ولا بأس أن يصلي بعد الطواف إذا طاف بعد العصر، أو بعد الصبح في مكة، ولا بأس أن يصلي صلاة الخسوف إذا خسفت الشمس بعد العصر، هذا هو الصواب.

ولو ترك؛ لا حرج لو جلس في المسجد، ولم يصلها، أو ما صلوا الكسوف، أو طاف بعد العصر، وأخر الصلاة إلى بعد المغرب، لا حرج في ذلك، لا بأس، لكن المبادرة في ذلك، وصلاة تحية المسجد، وصلاة الطواف، وصلاة الكسوف في وقتها هذا هو الأفضل، هذا هو الصواب، وتكون أحاديث النهي عامة، وهذه الصلوات التي جاء فيها الحديث خاصة مستثناة. 

ويلحق بذلك صلاة الجماعة إذا فاتت المسلم، إذا صلى جماعة، ثم جاء إلى مكان لم يصلوا، فصلى معهم، فهذه من ذوات الأسباب، لو صليت مع إخوانك في مسجد من المسجد، العصر، ثم ذهبت إلى الدرس في مسجد آخر، أو لحاجة تريدها في مسجد آخر، فدخلت المسجد، وإذا هم يصلون، فتصلي معهم، ولا تقل هذا بعد العصر، لا أصلي معهم، أو الفجر لا صل معهم، النبي ﷺ أمر الذين يدركون وقتًا يؤخرون فيه الأمراء الصلاة، قال: صل الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم؛ فصل معهم، فإنها لك نافلة، ولا تقل: صليت، فلا أصلي، فهذا يدل على أنه إذا صلى في أي مسجد، ثم جاء إلى مسجد آخر لحاجة، ووجدهم يصلون العصر، أو الفجر؛ فإنه يصلي معهم، ولا يقل: صليت فلا أصلي، فتكون له نافلة، هذه أيضًا نوع خامس من ذوات الأسباب المستثناة من أحاديث النهي.

وصلاة الوضوء أيضًا نوع سادس، فالصواب في هذه المسائل: أن ذوات الأسباب يعفى عنها، ولا بأس أن تؤدى في أوقات النهي، وأنها مستثناة من العموم في أرجح قولي العلماء. 

السؤال: النفل المطلق هو الممنوع؟

الجواب: النفل المطلق هو الممنوع نعم.

السؤال: إذا كان في المسجد، ثم انتقض وضوءه، وعاد؟

الجواب: يصلي تحية المسجد، وصلاة الوضوء أيضًا، فيجتمع له سنتان: سنة الوضوء، وسنة تحية المسجد.

السؤال: هو كان جالس في المسجد؟

الجواب: ولو إذا دخل هذا دخولًا جديدًا، وكذلك بعض الناس قد يشتبه عليه خاصة كثير بعد المغرب، إذا كان جالس قبل الغروب في المسجد، ثم أذن المؤذن؛ فالأفضل أن يصلي ركعتين بعد الأذان، كان أصحاب النبي ﷺ يفعلون ذلك في عهده -عليه الصلاة والسلام- جاء هذا في عدة أحاديث صحيحة عن رسول الله، عليه الصلاة والسلام. 

فالصحابة كانوا إذا أذن المؤذن للمغرب؛ قاموا، وصلوا ركعتين قبل الإقامة إذا كانوا جالسين في المسجد ينتظرون، ثم أذن المؤذن؛ فالأفضل، والسنة أن الجالسين يقومون بعد الأذان، ويصلون ركعتين، هذه تخفى على كثير من الناس، ويظن أنها غير مشروعة، وقد قيل لعقبة بن عامر الصحابي الجليل، أمير مصر في ذلك، فقال: إنها سنة كنا نفعلها في عهد النبي ﷺ فقال له السائل: ما يمنعنك الآن؟ قال: الشغل.

وثبت في صحيح مسلم عن أنس أن أصحاب النبي كانوا يفعلونها، فإذا أذن المؤذن وهم جالسون؛ قاموا، فأدوا ركعتين قبل صلاة المغرب، وهكذا بقية الصلوات إذا أذن المؤذن للظهر، أو للعصر، أو للعشاء وأنت جالس؛ تقوم تصلي ركعتين في الفجر، سنة في الفجر، في الظهر، الراتبة إذا كنت ما أديتها، وإذا كنت أديت الراتبة؛ صليت ركعتين؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة والعصر كذلك.

السؤال: والجمعة يا شيخ؟

الجواب: الجمعة لا، إذا أذن الأذان الأخير؛ يجلس يستمع الخطبة، لكن إذا دخل وهو يخطب؛ يصلي ركعتين، وقد أمر بها النبي ﷺ أمر من دخل أن يصلي ركعتين، ولو أن الإمام يخطب، لكن لا يطول فيهما يتجوز.

فتاوى ذات صلة