الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
صلاة الضحى سنة مؤكدة، وأقلها ركعتان، وأفضلها ثمان، وإن زاد فلا بأس، لو صلى عشرًا، أو ثنتي عشرة، أو أكثر من ذلك فلا بأس، وقد ثبت عنه ﷺ أنه صلاها ثمان ركعات يوم الفتح، وثبت عنه ﷺ أنه أوصى بذلك أبا الدرداء وأبا هريرة، فقد جاء في الصحيح عن النبي ﷺ "أنه أوصى أبا هريرة وأبا الدرداء بثلاث: صلاة الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، والوتر قبل النوم".
وثبت أيضًا في الصحيح من حديث أبي ذر أن النبي ﷺ لما سئل عن صدقة أهل الدثور أهل الأموال وأنهم سبقوا بالصدقة من أموالهم قال: أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون به؟ إن لكم بكل تسبيحة صدقة، وبكل تهليلة صدقة، وبكل تحميدة صدقة، وبكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة إلى أن قال: ويكفي من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى.
هذا يدل على أن ركعتين من الضحى تقوم مقام هذه الصدقات التي يشرع للمؤمن أن يدفعها عن مفاصله وأعضائه، فدل ذلك على تأكدها، وأنها صلاة عظيمة مؤكدة فيها خير عظيم.
ويستحب فعلها كل يوم، قال بعض السلف: إنها تفعل يومًا بعد يوم، ولكن الصواب: أنها تفعل كل يوم؛ لأن الرسول ﷺ أوصى بها، الرسول ﷺ أوصى بها، وحث عليها، فدل ذلك على أنها سنة، كل يوم إذا تيسر ذلك، ولكنها غير واجبة من تركها بعض الأيام فلا بأس، ولو تركها دائمًا فلا بأس؛ لأنها سنة مؤكدة مثل الوتر، ومثل رواتب الفريضة، مثل سنة الظهر والمغرب والعشاء والفجر كلها سنن كلها نوافل، لو تركها العبد لا إثم عليه.
لكن الأفضل والأولى أن يحافظ عليها، وأن يعتني بها؛ لأن فيها أجرًا عظيمًا؛ ولأنها تكمل بها الفرائض، وصلاة الضحى من ذلك فهي سنة مؤكدة في جميع الأوقات.
أما كون النبي ﷺ ما كان يحافظ عليها؛ فلعله فعل ذلك لئلا يشق على أمته؛ لأنه لو حافظ عليها لازداد تأكدها وربما شق على بعض الناس ذلك؛ ولمشاغله الكثيرة -عليه الصلاة والسلام-؛ ولأن السنة لها وجوه ثلاثة: سنة تثبت بالقول، وتثبت بالفعل، وتثبت بالتقرير، فالنبي ﷺ فعلها، وأقر عليها، وأوصى بها -عليه الصلاة والسلام-، كل هذا فعله -عليه الصلاة والسلام-، فعلها في يوم الفتح، وفعلها في أوقات أخرى، قالت عائشة -رضي الله عنها-: "كان النبي ﷺ يصلي الضحى أربعًا ويزيد ما شاء الله" رواه مسلم، وفعلها الصحابة وأرضاهم، فدل ذلك على أنها سنة مؤكدة، أقر عليها، وأوصى بها، وفعلها -عليه الصلاة والسلام-، نعم.