الجواب:
هذا المقام فيه تفاصيل، وتقدم لكم أن الوالد له حق عظيم، والوالدة كذلك، وأنه ينبغي للوالد أن لا يكون قاسيًا، ولا شديدًا، بل يكون لطيفًا رحيمًا؛ حتى يعين أولاده على بره، ويعينهم على بره بعبارته الطيبة، ولينه، وعدم قسوته.
ولكن بعض الأولاد أيضًا شر، بعض الأولاد شر يدعون إلى الشر، وهكذا بعض الزوجات كما قال الله -جل وعلا-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ [التغابن:14] وقال: إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ [التغابن:15] فهم فتنة، يعني اختبار، وامتحان، قد يختبر الله الآباء، والأمهات في أولادهم، فإن نصحوا لهم، ووجّهوهم إلى الخير؛ أثابهم الله، وإن تساهلوا معهم في المعاصي، والسيئات؛ استحقوا العقاب من الله .
والأولاد، والزوجات أيضًا قد يكونون شرًّا، قد تكون الزوجة شرًّا على زوجها، تدعوه إلى الباطل، تدعوه إلى الفساد، والمعاصي، وهكذا الولد قد يكون خبيثًا، يدعو والده إلى الشر، والبلاء، والفساد؛ فيجب على الوالد أن يحذر، وألا ينساق مع أولاده وأن لا ينساق مع زوجاته فيما لا ينبغي، بل ينظر فيما يدعون إليه ويختار الطيب، ولا يختار الخبيث.
إذا دعت الزوجة إلى شيء فلا يسارع إلى إجابتها حتى ينظر النتيجة، وهل هذا شيء يرضي الله، هل هو جائز، وما عاقبته، فيختار من ذلك ما فيه الخير، والعاقبة الحميدة، ولا يضره ذلك.
وهكذا الولد قد يكون شرًا، قد يكون فاسدًا، قد يكون منافقًا، قد يكون كافرًا يتلبس بالإسلام، فليحذر هذا الولد، ولا يأخذ من كلامه، ولا من دعوته، ولا من طلباته إلا ما كان يرضي الله، ومما أباح الله ومما يرجو فيه العاقبة الحميدة حتى لا يقع في شر مما حذر الله منه.
فإذا قال له أبوه، فإذا فعل معه أبوه ما يوجب الخروج، وخرج؛ فلا بأس، إذا كان والده ضيق عليه، وضيق على زوجته، ولم يمكنهما مما ينبغي مما أباح الله لهما لسوء خلق الوالد، فلا ينبغي له، بل يعالج الأمور بالتي هي أحسن، يرفق بوالده ويقول: يا والدي ارفق بنا أرجو أن تفعل كذا، وكذا، وإلا فاسمح لنا أن نخرج من هذا البيت إلى بيت آخر، يخاطبه بالتي هي أحسن، فإن استطاع أن يجلس مع والديه، ويرفق بهما؛ فهذا هو المطلوب، وهذا هو الذي ينبغي له، وإن لم يتيسر ذلك؛ لشدة الوالد، ولأنه يعامله معاملة قاسية تضره في دينه، ودنياه، وربما سببت عليه انحرافه عن الهدى، وربما سببت أيضًا عقوقه لوالده ووقوعه فيما حرم الله؛ فليخرج، وليعامل والديه بالتي هي أحسن، ولو دعوا عليه يرفق بهما، ويعاملهما بالتي هي أحسن، ويجتهد في برهما، وإرضائهما.