الجواب:
كذلك المديح، المديح فيه تفصيل: ترك المديح أولى؛ لأنه قد يسبب الغلو، وقد يعجب الممدوح بنفسه، فربما أكسبه الكبر والخيلاء، ترك المديح أولى، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب فالمدح فيه خطر، وقال وهو سيد الخلق -عليه الصلاة والسلام-: لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله نهى عن الزيادة في مدحه والإطراء والغلو؛ لأن هذا قد يفضي إلى الشرك؛ ولهذا خاف على أمته -عليه الصلاة والسلام-، ونهاهم عن الإطراء كما فعلت النصارى حتى قالت في ابن امريم إنه ابن الله، وحتى عبدوه من دون الله بسبب الغلو والإطراء.
فالنبي ﷺ نهى عن الإطراء، وألا يمدح إلا بحق، يمدح من صفاته أنه رسول الله، وأنه عبد الله ورسوله، أنه الأمين، أن الله بعثه رحمة، أنه يشفع للناس يوم القيامة، أنه سيد الخلق -عليه الصلاة والسلام-، يمدح بما وصفه الله به -عليه الصلاة والسلام-، لكن لا يجوز الغلو فيه، بأن يدعى من دون الله، أو يستغاث به، أو يطلب منه المدد، أو النصر على الأعداء بعد موته -عليه الصلاة والسلام-، لا، هذا غلو، وهذا إطراء منكر.
والمشايخ يجب عليهم اتباع النبي ﷺ في كراهة المدح، وأن لا يتساهلوا في هذا؛ لأن إطلاق المديح لهم من أتباعهم أو من طلبتهم قد يفضي إلى شر، وإلى عجب وإلى خيلاء وكبر، فالذي ينبغي للعلماء أن يكرهوا المدح وأن لا يسمحوا لأتباعهم وطلبتهم بالتوسع في هذا.
أما المدح القليل، الشيء القليل الذي للتشجيع على الخير، والتقوية على الخير، والتنشيط عليه فلا بأس، قد مدح النبي ﷺ بعض الصحابة، وقال في عمر: إنك الفاروق وقال فيه: إنك ما سلكت فجًا إلا سلك الشيطان فجًا غير فجك.... ، وقال في ابن عمر: إنه رجل صالح فالمدح القليل الذي لا يخشى منه الشر لا بأس به للتشجيع على الخير والدعوة إليه.
أما التوسع في المديح، والإكثار منه فالأولى تركه، ولو كان بحق؛ لأنه يخشى فيه الفتنة إذا كان الممدوح حيًا يسمع، فإنه يخشى عليه الفتنة، نعم.