الجواب:
الذي جاوز الميقات، وأتى جدة، وأحرم منها، عليه دم عند أكثر أهل العلم؛ لكونه ترك واجبًا عليه لعمرته أو حجه؛ ولقول ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-: «من ترك نسكًا، أو نسيه فليرق دمًا» يروى مرفوعًا إلى النبي ﷺ، ويروى موقوفًا عليه على ابن عباس، وهو أصح، لكنه في حكم الرفع؛ لأن مثل هذا الكلام تأسيس قاعدة شرعية، لا يقال من جهة الرأي؛ ولهذا أخذ به الجمهور، وقالوا: على مثل هذا دم؛ لأنه ترك واجبًا.
ثم ينبغي لمثل هذا أن ينتبه، فإذا جاء وقت الإحرام وليس معه ملابس الإحرام يحرم فيما عليه، إن كان عليه سراويل كفت السراويل، ونزع القميص والعمامة، وجعل بعضها على كتفيه يكفي، ويبقى السراويل عليه، ولا عليه شيء، وإن شاء اتخذ قميصه إزارًا حتى يصل إلى جدة، وكفى، وأزال ما على رأسه.
وبهذا يسلم من تجاوز الميقات بغير إحرام، ويسلم من الفدية، فإن أحرم على حاله فهو أولى، إن أحرم على حاله، ولم يغير فهو أولى من التأخير، لكن إذا أمكنه أن يخلع القميص، ويبقى عليه السراويل إذا كان عليه سراويل، فهذا هو الواجب عليه، يبقى في السراويل، ويزيل القميص والعمامة التي على رأسه، وهو مخير: إن شاء وضع القميص كذا على كتفيه، أو عمامته على كتفيه تقوم مقام الرداء، وإن شاء ترك، فإذا وصل إلى جدة أمكنه أن يغير، فإن لم يفعل؛ لزمه أن يحرم ولو على ثيابه هذه التي هي عليه، لزمه أن يحرم، وإذا وصل مكة، فدى بأحد ثلاثة: صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة، كما أفتى النبي ﷺ بذلك كعب بن عجرة لما حلق رأسه.
هذا الذي أحرم في ثيابه المخيطة وعمامته، ولم يخلعها؛ عليه أن يفدي بإحدى هذه الثلاث؛ إما صيام ثلاثة أيام، وإما إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من التمر، أو من الأرز، أو غيرهما من قوت البلد، وإما ذبح شاة، هذا عن المخيط، ومثل ذلك عن تغطية الرأس إذا لم يكشف رأسه، فيكون عليه كفارتان: إحداهما عن تغطية الرأس إذا لم يكشفه، والثانية عن المخيط الذي عليه، وهذا أولى له من التأخير من تأخير الإحرام إلى جدة ونحوها، بل يحرم وهو الواجب عليه، ويكون إحرامه في ثيابه، ويفدي هذه الفدية، لكن إذا أمكنه أن يخلعها ويبقى في السراويل؛ وجب عليه ذلك كما تقدم، نعم.