الجواب:
البدع ليس فيها حسنة، كلها ضلالة، كما قاله النبي ﷺ: وكل بدعة ضلالة هذا كلام عظيم، وقاعدة كلية عظيمة، قالها النبي ﷺ، والبدعة هي التي يحدثها الناس في الدين، عبادات ما شرعها الله يقال لها: بدعة، مثل إحداث شيء ما شرعه الله في الصلاة من رفع اليدين بين السجدتين، أو في آخر الصلاة، أو بعد السلام من الفريضة، هذه بدعة ما شرعها الله -جل وعلا-، مثل إحداث الاحتفالات بالموالد هذه بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، مثل إحداث البناء على القبور، اتخاذ المساجد عليها، هذه من البدع أيضًا، وما أشبه ذلك مما أحدثه الناس.
والقاعدة: أن كل ما أحدثه الناس في الدين وسموه طاعة وقربة، وليس له أصل في الشرع يسمى بدعة.
أما ما يظن بعض الناس أنه بدعة حسنة، وليس كذلك فهذا ليس من البدع، مثل المساجد بالأسمنت، هذا شيء جديد ولا يسمى بدعة؛ لأن الرسول ﷺ أمر ببناء المساجد، سواء كانت بالطين أو باللبن أو بالحجر أو بالخشب أو بالأسمنت كله ما يسمى بدعة، ومثل المدارس المبنية والربط هذه ما تسمى بدعة ضلالة، وإن سماها الناس بدعة من جهة اللغة، من جهة أنها لم تكن سابقة غير موجودة، لكن الرسول ﷺ أمر بما ينفع الناس، أمر بالتعليم، وأمر بتعمير المساجد، فإذا عمر الناس مسجدًا بالأسمنت أو عمر الناس مدرسة، أو رباطًا للفقراء أو للمهاجرين، أو للغرباء فلا بأس، كل هذا ما يسمى بدعة سيئة، هذه من الأمور الشرعية؛ لأنه نفع المسلمين، والإحسان إليهم، امتثالًا لأمر الله في الأمر بنفع المسلمين، والإحسان إلى الفقراء، وتعليم الجاهل، سواء كان يعلم في المسجد، أو يعلم في المدرسة ليس هذا من البدع التي حذر منها النبي ﷺ، وإن سميت بدعة من حيث اللغة، كما قال عمر في التراويح: "نعمت البدعة" يعني: من حيث اللغة؛ لأنه رتبهم على إمام واحد في كل ليلة، فسماها بدعة من حيث اللغة؛ لأنها في عهد النبي ﷺ كانوا يصلون أوزاعًا كل جماعة وحدهم، صلى بهم النبي ﷺ ثلاث ليال ثم تركهم، وقال: إني خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل أو قال: إني أخاف أن تفرض صلاة الليل فترك ذلك خوفًا على الأمة من أن يفرض عليهم صلاة الليل، فلما كان في زمن عمر جمع الناس على إمام واحد يصلي بهم التراويح، وقال: «نعمت البدعة» يعني: من حيث اللغة وإلا فهي سنة، التراويح سنة فعلها النبي ﷺ ورغب فيها -عليه الصلاة والسلام-.
فهكذا الربط والمدارس التي يفعلها الناس كالتعليم، وهكذا ما يسمى بالمعاهد، وهكذا ما يسمى بالمجامع للناس لتحفيظهم القرآن، أو ما أشبه ذلك على اختلاف الأسماء أو خلوات، أو على حسب اختلاف الناس في الأسماء، كل ذلك مما ينفع الناس، وليس من البدع، بل هو من باب التعاون على البر والتقوى، ومن باب الحرص على تعليم الناس الخير وجمعهم في أماكن تحفظهم وتحفظ أدوات التعليم، وليس هذا من باب البدع.
أما قوله ﷺ في الحديث الصحيح: من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل من بعده لا ينقص من أجورهم شيئًا فهذا معناه: إظهار السنن، يعني: إظهار العبادة التي خفيت وجهلها الناس، فالذي يظهرها للناس، ويسنها للناس له أجر عظيم؛ لأنه أحيا السنن، وليس معناه: أنه يبتدع في الدين ما لم يأذن به الله؛ لأن الله ذم من فعل ذلك، وقال: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ[الشورى:21] وقال -عليه الصلاة والسلام-: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد فالإحداث منكر، ولكن إحياء السنن وإظهارها بين الناس عند خفائها وعند جهل الناس بها، هذه هي السنة في الإسلام، وهو معنى من سن في الإسلام... ويدل على هذا أن الحديث سببه أن النبي ﷺ لما حرض على الصدقة، وحث الناس على الصدقة جاء إنسان بصرة في يده كادت كفه تعجز عنها فقدمها، فلما رأوه الناس تتابعوا، وجاءوا بالصدقات، فقال النبي ﷺ عند ذلك: من سن في الإسلام سنة حسنة... يعني: أظهر الصدقة، وجاء بالمال، فتتابع الناس، واقتدوا به في ذلك، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.