الجواب:
هذا فيه تفصيل:
إن كان السكر قد غلب عليه وغيّر عقله، ولم يشعر بما وقع منه شعورًا يضبط معه كيف يتكلم هذا لا يقع طلاقه، وقد أفتى به عثمان بن عفان الخليفة الراشد، وقال به جمع من أهل العلم، واختاره أبو العباس ابن تيمية -رحمه الله- وتلميذه العلامة ابن القيم -رحمه الله-، وهذا هو الذي أفتي به.
وهو الأرجح عندي، وعليه الفتوى، نعم.
أما إذا كان السكر قد زال وهو يعقل ما يقول، يفهم ما يقول، فهذا يقع طلاقه، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يقع طلاقه مطلقًا إذا كان آثمًا، إذا كان سكره ليس له فيه عذر، بل تعاطى المسكرات آثمًا يقولون: لا تكون معصيته سببًا للتخفيف عنه، ويرون أن إيقاع الطلاق من العقوبة أيضًا له، هذا قول الأكثر أنه يقع عليه الطلاق إذا كان آثمًا، ولو زال عقله، وهذا قول عند من تأمله ليس بجيد، كيف يؤاخذ بشيء لا يعقله، والحد يكفي، حده الذي فرضه الله عليه يكفي في زجره عن المسكر الحد الشرعي ثمانين جلدة.
أما أنه يعاقب بشيء آخر جديد، وهو إيقاع الطلاق عليه، وتفريق بينه وبين أهله وأولاده فهذه عقوبة لا دليل عليها.
فالصواب: أنه إذا كان قد فقد عقله ولو كان آثمًا فإنه لا يقع طلاقه، كما أفتى به عثمان كما تقدم، أما الذي معذور يعني: جعل له شيئًا يسكره من غير اختياره، أو شرب شيئًا ظنه شرابًا سليمًا فبان مسكرًا ولم يتعمده وعرف من حاله ومن الأدلة الواقعة أنه لم يتعمد ذلك، فهذا لا يقع طلاقه كالمجنون؛ لأنه ليس بآثم، بأن أسقي شيئًا ظنه ليس بخمر ظنه شاهي، أو أنه شراب فصار خمرًا خدعوه، فهذا لا يقع طلاقه؛ لأنه معذور، كالمجنون، وإنما الخلاف الآثم الذي تعمد شرب المسكر، وزال عقله بسبب المسكر، هذا هو محل الخلاف.
والأرجح أيضًا أنه لا يقع طلاقه، كالذي فقد عقله بغير عمل منه، هذا هو الصواب وهذا هو الأرجح، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا، ونفع بعلمكم.