الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فلا شك أنّ صلاة الجمعة واجبة على المسلمين، ولكن ليس لك أن تصلي على المذياع، بل الواجب عليك أن تلتمس من المسلمين من يقيم الصلاة صلاة الجمعة، وعليك أن تجتهد في ذلك، فإذا تيسر لك جماعة من المسلمين في أي مسجد من المساجد تصلي معهم الجمعة، ولو اثنين، وتكون أنت الثالث؛ لأن الصحيح أنّ الجمعة تنعقد من ثلاثة، فإذا كانوا مستوطنين مقيمين في بلد ليسوا مسافرين بل مقيمون مستوطنون، فإنكم تصلون جميعًا جمعة، وإذا كانوا أكثر من ثلاثة فأحسن وأحسن.
وينبغي لك وأمثالك من الإخوان الطيبين أن يسعوا في هذا الأمر، وأن يجتهدوا في إقامة صلاة الجمعة، وصلاة الجماعة في المساجد الموجودة، وأن تحرصوا على فتحها؛ لأنه بلغني أنّ هناك مساجد كثيرة مغلقة، فينبغي لك أنت وإخوانك أن تسعوا حثيثًا في فتح ما تيسر منها، وأن تقيموا صلاة الجمعة فيما تيسر منها، ولا تصل خلف مذياع، لكن إذا لم يتيسر لك أحد تصلي ظهرًا، صل أربعًا ظهرًا بعد زوال الشمس، بعد دخول الوقت، ولا تصل جمعة إلا إذا كان معك اثنان أو أكثر من الناس المستوطنين في البلد، هكذا بيّن أهل العلم.
ونسأل الله أن يجعلك مباركًا، وأن يعينك على أسباب الخير، وأن يجعلك مفتاحًا للخير.
أما الغسل فهو سنة سنة مؤكدة يوم الجمعة لمن يصلي الجمعة، وذهب بعض أهل العلم إلى وجوبه، وقد ثبت عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: من جاء منكم الجمعة فليغتسل وقال أيضًا -عليه الصلاة والسلام-: غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم، وأن يستاك ويتطيب.
قال جمهور أهل العلم: معنى واجب يعني: متأكد، فيسن لك الغسل للجمعة إذا كنت تصلي الجمعة.
أما صلاة الأوقات فلا يشرع لها الغسل، وإذا كنت تعلم أن في ثوبك نجاسة، أو بدنك نجاسة من لحم الخنزير، أو دم الخنزير، أو من بول أو غير ذلك فاغسله، اغسل المحل فقط، وليس عليك غسل، عليك أن تغسل ما أصابه الدم أو النجاسة من الخنزير في يدك أو رجلك أو ثوبك، أما الغسل فلا يلزمك، لكن يستحب لك الغسل في الجمعة. ويجب عليك الغسل للجنابة إذا جامعت زوجتك، أو أنزلت مني بشهوة تغتسل للجنابة، نسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يمنحنا وإياك الفقه في الدين، والثبات عليه، ونوصيك مرة أخرى بالحرص على جمع إخوانك، والتعاون معهم، وأن تصلوا جميعًا الجمعة والجماعة، وأن تجتهدوا في فتح المساجد تشجيع من حولها من المسلمين يصلوا فيها الجمعة والجماعة، كل مسجد حوله جماعة يصلوا فيه الجماعة، وإذا كانت الجمعة بعيدة عنهم صلوا جمعة أيضًا، وإذا كانوا متقاربين اجتمعوا في واحد من المساجد وصلوا جمعة، ولا يتفرقوا، بل يصلون جميعًا في مسجد واحد، إلا إذا تباعدت المساجد والمحلات تباعدًا كثيرًا، فكل حي يصلون في حيهم جمعة إذا صار بعيدًا عن الحي الآخر بما يشق معهم الذهاب إلى الحي الآخر، والله المستعان، نعم.
المقدم: الله المستعان، جزاكم الله خيرًا.
سماحة الشيخ، بم توصونه تجاه عمله في هذا المصنع، مصنع للحوم الخنزير؟
الشيخ: تقدم أن أوصيناه بأنه يجب عليه تركه، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا [الطلاق:2] ليس له أن يعمل في مصنع الخنزير، وليس لأحد أن يساعد صناع ما حرم الله من صناعة الخمر، أو بيع لحم الخنزير، أو غير هذا مما حرم الله، ليس للمسلم أن يشاركهم في ذلك، ولا أن يعينهم في ذلك؛ لأن الله يقول: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] والنبي ﷺ لعن الخمر وشاربها وساقيها وعاصرها ومعتصرها وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها ومشتريها، وآكل ثمنها؛ لماذا؟ لأنهم ساعدوا على الباطل؛ لأنهم عاونوا على الشر، فلهذا لعنوا.
فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة الحذر من الإعانة على ما حرم الله، عملًا بقوله سبحانه: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة:2] فالذي يعين على بيع الخمر، أو بيع الخنزير، أو أكل لحم الخنزير، أو شرب المسكر، أو يعين على أكل الربا، أو يكتب الربا، أو يشهد على الربا كلهم داخلون في اللعنة، نسأل الله العافية، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.