الجواب:
باسم الله.
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فهذه الأشياء التي يقولها الناس عن أم الصبيان كلها لا أصل لها، ولا تعتبر، وإنما هي من خرافات العامة، ويزعمون أنها جنية مع الصبيان، وهذا كله لا أصل له، وهكذا ما ينسبونه إلى سليمان كله لا أساس له، ولا يعتمد عليه، وكل إنسان معه ملك وشيطان، كما أخبر به النبي ﷺ، كل إنسان معه قرين ليس خاصًا بزيد ولا بعمرو، فمن أطاع الله واستقام على أمره كفاه الله شر شيطانه، كما قال النبي ﷺ: «لما قيل له: وأنت يا رسول الله معك شيطان؟ قال: نعم، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم.
أما أم الصبيان فلا أساس لها، ولا صحة لهذا الخبر؛ ولهذا القول، ولا يجوز اتخاذ الحجاب من أجلها، يعني: كأن يضع الإنسان على ولده، أو على بنته كتابًا يكتب فيه كذا وكذا تعوذًا بالله من أم الصبيان، أو طلاسم أو أسماء شياطين أو ملوك الشياطين، أو غير ذلك لا يجوز اتخاذ ذلك، ولا تعليقها على الصبية ولا على الصبي، كل هذا منكر؛ لأن «الرسول ﷺ نهى عن التمائم» وهي الحجب، وقال: من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له وقال: إن الرقى والتمائم والتولة من الشرك.
فالتمائم هي ما يعلق على الأولاد ذكورهم وإناثهم، أو على المرضى لدفع المرض، أو لدفع الجن تسمى تميمة وتسمى حجابًا، قد يكون من طلاسم، وقد يكون من أسماء شياطين، قد يكون من حروف مقطعة لا يعرف معناها، قد يكون من آيات معها غيرها، فلا يجوز اتخاذ هذه الحجب لا مع الصبي ولا مع الصبية ولا مع المريض، ولكن يقرأ عليه الرقى جائزة، والرقى الممنوعة هي التي برقى مجهولة أو برقى فيها منكر.
أما الرقى بالقرآن العظيم، وبالدعوات الطيبة فهي مشروعة، كان النبي ﷺ يرقي أمته، وقد رقاه جبرائيل -عليه الصلاة والسلام-، وقال: لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا كون الصبي يقرأ عليه إذا أصابه مرض أو الصبية يقرأ عليه أبوه أو أمه أو غيرهما بالفاتحة بآية الكرسي، قُلْ هُو اللهُ أَحّدٌ [الإخلاص: 1] المعوذتين بغير ذلك ويدعون له بالعافية، أو على المرضى يقرأ عليهم، ويدعى لهم بالعافية، أو على اللديغ، كما قرأ الصحابة على اللديغ، فعافاه الله كل هذا لا بأس به، وهذا مشروع.
أما أن يقرأ عليه برقى شيطانية لا يعرف معناها، أو بأسماء شياطين، أو بدعوات مجهولة هذا لا يجوز، وكذلك الحجب التي يسمونها الحروز، وتسمى الجوامع، ولها أسماء، هذه لا يجوز تعليقها، وقال النبي ﷺ نهى عن تعليق التمائم وقال: من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا أودع الله له ويروى عن حذيفة أنه رأى رجلًا بيده خيط من الحمى فقطعه، يعني: خيط علقه في يده لدفع الحمى، فقطعه، وتلا قوله تعالى: وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ[يوسف:106].
وثبت عن عمران بن حصين أن النبي ﷺ: «وجد في يد إنسان حلقة من صفر، فقال: ما هذا؟ قال: من الواهنة، فقال له النبي ﷺ: انزعها، فإنها لا تزيدك إلا وهنًا -لا تزيدك إلا وهنًا إلا ضعفًا- فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدًا وهذا وعيد فيه التحذير من تعليق الحجب والحلقات وأشباه ذلك مما يعلقه الجهلة أو الخيوط تعلق على المريض أو على غيره، كل ذلك ممنوع، ولا يجوز تعليقه من أجل ما يدعونه أنه أم الصبيان ولا غير ذلك، ولكن الإنسان يتحرز بما شرع الله، الله شرع لنا تعوذات.
فإذا أصبح الإنسان وقرأ آية الكرسي بعد فريضة الفجر، وقرأ قُلْ هُو اللهُ أحدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين ثلاث مرات؛ هذا من التعوذات الشرعية، وهكذا إذا قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق -ثلاث مرات- صباحًا ومساء، فهذا من التعوذات الشرعية، هكذا: باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم -ثلاث مرات- لم يضره شيء كما قاله النبي ﷺ يقولها صباحًا ومساء، هكذا: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة يقولها، كان النبي ﷺ يعوذ بها الحسن والحسين، فإذا استعملها الإنسان هذه تعوذات شرعية.
وهكذا لو قال: أعيذ نفسي وذريتي وأهل بيتي بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامةباسم الله أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه ومن شر عباده، ومن همزات الشياطين، وأن يحضرون، هذا أيضًا جاء هكذا: أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر ما ينزل من السماء، ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض، ومن شر ما يخرج منها، ومن شر فتن الليل والنهار، ومن شر كل طارق إلا طارقًا يطرق بخير يا رحمن هذا أيضًا جاء عن النبي ﷺ أنه تعوذ به عندما هجم عليه بعض الشياطين، فأعاذه الله من شرهم.
فهذه تعوذات شرعية، ينبغي للمؤمن أن يفعلها في صباحه ومسائه وعند نومه، وهكذا قراءة: قُلْ هُو اللهُ أحدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين بعد كل صلاة هي من التعوذات الشرعية، مع آية الكرسي، ولكنها تكرر بعد الفجر والمغرب ثلاث مرات، قُلْ هُو اللهُ أَحدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين تكرر ثلاث مرات بعد الفجر وبعد المغرب، وتقال عند النوم ثلاث مرات كل هذا جاءت به السنة، وهذه حروز شرعية ليس فيها تعليق بشيء، ولكنه يقولها المؤمن والله -جل وعلا- ينفعه بها، ويحفظه بها من الشر الكثير، من شر الدنيا والآخرة، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.