الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه.
أما بعد: فإن الواجب عليك وعلى جميع الأسرة المساعدة على تزويج الفتاة بالرجل الصالح المرضي في دينه وأخلاقه، ومن خالف في ذلك فلا يعتبر خلافه، سواء كان المخالف الجدة أو غيرها؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال في الحديث الصحيح: لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، ، قالوا: يا رسول الله! وكيف إذنها قال: أن تسكت متفق على صحته، وقال أيضًا عليه الصلاة والسلام: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه؛ فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير، وفي لفظ آخر: وفساد عريض، هذا يدل على أن الواجب تزويج الكفء، وعدم رده إذا رضيت به المخطوبة، وما دامت رضيت والحمد لله وأنت ترضاه أيضًا؛ فهذا من نعم الله العظيمة، ونسأل الله للجميع التوفيق، ولا يجوز أن يعترض على ذلك بقول الجدة ولا غيرها.
المقدم: جزاكم الله خيرًا سماحة الشيخ! كثيرًا ما يحدث مثل هذا في كثير من البيوت، تعضل البنت عن الزواج بسبب رأي أحد أفراد الأسرة؛ حبذا لو تفضلتم بتوجيه عام في هذا الموضوع.
الشيخ: الواجب على الأسرة -وبالأخص على وليها-: أن يختار لها الرجل الصالح الطيب في دينه، والمرضي في خلقه، فإذا رضيت؛ وجب أن تزوج، ولا يجوز لأحد أن يعترض في ذلك لهوى في نفسه، أو لغرض آخر من الدنيا، أو لعداوة وشحناء، كل ذلك لا يجوز اعتباره، وإنما المعتبر كونه مرضيًا في دينه وأخلاقه، ولهذا قال النبي ﷺ في الحديث الصحيح في شأن المرأة: تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولجمالها، ولحسبها، ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك، هكذا يقال في الرجل، سواء بسواء، الواجب الظفر بصاحب الدين، وإن أبى بعض الناس بعض الأسرة؛ لا يلتفت إليه. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا سماحة الشيخ! راتب البنت ووظيفتها، أيضًا الحالة المادية والاجتماعية للخاطب، دراسة المخطوبة أيضًا؛ تكون أسبابًا أحيانًا في تأخير الزواج، توجيهكم لو تكرمتم.
الشيخ: الواجب البدار بالزواج، ولا ينبغي أن يتأخر الشاب عن الزواج من أجل الدراسة ولا ينبغي أن تؤخر الفتاة عن الزواج للدراسة، فالزواج لا يمنع، فبالإمكان أن يتزوج الشاب ويحفظ دينه وخلقه، ويغض بصره، ومع هذا يستمر في الدراسة والحمد لله، وهكذا الفتاة: إذا يسر الله لها الكفء فينبغي البدار بالزواج وإن كانت في الدراسة، سواء كانت في الثانوية، أو في الدراسات العليا، كل ذلك لا يمنع.
فالواجب البدار بالموافقة على الزواج إذا خطب الكفء، والدراسة لا تمنع من ذلك، ولو قطعت الدراسة فلا بأس، حتى ولو قطعت الدراسة، المهم أن تتعلم ما تعرف به دينها، والباقي فائدة، والزواج فيه مصالح كثيرة ولا سيما في هذا العصر، والترك فيه خطورة على الشاب وعلى الفتاة.
فالواجب على كل شاب وعلى كل فتاة البدار بالزواج إذا تيسر الخاطب الكفء للمرأة، وإذا تيسرت المخطوبة الطيبة للشاب؛ فليبادر، عملاً بقول النبي الكريم عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء، متفق على صحته، وهذا يعم الشباب من الرجال، والفتيات من النساء، ليس خاصًا بالرجال، بل يعم الجميع، وكلهم في حاجة إلى الزواج، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.
المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيرًا، إذًا أفهم مما تفضلتم به شيخ عبد العزيز أن كل شيء عدا الزواج يعتبر من الباب الزائد.
الشيخ: إذا تعلمت ما تعرف دينها، وتعلم هو كذلك ما يحصل به معرفة دينه؛ فالحمد لله، هذا إذا قدر أن الزوج يمنع، أما إذا كان لا يمنع، فالحمد لله.
المقصود: أن الشاب يتعلم ما يفقه به دينه، والفتاة كذلك، ولا يمنع ذلك أن يتزوج الشاب، ولا يمنع من أن تزوج الفتاة، فإن استمر الشاب في الدراسة؛ فالحمد لله، وإن اشتغل بطلب الرزق ليقوم بحاله وحال زوجته فلا بأس، وفي إمكانه أن يتعلم خارج المدرسة، في المساجد وعلى العلماء، أو دراسة مسائية إذا تيسر ذلك، والفتاة كذلك إذا حصل لها تعلم ما لا يسعها جهله من دينها؛ فالحمد لله، لا تأخر عن الزواج، وربما تيسر لها الزواج مع الدراسة، وسمح لها الزوج بذلك، وربما تيسر لها دراسة خاصة مسائية في محل مأمون طيب يرضاه الزوج، وربما درست من طريق سماع (نور على الدرب) وأشباهه من المحاضرات والندوات التي تذاع، إذا تحرتها الفتاة في أوقاتها لقصد الفائدة؛ فإنها دروس عظيمة مفيدة، وهكذا للرجال: الكبار والصغار دروس مفيدة عظيمة، إذا اعتنوا بها في أوقاتها، من هذا البرنامج ومن غيره من الدراسات الإسلامية، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. نعم.
المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيرًا.