الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد.
فهذه الآية يفسرها ما قبلها، يقول -جل وعلا-: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [التوبة:107-109].
يبين أن ما فعله المنافقون من تعمير مسجد للضرار، كان المنافقون بنوا بيتًا سموه مسجدًا وقالوا: إنه لذوي الحاجة في الليلة الشاتية، والمطيرة، وكان هذا عند عزمه ﷺ على التوجه إلى تبوك، وطلبوا منه أن يصلي فيه، فقال: نحن على سفر، ولكن إذا رجعنا؛ صلينا فيه إن شاء الله فلما رجع ودنا من المدينة جاء خبره من السماء أنه مسجد ضرار، وأنه فعله المنافقون مضارة لمسجد قباء، وقال الله له فيه: لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ [التوبة:108] وهو مسجد النبي ﷺ ومسجد قباء خير من هذا المسجد الذي أسسوه على البلاء والفساد والقصد الفاسد، وكانوا يقولون: إنه يأتي أبو عامر الفاسق، إنسان كان يقال له: الراهب، يريدون أنه ينزل فيه، ويكون حربًا للرسول ﷺ ولأصحابه.
فأطلع الله -جل وعلا- نبيه على مقصدهم الخبيث، ونهاه أن يقوم فيه، لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ [التوبة:108] ثم قال سبحانه: أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ [التوبة:109] كمسجد قباء ومسجد النبي ﷺ، لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ [التوبة:108] ثم قال سبحانه: أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ [التوبة:109] يعني: كهؤلاء الذين أسسوا هذا البناء، وهو سبب لسقوطهم في جهنم... بنيانهم هذا.
المقصود: وعيدهم هم، وإلا البنيان ليس المقصود البنيان، المقصود: أنهم أسسوا عملهم الخبيث على شفا جرف هار، فإن هذا الذي أسسوه -وهو قصدهم أن يأتي أبو عامر الفاسق ويحارب النبي ﷺ ويحارب المسلمين- أن هذا أساس خبيث .. أساس باطل .. أساس يقود أهله إلى أن يهوي بهم في جهنم، نسأل الله العافية، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.