الجواب:
الذي يتعاطى الشرك تبطل أعماله، ولو صلى وصام، فالذي يتصل بأهل القبور يدعوهم من دون الله، أو يذبح لهم، أو يتبرك بقبورهم، يتمسح بها، ويقبلها يرجو بركتها، هذا كفر أكبر -والعياذ بالله- وهكذا من يتمسح بأناس يظنهم يقول: إنهم صالحون .. يعتقد فيهم البركة، وأنه إذا تمسح بهم؛ جاءت البركة من عندهم، أو أنهم يشفعوا له عند الله، أو يقربونه إلى الله، مثل فعل الكفار، هذا لا يجوز، قال الله -جل وعلا- عن الكفرة: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ [يونس:18] قال سبحانه: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:3] يعني: يقولون: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى: إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ [الزمر:3] سماهم الله كذبة كفرة، فالواجب الحذر من هذا، فلا يذبح عند القبور، ولا يتمسح بالقبور.
أما إذا أراد بالذابح الذبح لله، ولكن يحسب أن الذبح عند القبور طيب، وأنه أراده لله، هذه بدعة تصير بدعة، ما يصير كفرًا، أما إذا ذبح يتقرب إلى أصحاب القبور، يريد أنهم يشفعون له، أو ينفعونه يوم القيامة بهذه الذبيحة، هذا هو شغل المشركين، والله يقول: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2] ويقول سبحانه: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ [الأنعام:162-163] والنسك: الذبح، ويقول النبي ﷺ: لعن الله من ذبح لغير الله.
فالخلاصة: أن الواجب إخلاص العبادة لله وحده في الدعاء، والخوف، والرجاء، والتوكل، والذبح، والنذر، وغير ذلك، يكون لله وحده، فلا يذبح لصاحب القبر، ولا للصنم، ولا للنجوم، ولا للجن، ولا يستغيث بهم، ولا ينذر لهم، ولا يستغيث بهم عند الملمات، بل يستغيث بالله وحده، وينذر لله وحده هو المستحق؛ لأن يعبد الله -جل وعلا- وهكذا لا يتبرك بالقبور، ويتمسح بها، يرجو بركتها، ولا بالناس، بفلان وفلان يرجو بركته، كل هذا لا يجوز.
وإذا ظن أن هذا الرجل بنفسه يحصل له البركة منه صار شركًا أكبر، أما إذا ظن أن هذا مناسب، وأنه مستحب يكون بدعة ما كان يفعل هذا إلا مع النبي ﷺ، هذا لا يجوز إلا مع النبي ﷺ خاصة؛ لأنه أقرهم على التبرك بوضوئه، وبشعره، وبعرقه -عليه الصلاة والسلام- لأن الله جعله مباركًا.
أما غيره فلا؛ ولهذا لم يفعله الصحابة مع الصديق، ولا مع عمر، ولا مع عثمان، ولا مع علي، ولا مع غيرهم؛ لعلمهم أن هذا خاص بالرسول ﷺ دون غيره، التبرك بشعره، التبرك بعرقه، بوضوئه هذا خاص به ﷺ أما غيره بدعة لا يجوز، وإذا اعتقد أنه يحصل له البركة من هذا الشخص؛ صار كفرًا أكبر -نسأل الله العافية- نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا سماحة الشيخ.