ج: هذا الحلم وما أشبهه من الشيطان، يدعو به الناس إلى الشرك، لقول النبي ﷺ في الحديث الصحيح: الرؤيا الصالحة من الله، والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم ما يكره فلينفث عن يساره ثلاث مرات، وليستعذ بالله من الشيطان ومن شر ما رآه ثلاث مرات، ثم ينقلب على جنبه الآخر، فإنها لا تضره، ولا يخبر بها أحدا متفق على صحته، فإذا رأى الرجل أو المرأة هذا الحلم أو رأى أنه يضرب أو يهدد بقتل أو نحو ذلك، فإن ذلك من الشيطان، فعليه حين يستيقظ أن ينفث عن يساره ثلاث مرات بريق خفيف ويقول: أعوذ بالله من الشيطان ومن شر ما رأيت ثلاث مرات، ثم ينقلب على جنبه الآخر فإنها لا تضره، ولا يخبر بها أحدا.
ومعلوم أن الذبح لله عبادة في أي وقت كالضحايا والهدايا، أما الذبح للخضر وغيره من الأنبياء والأولياء فمنكر وشرك بالله ؛ لأن الذبح لله عبادة له ، وصرفه لغيره شرك به سبحانه؛ لقول الله سبحانه: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162-163] وقوله سبحانه: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:1-2] ولقول النبي ﷺ: لعن الله من ذبح لغير الله خرجه مسلم في صحيحه من حديث علي .
فلا يجوز الذبح للخضر ولا للبدوي ولا للحسين ولا لغيرهم من الناس ولا للأصنام ولا للجن، بل الذبح لله وحده، والتقرب بالذبائح يكون لله وحده سبحانه وتعالى كالضحايا والهدايا كما تقدم.
أما الخضر عليه السلام وغيره من الناس فلا يجوز الذبح لهم، ولا صرف شيء من العبادة لهم، فالتقرب إليهم بالذبائح ليشفعوا لك أو ليشفوا ولدك كل هذا من الشرك الأكبر والعياذ بالله، وهكذا الذبح للأصنام والجن والكواكب كله شرك أكبر، فيجب الحذر من ذلك كله والتواصي بتركه والتناصح بذلك حتى يكون الذبح لله وحده، كما تجب الصلاة له وحده وسائر العبادات؛ لقوله : وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ [البينة:5] وقوله سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ [الإسراء:23] وقوله سبحانه: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] والآيات في هذا المعنى كثيرة.
وهكذا الدعاء والاستغاثة، فلا يستغاث بالخضر ولا بغيره من الخلق، بل يجب أن تكون الاستغاثة بالله وحده، فلا يستغاث بالأنبياء ولا بالملائكة ولا بالأصنام ولا بالكواكب ولا بالأموات، وإنما يستغاث بالله وحده، ولا يطلب المدد إلا منه سبحانه؛ لأنه سبحانه هو الذي يملك كل شيء، وهو القادر على كل شيء .
أما الحي القادر الحاضر فلا بأس أن يستعان به فيما يقدر عليه، تقول يا أخي ساعدني على كذا، وهو يسمعك أو بالمكاتبة أو من طريق الهاتف، تقول أعني على كذا أو أقرضني كذا، فهذا لا بأس به؛ لأنه من الأمور العادية ومن الأسباب الحسية، فلا حرج فيها لقوله : وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة:2] وقوله في قصة موسى: فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ [القصص:15] وقول النبي ﷺ: والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه رواه مسلم في صحيحه.
لكن إذا أتيت إلى الميت وقلت له: يا سيدي البدوي اشف مريضي أو رد غائبي أو المدد المدد، أو يا سيدي الحسين أو يا سيدي يا رسول الله أو يا سيدي ابن عربي أو ابن علوان أو العيدروس أو يا شيخ عبدالقادر أو غيره من الأموات والغائبين، فكل هذا شرك أكبر لا يجوز، فيجب على كل مسلم أن يحذره وأن ينكر ذلك على من فعله، ويجب على العلماء أن ينصحوا الناس ويعلموهم لقول الله سبحانه: فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أحدا [الجن:18] ولقوله : ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ [فاطر:13-14] فسمى دعاءهم لغير الله شركا، وهكذا قوله سبحانه: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117] فوصف الداعين لغير الله بأنهم كفار وأنهم لا يفلحون، فيجب التنبه لهذا الأمر العظيم الذي وقع فيه الكثير من الناس في بلدان كثيرة، ويجب على أهل العلم أن ينصحوا لله ولعباده، وأن يعلموا هؤلاء الجهال حتى يتوبوا إلى الله سبحانه من دعوة أصحاب القبور والاستغاثة بهم، ويعلموهم أن يدعوا الله وحده ، وأن يستغيثوا به في حاجاتهم.
أما الحي الحاضر القادر فلا بأس بالاستعانة به فيما يقدر عليه كما تقدم، فقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يطلبون من الرسول ﷺ الشفاعة والعون وهو حي، فيشفع لهم ويعينهم على ما ينفعهم، لكن بعد وفاته ﷺ لم يكونوا يسألونه شيئا؛ لعلمهم بأن ذلك لا يجوز. وهكذا يوم القيامة حين يبعثه الله يسأله الناس أن يشفع لهم، فيجيبهم إلى ذلك بعد إذن الله له سبحانه؛ لأنه حي حاضر بين أيديهم. أما بعدما توفاه الله وقبل يوم القيامة فإنه لا يدعى ولا يستغاث به بإجماع أهل العلم من أهل السنة والجماعة للأدلة السابقة.
وهكذا غيره كالخضر أو نوح أو عيسى لا يدعون مع الله، ولا يستغاث بهم ولا ينذر لهم ولا يذبح لهم؛ لقول النبي ﷺ: من مات وهو يدعو من دون الله ندًا دخل النار رواه البخاري في صحيحه من حديث ابن مسعود . والمعنى أن من دعا ميتا أو صالحا أو شجرا أو ملكا أو غيرهم، فقد جعله ندا لله واتخذه إلها معه، وذلك من الشرك الأكبر الذي يوجب لمن مات عليه الخلود في النار، كما قال الله سبحانه: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ [المائدة:72] وقال : إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48] والآيات في هذا المعنى كثيرة، وكلها تدل على ما دل عليه حديث ابن مسعود المذكور.
فيجب على أهل العلم وعلى كل من عنده بصيرة أن يعلموا الناس العقيدة الصحيحة، ويحذروهم من هذا الشرك في كل مكان وفي كل زمان؛ لقول الله : ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125] وقوله : وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [فصلت:33] وقول النبي عليه الصلاة والسلام: الدين النصيحة قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم خرجه الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه، ولقول النبي عليه الصلاة والسلام: من دل على خير فله مثل أجر فاعله.
ولما بعث النبي ﷺ علي بن أبي طالب إلى خيبر ليدعو اليهود إلى الإسلام قال له عليه الصلاة والسلام: ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم متفق على صحته. أقسم عليه الصلاة والسلام -وهو الصادق وإن لم يحلف- أن هداية واحد على يد الداعية إلى الله خير له من حمر النعم، يعنى خير من جميع النوق الحمر، والمعنى خير من الدنيا وما عليها، فدل ذلك على وجوب التناصح والدعوة إلى الله، وبيان حق الله على عباده، وتحذيرهم من الشرك، حتى يكون الناس على بينة وعلى بصيرة، كما يدل على أن المقصود من الجهاد هو هداية الكفار وإخراجهم من الظلمات إلى النور، لا قتالهم ولا سبي نساءهم وأموالهم، وإنما يلجأ المسلمون إلى القتال عند امتناع الكفار من الدخول في الإسلام ومن بذل الجزية إذا كانوا من أهلها.
والله المسئول أن يوفقنا وجميع المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته ويصلح كلمته، وأن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان إنه سميع مجيب. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين[1].
ومعلوم أن الذبح لله عبادة في أي وقت كالضحايا والهدايا، أما الذبح للخضر وغيره من الأنبياء والأولياء فمنكر وشرك بالله ؛ لأن الذبح لله عبادة له ، وصرفه لغيره شرك به سبحانه؛ لقول الله سبحانه: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162-163] وقوله سبحانه: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:1-2] ولقول النبي ﷺ: لعن الله من ذبح لغير الله خرجه مسلم في صحيحه من حديث علي .
فلا يجوز الذبح للخضر ولا للبدوي ولا للحسين ولا لغيرهم من الناس ولا للأصنام ولا للجن، بل الذبح لله وحده، والتقرب بالذبائح يكون لله وحده سبحانه وتعالى كالضحايا والهدايا كما تقدم.
أما الخضر عليه السلام وغيره من الناس فلا يجوز الذبح لهم، ولا صرف شيء من العبادة لهم، فالتقرب إليهم بالذبائح ليشفعوا لك أو ليشفوا ولدك كل هذا من الشرك الأكبر والعياذ بالله، وهكذا الذبح للأصنام والجن والكواكب كله شرك أكبر، فيجب الحذر من ذلك كله والتواصي بتركه والتناصح بذلك حتى يكون الذبح لله وحده، كما تجب الصلاة له وحده وسائر العبادات؛ لقوله : وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ [البينة:5] وقوله سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ [الإسراء:23] وقوله سبحانه: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] والآيات في هذا المعنى كثيرة.
وهكذا الدعاء والاستغاثة، فلا يستغاث بالخضر ولا بغيره من الخلق، بل يجب أن تكون الاستغاثة بالله وحده، فلا يستغاث بالأنبياء ولا بالملائكة ولا بالأصنام ولا بالكواكب ولا بالأموات، وإنما يستغاث بالله وحده، ولا يطلب المدد إلا منه سبحانه؛ لأنه سبحانه هو الذي يملك كل شيء، وهو القادر على كل شيء .
أما الحي القادر الحاضر فلا بأس أن يستعان به فيما يقدر عليه، تقول يا أخي ساعدني على كذا، وهو يسمعك أو بالمكاتبة أو من طريق الهاتف، تقول أعني على كذا أو أقرضني كذا، فهذا لا بأس به؛ لأنه من الأمور العادية ومن الأسباب الحسية، فلا حرج فيها لقوله : وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة:2] وقوله في قصة موسى: فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ [القصص:15] وقول النبي ﷺ: والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه رواه مسلم في صحيحه.
لكن إذا أتيت إلى الميت وقلت له: يا سيدي البدوي اشف مريضي أو رد غائبي أو المدد المدد، أو يا سيدي الحسين أو يا سيدي يا رسول الله أو يا سيدي ابن عربي أو ابن علوان أو العيدروس أو يا شيخ عبدالقادر أو غيره من الأموات والغائبين، فكل هذا شرك أكبر لا يجوز، فيجب على كل مسلم أن يحذره وأن ينكر ذلك على من فعله، ويجب على العلماء أن ينصحوا الناس ويعلموهم لقول الله سبحانه: فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أحدا [الجن:18] ولقوله : ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ [فاطر:13-14] فسمى دعاءهم لغير الله شركا، وهكذا قوله سبحانه: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117] فوصف الداعين لغير الله بأنهم كفار وأنهم لا يفلحون، فيجب التنبه لهذا الأمر العظيم الذي وقع فيه الكثير من الناس في بلدان كثيرة، ويجب على أهل العلم أن ينصحوا لله ولعباده، وأن يعلموا هؤلاء الجهال حتى يتوبوا إلى الله سبحانه من دعوة أصحاب القبور والاستغاثة بهم، ويعلموهم أن يدعوا الله وحده ، وأن يستغيثوا به في حاجاتهم.
أما الحي الحاضر القادر فلا بأس بالاستعانة به فيما يقدر عليه كما تقدم، فقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يطلبون من الرسول ﷺ الشفاعة والعون وهو حي، فيشفع لهم ويعينهم على ما ينفعهم، لكن بعد وفاته ﷺ لم يكونوا يسألونه شيئا؛ لعلمهم بأن ذلك لا يجوز. وهكذا يوم القيامة حين يبعثه الله يسأله الناس أن يشفع لهم، فيجيبهم إلى ذلك بعد إذن الله له سبحانه؛ لأنه حي حاضر بين أيديهم. أما بعدما توفاه الله وقبل يوم القيامة فإنه لا يدعى ولا يستغاث به بإجماع أهل العلم من أهل السنة والجماعة للأدلة السابقة.
وهكذا غيره كالخضر أو نوح أو عيسى لا يدعون مع الله، ولا يستغاث بهم ولا ينذر لهم ولا يذبح لهم؛ لقول النبي ﷺ: من مات وهو يدعو من دون الله ندًا دخل النار رواه البخاري في صحيحه من حديث ابن مسعود . والمعنى أن من دعا ميتا أو صالحا أو شجرا أو ملكا أو غيرهم، فقد جعله ندا لله واتخذه إلها معه، وذلك من الشرك الأكبر الذي يوجب لمن مات عليه الخلود في النار، كما قال الله سبحانه: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ [المائدة:72] وقال : إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48] والآيات في هذا المعنى كثيرة، وكلها تدل على ما دل عليه حديث ابن مسعود المذكور.
فيجب على أهل العلم وعلى كل من عنده بصيرة أن يعلموا الناس العقيدة الصحيحة، ويحذروهم من هذا الشرك في كل مكان وفي كل زمان؛ لقول الله : ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125] وقوله : وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [فصلت:33] وقول النبي عليه الصلاة والسلام: الدين النصيحة قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم خرجه الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه، ولقول النبي عليه الصلاة والسلام: من دل على خير فله مثل أجر فاعله.
ولما بعث النبي ﷺ علي بن أبي طالب إلى خيبر ليدعو اليهود إلى الإسلام قال له عليه الصلاة والسلام: ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم متفق على صحته. أقسم عليه الصلاة والسلام -وهو الصادق وإن لم يحلف- أن هداية واحد على يد الداعية إلى الله خير له من حمر النعم، يعنى خير من جميع النوق الحمر، والمعنى خير من الدنيا وما عليها، فدل ذلك على وجوب التناصح والدعوة إلى الله، وبيان حق الله على عباده، وتحذيرهم من الشرك، حتى يكون الناس على بينة وعلى بصيرة، كما يدل على أن المقصود من الجهاد هو هداية الكفار وإخراجهم من الظلمات إلى النور، لا قتالهم ولا سبي نساءهم وأموالهم، وإنما يلجأ المسلمون إلى القتال عند امتناع الكفار من الدخول في الإسلام ومن بذل الجزية إذا كانوا من أهلها.
والله المسئول أن يوفقنا وجميع المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته ويصلح كلمته، وأن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان إنه سميع مجيب. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين[1].
- مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز (5/327).