الجواب:
الواجب نصيحة من عرف بترك الصلاة، وتحذيره من مغبة ذلك؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر، وإن لم يجحد وجوبها في أصح قولي العلماء؛ لقول النبي ﷺ: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة وقوله ﷺ: بين الرجل، وبين الكفر والشرك ترك الصلاة، وقوله -عليه الصلاة والسلام-: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها؛ فقد كفر هذه الأحاديث العظيمة تدل على أن من تركها يكفر، وإن لم يجحد وجوبها.
أما إن جحد وجوبها؛ فإنه كافر عند جميع العلماء -نسأل الله العافية- والله يقول -جل وعلا- في كتابه العظيم: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238] ويقول سبحانه: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة:43] ويقول : قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون:1-2] إلى أن قال سبحانه: وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [المؤمنون:6-11].
هذه نعمة عظيمة، وفضل كبير لمن حافظ على الصلاة أنه يكون من أهل الفردوس، من أهل أعلى الجنة، الفردوس أعلى الجنة وأوسطها وخيرها، فمن تخلق بهذه الأخلاق التي ذكرها الله في سورة المؤمنون في قوله -جل وعلا-: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [المؤمنون:1-11].
هذه صفات عظيمة، من حافظ عليها؛ صار من أهل الفردوس، وأعظمها الصلاة، وقال في سورة المعارج: إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ [المعارج:19-35] هذه صفة الأخيار، هذه صفة أهل السعادة، وعلى رأسهم المحافظون على الصلوات.
والمحافظة على الصلاة من أسباب الاستقامة، فإن من حافظ عليها؛ حفظ دينه، ومن ضيعها؛ فهو لما سواها أضيع.
قال نافع مولى ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما-: كان عمر يعني: عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أمير المؤمنين- كان يكتب إلى عماله، ويقول، يعني: أمرائه -يكتب إليهم- ويقول: إن أهم أمركم عندي الصلاة، فمن حفظها؛ حفظ دينه، ومن ضيعها؛ فهو لما سواها أضيع.
فالذي لا يصلي؛ يجب أن يهجر، إذا لم تجد فيه النصيحة؛ يجب أن يهجر، ولا يسلم عليه، ولا تجاب دعوته، ولا يدعى إلى وليمة، ولا إلى غيرها؛ لأنه أتى منكرًا عظيمًا، وكفرًا بواحًا، نسأل الله العافية.
ويجب أن يرفع أمره إلى ولاة الأمور حتى يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، فإن أمره عظيم وخطير، وهو يجر غيره، أيضًا إلى مثل فعله، يجر غيره من زملائه، وجلسائه إلى مثل فعله.
فالواجب أن يناصح، وأن ينكر عليه من أقاربه وجلسائه وزملائه إنكارًا واضحًا، إنكارًا شديدًا حتى يعلم خطورة ما هو عليه، وحتى يعلم بشاعة ما فعل، وحتى يعلم أنه أتى كفرًا بواحًا، ومنكرًا عظيمًا؛ لعله يستجيب، لعله يهتدي، فإن أبى؛ وجب هجره، ورفع أمره إلى ولاة الأمور حتى يستتاب، فإن تاب وإلا قتل كافرًا على الصحيح، وإن لم يجحد الوجوب، أما إن جحد وجوبها؛ فإنه يكون كافرًا مرتدًا عن الإسلام عند جميع العلماء، نسأل الله العافية.
والغالب أن الذي لا يصلي، ولا يبالي، ولا يهتم بالصلاة، الغالب عليه أنه لا يقر بالوجوب، ولا يبالي بوجوبها، ولا يهتم بوجوبها، فهو في عمله يدل على أنه مكذب.
فالواجب على المسلمين جميعًا أن يعنوا بهذا الأمر، وأن ينكروا على من تخلف عن الصلاة، وأن يبينوا له خطورة ما فعل، وشناعة ما فعل؛ لعله يهتدي؛ لعله يرجع إلى الصواب، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا، ونفع بعلمكم.