الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد.
فلقد نصحت هذا الرجل، وأحسنت في نصيحته، ولقد أخطأ فيما قال لك وأساء فيما يتعلق بوالده، والواجب عليه أن يبر والده، وأن يخاطبه بالتي هي أحسن، وأن يتذكر حق الوالد، وإن كان قد طلق أمه، فالوالد له حق عظيم، والوالدة لها حق عظيم، كلاهما له حق، ولا شك أن حق الوالدة أكبر وأعظم.
ولكن ذلك لا يمنع من أداء الواجب للوالد، فالواجب على صديقه أن يتقي الله، وأن يراقب الله، وأن يبر أباه، ويحسن إليه، وإن أساء أبوه إليه، لا يقابل الإساءة بالإساءة، ولكن يقابل الإساءة بالإحسان، والكلام الطيب، والأسلوب الحسن، والدعاء لوالده بالخير والاستقامة والهداية، هذا هو الواجب عليه، قد دلت النصوص الكثيرة من الكتاب والسنة على ذلك، يقول الله -جل وعلا- في كتابه العظيم: وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ إِحْسَانًا [لقمان:14] وفي الآية الأخرى: حُسْنًا [العنكبوت:8] ويقول -جل وعلا-: أَنِِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان:14] ويقول -جل وعلا-: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [النساء:36] والآيات في هذا المعنى كثيرة، ويقول -جل وعلا-: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء:23-24].
ويقول النبي ﷺ في الحديث الصحيح: رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين ويقول -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح، في الصحيحين: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله! قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين وشهادة الزور فعقوق الوالدين من أكبر الكبائر، وقد قرنه النبي ﷺ بالشرك، فوجب على هذا الرجل، وعلى غيره أن يبر والده ،وأن يتقي الله في ذلك، ولو أساء إليه والده، ولكن هو يدعو لوالده بالتوفيق والهداية، ويطلب من إخوانه الطيبين من أعمام، أو غيرهم أن ينصحوا والده حتى لا يقسو عليه، وحتى يرحمه، وحتى يعطف عليه بالكلام الطيب.
أما هو فالواجب عليه أن يبر والده، وألا ينسيه بره لوالدته، بره لأبيه، بل يتقي الله، ويعامل أباه بالحسنى، وقد قال الله في الولد مع أبويه الكافرين قال: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا [لقمان:15] وهما كافران فكيف بالمسلم؟!!
فعلى صديقك هذا أن يتقي الله، وأن يتوب إلى الله من عمله السيئ، وأن يبر والده، ويحسن إليه، وأن يتلطف به، ويدعو الله له بالتوفيق والهداية، وأن يستعين على ذلك بخواص إخوانه الطيبين من أعمام أو أخوال أو أصدقاء؛ حتى ينصحوا والده ليرفق به، ويعامله بما ينبغي من اللطف، وهذا من باب التعاون على البر والتقوى، نسأل الله للجميع الهداية.
المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيرًا.