حكم السحر وكيفية الوقاية منه

السؤال:

أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من ليبيا، باعثة الرسالة إحدى الأخوات المستمعات من هناك فائزة أحمد، الأخت فائزة عرضنا بعض أسئلة لها في حلقة مضت، وبقي لها جمع آخر سنعرضه في هذه الحلقة -إن شاء الله تعالى- أختنا تقول: ماذا نقول عن السحر؟ وكيف نقي أنفسنا منه؟ جزاكم الله خيرًا. 

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد. 

فالسحر محرم على المسلمين، وهو من عمل الشياطين، وأتباع الشياطين، وهو كفر وضلال؛ لأنه لا يتوصل إليه إلا بعبادة الجن من دون الله  قال الله سبحانه: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ [البقرة:102] فأخبر أنهم كفروا بهذا التعليم، قال بعده: وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ [البقرة:102] يعني: هاروت وماروت .. ويقول سبحانه: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ [البقرة:102] فدل على أن تعليمه كفر؛ لأنهما يقولان للمتعلم: فلا تكفر، فدل على أن تعلمه له كفر، فالواجب الحذر من ذلك، وقال بعده: وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ [البقرة:102]، يعني: من حظ ونصيب ....... ثم قال بعده: وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [البقرة:103] فدل على أن السحر ضد الإيمان، وضد التقوى.

المقصود: أن تعلم السحر يكون بعبادة الشياطين، والاستغاثة بهم، والذبح لهم، والنذر لهم، ونحو ذلك، فهو من الكفر الأكبر، فلا يجوز تعلمه، ولا تعليمه، ولا العمل به، ولا المجيء إلى أهله، وسؤالهم، ولا تصديقهم، بل يجب الحذر من ذلك، ويكفي في هذا قوله -جل وعلا-: وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ [البقرة:102] وقول الملكين له للمتعلم: لا تكفر دل على أن تعلمه كفر، وقوله في حق الشياطين يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ [البقرة:102].

فالمقصود: أنه محرم، وشره عظيم، وفيه فساد كبير مع كونه عبادة لغير الله، وكفر بالله  فالواجب توقيه، والحذر منه، ومن أسباب التوقي: أن يتعوذ المسلم بكلمات الله التامات من شر ما خلق صباحًا ومساء ثلاث مرات، يقول: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق صباحًا ومساء، وفي كل وقت، هذا من أسباب الوقاية، يقول النبي ﷺ: من نزل منزلًا فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق؛ لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك وقال له رجل: يا رسول الله! ما لقيت من عقرب لدغتني هذه الليلة، فقال: أما إنك لو قلت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق؛ لم تضرك

وهكذا يقول ﷺ: من قال حين يصبح، أو حين يمسي: باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض، ولا في السماء، وهو السميع العليم، ثلاث مرات؛ لم يضره شيء فيستحب للمسلم أن يقول هذا صباح ومساء ثلاث مرات، باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء، في الأرض، ولا في السماء، وهو السميع العليم فهذا من أسباب الوقاية.

ومن أسباب الوقاية: قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة، وعند النوم، فهي من أسباب السلامة من الشياطين، وقد قال النبي ﷺ للذي يقرؤها عند النوم: لم يزل عليك من الله حافظًا، ولا يقربك شيطان حتى يصبح قاله الشيطان لأبي هريرة وصدقه النبي ﷺ قال له: لقد صدقك وهو كذوب.

وكذلك قراءة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين ثلاث مرات بعد صلاة الفجر، وبعد صلاة المغرب من أسباب السلامة من كل شيء، وقراءة هذه السور الثلاث بعد الظهر، وبعد العصر، وبعد العشاء مرة واحدة كذلك من أسباب السلامة.

فنوصي السائلة وغيرها ممن يستمع هذا البرنامج أن يستفيد من هذه الأشياء التي بينها النبي -عليه الصلاة والسلام- وأن يتوقى الشر بتعاطي هذه الأذكار الشرعية، وهذه التعليمات الشرعية التي بينها النبي -عليه الصلاة والسلام- فنوصي جميع إخواننا في ليبيا، وأخواتنا في ليبيا، وفي غيرها في أفريقيا، وفي أوروبا، وفي كل مكان، نوصي الجميع بالعناية بهذا البرنامج نور على الدرب، فإنه برنامج مفيد، ويقوم عليه علماء معروفون بالخير والعلم والفضل. 

فنوصي جميع إخواننا في كل مكان، وجميع أخواتنا في كل مكان في ليبيا وغيرها، نوصي الجميع باستماع هذا البرنامج، وباستماع إذاعة القرآن من الإذاعة السعودية، فإن برنامج نور على الدرب، وكذلك ما يذاع في إذاعة القرآن من المحاضرات والخطب كله مفيد، وهكذا ما يذاع من القرآن الكريم الذي هو أصل كل خير القرآن، فنوصي الجميع بالاستماع لهذه الإذاعة إذاعة القرآن، والاستماع لهذا البرنامج نور على الدرب، والاستماع لمحاضرات علماء السنة، علماء الحق، علماء العقيدة الطيبة في كل مكان؛ لأن هذا من باب تعلم العلم من باب التفقه في الدين، وقد صح عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: من يرد الله به خيرًا؛ يفقهه في الدين متفق على صحته، هذا حديث عظيم: من يرد الله به خيرًا؛ يفقهه في الدين وسماع هذا البرنامج نور على الدرب من التفقه في الدين، وسماع إذاعة القرآن من المملكة العربية السعودية من التفقه في الدين، والتعلم على علماء السنة والأخذ عنهم في كل مكان من التفقه في الدين، ويقول النبي ﷺ: من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا؛ سهل الله له به طريقًا إلى الجنة رواه مسلم في الصحيح.

فنوصي جميع إخواننا وأخواتنا في كل مكان بالتعلم، والتفقه في الدين، والعناية بالقرآن الكريم، والإكثار من تلاوته، وتدبر معانيه عن ظهر قلب، أو من المصحف، وسؤال أهل العلم علماء السنة المعروفين بالعلم والفضل والعقيدة الطيبة سؤالهم عن كل ما أشكل، مع سماع هذا البرنامج، والمحافظة على سماعه نور على الدرب في أوقاته، وسماع إذاعة القرآن في كل مكان، فإن في ذلك خيرًا كثيرًا وعلمًا جما، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.

المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيرًا، وأحسن إليكم. 

فتاوى ذات صلة