شدد سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز على وجوب طاعة ولاة الأمر في المعروف؛ لأن بهذه الطاعة تستقيم أمور الأمة ويحصل الأمن والاستقرار ويأمن الناس من الفتنة. وأوضح فضيلته أن المراد بولاة الأمر هم العلماء والأمراء والحكام ذوو السلطان.
وأكد سماحته أن وجوب طاعتهم تكون في المعروف وليس في معصية الله عز وجل، وأوضح سماحته أن الحاكم الذي يأمر بالمعصية لا يطاع في هذه المعصية دون أن يكون للرعية حق الخروج على الإمام بسبب ذلك.
وأوضح سماحته متى يجوز الخروج على الحاكم! والتي ضبطها الشرع الكريم بوجود الرعية من الحكام كفرا بواحا عندهم " الخارجين " من الله فيه برهان مع القدرة والاستطاعة على التغيير، فإن عدموا القدرة لعجزهم فليس لهم الخروج ولو رأوا كفرا بواحا؛ لأن خروجهم فيه فساد للأمة ويضر الناس ويوجب الفتنة وهو ما يتعارض ودوافع الخروج الشرعي وهو الإصلاح ومنفعة الناس والأمة.
وأوضح سماحته أنه في هذه الحالة تكتفي الرعية ببذل النصح والكلام بالحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبهذا تبرأ الذمة.
وأوضح سماحته في معرض إجابته عن الأسئلة التي طرحت عليه في ندوة عقدت بجامع الإمام فيصل بن تركي في الرياض أهمية الطاعة وملازمة الجماعة وعظم الوعيد من الله ورسوله لمن أراد شق عصا الطاعة وفرق المسلمين بغير حق- كما أوضح سماحته أن القوانين إذا كانت توافق الشرع فلا بأس بها؛ مثل قوانين الطرق وغيرها من الأشياء التي فيها نفع للناس وليس فيها مخالفة للشرع- أما القوانين التي فيها مخالفة صريحة للشرع فلا- ومن استحلها- أي القوانين المخالفة للشرع مخالفة لما أجمع عليه العلماء فقد كفر.
وعندما سئل سماحته عن كيفية التعامل مع أمثال هؤلاء المستحلين للقوانين المخالفة للشريعة من الحكام
قال سماحته: نطيعهم في المعروف وليس في المعصية حتى يأتي الله بالبديل.
وعندما سئل سماحته عن الجماعات الإسلامية المختلفة الموجودة في الساحة الإسلامية وعن أيها أولى بالاتباع؟
أكد سماحته أن الجماعة التي يجب اتباعها هي الجماعة التي تسير على منهج الكتاب والسنة وهو ما كان عليه محمد ﷺ وأصحابه رضي الله عنهم.
وأوضح سماحته أن كل جماعة من هذه الجماعات الموجودة لديها حق وباطل، وهؤلاء يطاعون في الحق وهو ما قام عليه الدليل من الكتاب والسنة، وما خالف الدليل يرد عليهم، ويقال لهم: أخطأتم في هذا، ويرى سماحته أن على أهل العلم واجباً عظيماً ودوراً كبيراً في هذا المجال وهو بيان الحق والرد على هذه الجماعات فيما أخطأت فيه ممن يعرفون تفاصيل هذه الجماعات.
وأوضح سماحته أيضا؛ أن هذه الجماعات ليست معصومة وليس لأحد منهم أن يدعي العصمة، فالواجب البحث عن الحق وهو ما وافق الدليل من الكتاب والسنة أو إجماع سلف الأمة، وما خالف الدليل وجب أن يطرح سواء كان من هذه الجماعات أو من غيرهم من أصحاب المذاهب المشهورة: الحنابلة والشافعية والمالكية والظاهرية والحنفية أو غيرهم. إذ أن الأصل وجوب اتباع الدليل من الكتاب والسنة فما وافقهما فهو الحق وما خالفهما فهو الباطل، وحذر سماحته من الذين يدعون إلى غير كتاب الله عز وجل وإلى غير سنة محمد ﷺ فهؤلاء لا يُتَّبعون ولا يقلدون بل يعادون في الله ويحذر منهم. وفيما يلي نص الحوار:
سؤال: ما المراد بطاعة ولاة الأمر في الآية، هل هم العلماء أم الحكام ولو كانوا ظالمين لأنفسهم ولشعوبهم؟
جواب: يقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء:59] وأولو الأمر هم:
العلماء والأمراء أمراء المسلمين وعلماؤهم يطاعون في طاعة الله إذا أمروا بطاعة الله وليس في معصية الله.
فالعلماء والأمراء يطاعون في المعروف، لأن بهذا تستقيم الأحوال ويحصل الأمن وتنفذ الأوامر وينصف المظلوم ويردع الظالم، أما إذا لم يطاعوا فسدت الأمور وأكل القوي الضعيف- فالواجب أن يطاعوا في طاعة الله في المعروف سواء كانوا أمراء أو علماء- العالم يبين حكم الله والأمير ينفذ حكم الله هذا هو الصواب في أولي الأمر، هم العلماء بالله وبشرعه وهم أمراء المسلمين عليهم أن ينفذوا أمر الله، وعلى الرعية أن تسمع لعلمائها في الحق وأن تسمع لأمرائها في المعروف- أما إذا أمروا بمعصية سواء كان الآمر أميرا أو عالما فإنهم لا يطاعون في ذلك، إذا قال لك أمير: اشرب الخمر فلا تشربها، أو إذا قال لك: كل الربا فلا تأكله، وهكذا مع العالم إذا أمرك بمعصية الله فلا تطعه، والتقي لا يأمر بذلك لكن قد يأمر بذلك العالم الفاسق.
والمقصود أنه إذا أمرك العالم أو الأمير بشيء من معاصي الله فلا تطعه في معاصي الله، إنما الطاعة في المعروف كما قال النبي ﷺ: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق لكن لا يجوز الخروج على الأئمة وإن عصوا، بل يجب السمع والطاعة في المعروف مع المناصحة ولا تنزعن يدا من طاعة لقول النبي ﷺ: على المرء السمع والطاعة، في المنشط والمكره، وفيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية الله، فإن أمر بمعصية الله فلا سمع ولا طاعة، ويقول عليه الصلاة والسلام: من رأى من أميره شيئاً من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة فإنه من فارق الجماعة مات ميتة جاهلية، وقال عليه الصلاة والسلام: من أتاكم وأمركم جميع يريد أن يفرق جماعتكم وأن يشق عصاكم فاقتلوه كائنا من كان.
والمقصود أن الواجب السمع والطاعة في المعروف لولاة الأمور من الأمراء والعلماء، وبهذا تنتظم الأمور وتصلح الأحوال ويأمن الناس وينصف المظلوم ويردع الظالم وتأمن السبل، ولا يجوز الخروج على ولاة الأمور وشق العصا إلا إذا وجد منهم كفر بواح عند الخارجين عليه من الله برهان ويستطيعون بخروجهم أن ينفعوا المسلمين وأن يزيلوا الظلم وأن يقيموا دولة صالحة، أما إذا كانوا لا يستطيعون فليس لهم الخروج ولو رأوا كفرا بواحا. لأن خروجهم يضر الناس ويفسد الأمة ويوجب الفتنة والقتل بغير الحق، ولكن إذا كانت عندهم القدرة والقوة على أن يزيلوا هذا الوالي الكافر فليزيلوه وليضعوا مكانه واليا صالحا ينفذ أمر الله فعليهم ذلك إذا وجدوا كفرا بواحا عندهم من الله فيه برهان وعندهم قدرة على نصر الحق وإيجاد البديل الصالح وتنفيذ الحق.
سؤال: هل عجزهم يعتبر براءة للذمة أي ذمتهم؟
جواب: نعم، يتكلمون بالحق ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويكفي ذلك، والمعروف هو ما ليس بمعصية، فيدخل فيه المستحب والواجب والمباح، كله معروف مثل: الأمر بعدم مخالفة الإشارة في الطريق فعند إشارة الوقوف يجب الوقوف. لأن هذا ينفع المسلمين وهو في الإصلاح وهكذا ما أشبهه.
سؤال: ما حكم سن القوانين الوضعية؟ وهل يجوز العمل بها؟ وهل يكفر الحاكم بسنه هذه القوانين؟
الجواب: إذا كان القانون يوافق الشرع فلا بأس به، مثل أن يسن قانونا للطرق ينفع المسلمين، وغير ذلك من الأشياء التي تنفع المسلمين وليس فيها مخالفة للشرع، ولكن لتسهيل أمور المسلمين فلا بأس بها.
أما القوانين التي تخالف الشرع فلا يجوز سنها، فإذا سن قانونا يتضمن أنه لا حد على الزاني أو لا حد على السارق أو لا حد على شارب الخمر فهذا قانون باطل، وإذا استحله الوالي كفر؛ لكونه استحل ما يخالف النص والإجماع، وهكذا كل من استحل ما حرم الله من المحرمات المجمع عليها فهو يكفر بذلك.
سؤال: كيف نتعامل مع هذا الوالي؟
الجواب: نطيعه في المعروف وليس في المعصية حتى يأتي الله بالبديل.
السؤال الخامس: تعلم يا سماحة الشيخ ما حل في الساحة من فتن فأصبح هناك جماعات مثل: جماعة التبليغ، وجماعة الإخوان، والسلفية وغيرهم من الجماعات، وكل جماعة تقول: إنها هي التي على صواب في اتباع السنة، من هم الذين على صواب من هذه الجماعات ومن نتبع منهم؟ ونرجو منك أن تسميهم بأسمائهم؟
الجواب: الجماعة التي يجب اتباعها والسير على منهاجها هم أهل الصراط المستقيم، هم أتباع النبي ﷺ وهم أتباع الكتاب والسنة الذين يدعون إلى كتاب الله وسنة رسوله ﷺ قولا وعملا، أما الجماعات الأخرى فلا تتبع منها أحدا إلا فيما وافقت فيه الحق، سواء كانت جماعة الإخوان المسلمين أو جماعة التبليغ أو أنصار السنة أو من يقولون: إنهم السلفيون أو الجماعة الإسلامية أو من تسمي نفسها بجماعة أهل الحديث، وأي فرقة تسمي نفسها بأي شيء فإنهم يطاعون ويتبعون في الحق، والحق ما قام عليه الدليل، وما خالف الدليل يرد عليهم، ويقال لهم: قد أخطأتم في هذا، فالواجب موافقتهم فيما يوافق الآية الكريمة أو الحديث الشريف أو إجماع سلف الأمة.
أما ما خالفوا فيه الحق فإنه يرد عليهم فيه، فيقول لهم أهل العلم: قولكم كذا وفعلكم كذا خلاف الحق، هذا يقوله لهم أهل العلم فهم الذين يبصرون الجماعات الإسلامية، فأهل العلم العالمون بالكتاب والسنة الذين تفقهوا في الدين من طريق الكتاب والسنة، هم الذين يعرفون تفاصيل هذه الجماعات وهذه الجماعات عندها حق وباطل فهي ليست معصومة وكل واحد غير معصوم، ولكن الحق ما قام عليه الدليل من كتاب الله عز وجل وسنة رسوله ﷺ أو إجماع سلف الأمة سواء من هذه الجماعات أو من الحنابلة أو الشافعية أو المالكية أو الظاهرية أو الحنفية أو غيرهم- فما قام عليه الدليل فهو الحق وما خالف الدليل من كتاب الله أو سنة رسول الله ﷺ أو الإجماع القطعي يكون خطأ- وأما الذين يدعون إلى غير كتاب الله عز وجل وسنة رسوله ﷺ، فهؤلاء لا يتبعون ولا يقلدون، إنما يطاع ويتبع من دعا إلى كتاب الله وسنة رسوله ﷺ وأصاب الحق فإذا أخطأ فإنه يقال له: أحسنت إذا أحسن وأخطأت إذا أخطأ ويتبع في الصواب، ويدعى له بالتوفيق، وإذا أخطأ يقال له: أخطأت في كذا وخالفت الدليل الفلاني، والواجب عليك التوبة إلى الله والرجوع إلى الحق- هذا يقوله أهل العلم وأهل البصيرة- أما العامي فليس من أهل العلم وإنما العلماء هم العلماء بالكتاب والسنة المعروفون الذين يتبعون الكتاب والسنة، فعلى العامي أن يسأل هؤلاء الذين عرفوا الكتاب والسنة عما أشكل عليه مثل أن يسألهم ما تقولون في دعوة فلان الذي يقول: كذا، ويقول: كذا، حتى يتبصر ويعرف الحق كما قال الله سبحانه: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [الأنبياء:7] وهم أهل العلم بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ أما أهل البدعة فليسوا من أهل الذكر، والدعاة إلى البدعة ليسوا من أهل الذكر أيضا. والله ولي التوفيق.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه[1].
وأكد سماحته أن وجوب طاعتهم تكون في المعروف وليس في معصية الله عز وجل، وأوضح سماحته أن الحاكم الذي يأمر بالمعصية لا يطاع في هذه المعصية دون أن يكون للرعية حق الخروج على الإمام بسبب ذلك.
وأوضح سماحته متى يجوز الخروج على الحاكم! والتي ضبطها الشرع الكريم بوجود الرعية من الحكام كفرا بواحا عندهم " الخارجين " من الله فيه برهان مع القدرة والاستطاعة على التغيير، فإن عدموا القدرة لعجزهم فليس لهم الخروج ولو رأوا كفرا بواحا؛ لأن خروجهم فيه فساد للأمة ويضر الناس ويوجب الفتنة وهو ما يتعارض ودوافع الخروج الشرعي وهو الإصلاح ومنفعة الناس والأمة.
وأوضح سماحته أنه في هذه الحالة تكتفي الرعية ببذل النصح والكلام بالحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبهذا تبرأ الذمة.
وأوضح سماحته في معرض إجابته عن الأسئلة التي طرحت عليه في ندوة عقدت بجامع الإمام فيصل بن تركي في الرياض أهمية الطاعة وملازمة الجماعة وعظم الوعيد من الله ورسوله لمن أراد شق عصا الطاعة وفرق المسلمين بغير حق- كما أوضح سماحته أن القوانين إذا كانت توافق الشرع فلا بأس بها؛ مثل قوانين الطرق وغيرها من الأشياء التي فيها نفع للناس وليس فيها مخالفة للشرع- أما القوانين التي فيها مخالفة صريحة للشرع فلا- ومن استحلها- أي القوانين المخالفة للشرع مخالفة لما أجمع عليه العلماء فقد كفر.
وعندما سئل سماحته عن كيفية التعامل مع أمثال هؤلاء المستحلين للقوانين المخالفة للشريعة من الحكام
قال سماحته: نطيعهم في المعروف وليس في المعصية حتى يأتي الله بالبديل.
وعندما سئل سماحته عن الجماعات الإسلامية المختلفة الموجودة في الساحة الإسلامية وعن أيها أولى بالاتباع؟
أكد سماحته أن الجماعة التي يجب اتباعها هي الجماعة التي تسير على منهج الكتاب والسنة وهو ما كان عليه محمد ﷺ وأصحابه رضي الله عنهم.
وأوضح سماحته أن كل جماعة من هذه الجماعات الموجودة لديها حق وباطل، وهؤلاء يطاعون في الحق وهو ما قام عليه الدليل من الكتاب والسنة، وما خالف الدليل يرد عليهم، ويقال لهم: أخطأتم في هذا، ويرى سماحته أن على أهل العلم واجباً عظيماً ودوراً كبيراً في هذا المجال وهو بيان الحق والرد على هذه الجماعات فيما أخطأت فيه ممن يعرفون تفاصيل هذه الجماعات.
وأوضح سماحته أيضا؛ أن هذه الجماعات ليست معصومة وليس لأحد منهم أن يدعي العصمة، فالواجب البحث عن الحق وهو ما وافق الدليل من الكتاب والسنة أو إجماع سلف الأمة، وما خالف الدليل وجب أن يطرح سواء كان من هذه الجماعات أو من غيرهم من أصحاب المذاهب المشهورة: الحنابلة والشافعية والمالكية والظاهرية والحنفية أو غيرهم. إذ أن الأصل وجوب اتباع الدليل من الكتاب والسنة فما وافقهما فهو الحق وما خالفهما فهو الباطل، وحذر سماحته من الذين يدعون إلى غير كتاب الله عز وجل وإلى غير سنة محمد ﷺ فهؤلاء لا يُتَّبعون ولا يقلدون بل يعادون في الله ويحذر منهم. وفيما يلي نص الحوار:
سؤال: ما المراد بطاعة ولاة الأمر في الآية، هل هم العلماء أم الحكام ولو كانوا ظالمين لأنفسهم ولشعوبهم؟
جواب: يقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء:59] وأولو الأمر هم:
العلماء والأمراء أمراء المسلمين وعلماؤهم يطاعون في طاعة الله إذا أمروا بطاعة الله وليس في معصية الله.
فالعلماء والأمراء يطاعون في المعروف، لأن بهذا تستقيم الأحوال ويحصل الأمن وتنفذ الأوامر وينصف المظلوم ويردع الظالم، أما إذا لم يطاعوا فسدت الأمور وأكل القوي الضعيف- فالواجب أن يطاعوا في طاعة الله في المعروف سواء كانوا أمراء أو علماء- العالم يبين حكم الله والأمير ينفذ حكم الله هذا هو الصواب في أولي الأمر، هم العلماء بالله وبشرعه وهم أمراء المسلمين عليهم أن ينفذوا أمر الله، وعلى الرعية أن تسمع لعلمائها في الحق وأن تسمع لأمرائها في المعروف- أما إذا أمروا بمعصية سواء كان الآمر أميرا أو عالما فإنهم لا يطاعون في ذلك، إذا قال لك أمير: اشرب الخمر فلا تشربها، أو إذا قال لك: كل الربا فلا تأكله، وهكذا مع العالم إذا أمرك بمعصية الله فلا تطعه، والتقي لا يأمر بذلك لكن قد يأمر بذلك العالم الفاسق.
والمقصود أنه إذا أمرك العالم أو الأمير بشيء من معاصي الله فلا تطعه في معاصي الله، إنما الطاعة في المعروف كما قال النبي ﷺ: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق لكن لا يجوز الخروج على الأئمة وإن عصوا، بل يجب السمع والطاعة في المعروف مع المناصحة ولا تنزعن يدا من طاعة لقول النبي ﷺ: على المرء السمع والطاعة، في المنشط والمكره، وفيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية الله، فإن أمر بمعصية الله فلا سمع ولا طاعة، ويقول عليه الصلاة والسلام: من رأى من أميره شيئاً من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة فإنه من فارق الجماعة مات ميتة جاهلية، وقال عليه الصلاة والسلام: من أتاكم وأمركم جميع يريد أن يفرق جماعتكم وأن يشق عصاكم فاقتلوه كائنا من كان.
والمقصود أن الواجب السمع والطاعة في المعروف لولاة الأمور من الأمراء والعلماء، وبهذا تنتظم الأمور وتصلح الأحوال ويأمن الناس وينصف المظلوم ويردع الظالم وتأمن السبل، ولا يجوز الخروج على ولاة الأمور وشق العصا إلا إذا وجد منهم كفر بواح عند الخارجين عليه من الله برهان ويستطيعون بخروجهم أن ينفعوا المسلمين وأن يزيلوا الظلم وأن يقيموا دولة صالحة، أما إذا كانوا لا يستطيعون فليس لهم الخروج ولو رأوا كفرا بواحا. لأن خروجهم يضر الناس ويفسد الأمة ويوجب الفتنة والقتل بغير الحق، ولكن إذا كانت عندهم القدرة والقوة على أن يزيلوا هذا الوالي الكافر فليزيلوه وليضعوا مكانه واليا صالحا ينفذ أمر الله فعليهم ذلك إذا وجدوا كفرا بواحا عندهم من الله فيه برهان وعندهم قدرة على نصر الحق وإيجاد البديل الصالح وتنفيذ الحق.
سؤال: هل عجزهم يعتبر براءة للذمة أي ذمتهم؟
جواب: نعم، يتكلمون بالحق ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويكفي ذلك، والمعروف هو ما ليس بمعصية، فيدخل فيه المستحب والواجب والمباح، كله معروف مثل: الأمر بعدم مخالفة الإشارة في الطريق فعند إشارة الوقوف يجب الوقوف. لأن هذا ينفع المسلمين وهو في الإصلاح وهكذا ما أشبهه.
سؤال: ما حكم سن القوانين الوضعية؟ وهل يجوز العمل بها؟ وهل يكفر الحاكم بسنه هذه القوانين؟
الجواب: إذا كان القانون يوافق الشرع فلا بأس به، مثل أن يسن قانونا للطرق ينفع المسلمين، وغير ذلك من الأشياء التي تنفع المسلمين وليس فيها مخالفة للشرع، ولكن لتسهيل أمور المسلمين فلا بأس بها.
أما القوانين التي تخالف الشرع فلا يجوز سنها، فإذا سن قانونا يتضمن أنه لا حد على الزاني أو لا حد على السارق أو لا حد على شارب الخمر فهذا قانون باطل، وإذا استحله الوالي كفر؛ لكونه استحل ما يخالف النص والإجماع، وهكذا كل من استحل ما حرم الله من المحرمات المجمع عليها فهو يكفر بذلك.
سؤال: كيف نتعامل مع هذا الوالي؟
الجواب: نطيعه في المعروف وليس في المعصية حتى يأتي الله بالبديل.
السؤال الخامس: تعلم يا سماحة الشيخ ما حل في الساحة من فتن فأصبح هناك جماعات مثل: جماعة التبليغ، وجماعة الإخوان، والسلفية وغيرهم من الجماعات، وكل جماعة تقول: إنها هي التي على صواب في اتباع السنة، من هم الذين على صواب من هذه الجماعات ومن نتبع منهم؟ ونرجو منك أن تسميهم بأسمائهم؟
الجواب: الجماعة التي يجب اتباعها والسير على منهاجها هم أهل الصراط المستقيم، هم أتباع النبي ﷺ وهم أتباع الكتاب والسنة الذين يدعون إلى كتاب الله وسنة رسوله ﷺ قولا وعملا، أما الجماعات الأخرى فلا تتبع منها أحدا إلا فيما وافقت فيه الحق، سواء كانت جماعة الإخوان المسلمين أو جماعة التبليغ أو أنصار السنة أو من يقولون: إنهم السلفيون أو الجماعة الإسلامية أو من تسمي نفسها بجماعة أهل الحديث، وأي فرقة تسمي نفسها بأي شيء فإنهم يطاعون ويتبعون في الحق، والحق ما قام عليه الدليل، وما خالف الدليل يرد عليهم، ويقال لهم: قد أخطأتم في هذا، فالواجب موافقتهم فيما يوافق الآية الكريمة أو الحديث الشريف أو إجماع سلف الأمة.
أما ما خالفوا فيه الحق فإنه يرد عليهم فيه، فيقول لهم أهل العلم: قولكم كذا وفعلكم كذا خلاف الحق، هذا يقوله لهم أهل العلم فهم الذين يبصرون الجماعات الإسلامية، فأهل العلم العالمون بالكتاب والسنة الذين تفقهوا في الدين من طريق الكتاب والسنة، هم الذين يعرفون تفاصيل هذه الجماعات وهذه الجماعات عندها حق وباطل فهي ليست معصومة وكل واحد غير معصوم، ولكن الحق ما قام عليه الدليل من كتاب الله عز وجل وسنة رسوله ﷺ أو إجماع سلف الأمة سواء من هذه الجماعات أو من الحنابلة أو الشافعية أو المالكية أو الظاهرية أو الحنفية أو غيرهم- فما قام عليه الدليل فهو الحق وما خالف الدليل من كتاب الله أو سنة رسول الله ﷺ أو الإجماع القطعي يكون خطأ- وأما الذين يدعون إلى غير كتاب الله عز وجل وسنة رسوله ﷺ، فهؤلاء لا يتبعون ولا يقلدون، إنما يطاع ويتبع من دعا إلى كتاب الله وسنة رسوله ﷺ وأصاب الحق فإذا أخطأ فإنه يقال له: أحسنت إذا أحسن وأخطأت إذا أخطأ ويتبع في الصواب، ويدعى له بالتوفيق، وإذا أخطأ يقال له: أخطأت في كذا وخالفت الدليل الفلاني، والواجب عليك التوبة إلى الله والرجوع إلى الحق- هذا يقوله أهل العلم وأهل البصيرة- أما العامي فليس من أهل العلم وإنما العلماء هم العلماء بالكتاب والسنة المعروفون الذين يتبعون الكتاب والسنة، فعلى العامي أن يسأل هؤلاء الذين عرفوا الكتاب والسنة عما أشكل عليه مثل أن يسألهم ما تقولون في دعوة فلان الذي يقول: كذا، ويقول: كذا، حتى يتبصر ويعرف الحق كما قال الله سبحانه: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [الأنبياء:7] وهم أهل العلم بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ أما أهل البدعة فليسوا من أهل الذكر، والدعاة إلى البدعة ليسوا من أهل الذكر أيضا. والله ولي التوفيق.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه[1].
- حوار مع سماحته في ندوة عقدت بجامع الإمام فيصل بن تركي في مدينة الرياض، ونشرته جريدة (الشرق الأوسط) بتاريخ 4/ 11/ 1413هـ، (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 7/ 119).