أولويات الدعوة
س1: سماحة الشيخ: الدعوة إلى الإسلام رسالة عظيمة، ترى ما المواضيع التي ينبغي أن يتطرق إليها الداعية في وقتنا الحاضر؟
ج1: الدعوة إلى الله وإلى الإسلام لا شك أنها دعوة الرسل عليهم السلام، فقد أرسل الله جميع الرسل، للدعوة إليهن وأنزل الكتب السماوية التي أعظمها وأفضلها وخاتمها القرآن الكريم، وكلها للدعوة إلى الله والتبشير بالإسلام، والتحذير من ضده، والدعوة إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال والترهيب من سيء الأخلاق وسيء الأعمال.
وأهم شيء في وقتنا هذا وفي غيره: الدعوة إلى توحيد الله، وإخلاص العبادة له وحده، وبيان أسمائه وصفاته، والدعوة إلى إثباتها كما جاءت، مع الإيمان بها، وإثباتها لله سبحانه على الوجه الذي يليق بالله جل وعلا، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، عملًا بقوله سبحانه: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:1-4] وقوله عز وجل: فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاا تَعْلَمُونَ [النحل:74]، وقوله سبحانه: فَاطِرُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11].
والواجب على الدعاة إلى الله أن يعنوا بالتوحيد – أعني: توحيد الربوبية – وقد أقر به المشركون، وهو: الإيمان بأن الله رب الجميع، وخالق الجميع، ورازق الجميع، الحي القيوم، النافع الضار، هذا معروف عند المسلمين وغيرهم، وقد عرفه أبو جهل وأشباهه من كفار قريش، واحتج الله عليهم بما أقروا به من توحيد الربوبية على ما أنكروا من توحيد الألوهية.
فالواجب على الدعاة إلى الله – أينما كانوا – أن يبينوا للناس حقيقة التوحيد التي بعث الله بها الرسل عليهم الصلاة والسلام، وأن يحذروهم من الشرك بالله وعبادة أصحاب القبور والاستغاثة بالأموات، والنذر للأموات والذبح لهم والطواف بقبورهم إلى غير ذلك مما يفعله المشركون اليوم، وهكذا دعوة الأصنام والأشجار والأحجار والجن والملائكة والأنبياء كل ذلك من الشرك بالله، لا يجوز لأي إنسان أن يدعو ميتًا أو شجرًا أو حجرًا أو صنمًا أو نجمًا أو غائبًا من ملك أو جني أو غير ذلك، بل هذا هو نفس الشرك الأكبر الذي قال الله فيه سبحانه: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:116]، وقال فيها سبحانه وتعالى: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ [المائدة:72].
أما دعاء الحي الحاضر والاستغاثة به فيما يقدر فلا بأس بذلك، لقول الله عز وجل في قصة موسى مع القبطي: فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ [القصص:15] الآية.
ويجب على الداعية أن يبين للناس أن الواجب اتباع الرسول عليه الصلاة والسلام، مع الإيمان به والشهادة بأنه رسول الله حقًا إلى جميع الثقلين الجن والإنس، والإيمان بجميع المرسلين، والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله، والإيمان بالآخرة والجنة والنار والقدر خيره وشره.
ويجب على الداعية أن يبين هذه الأصول المهمة، من توحيد الله، والإيمان به، والإيمان برسله عليهم الصلاة والسلام، وعلى رأسهم خاتمهم محمد عليه الصلاة والسلام، والإيمان باليوم الآخر، وبالجنة والنار إلى غير هذا مما أخبر الله به والرسول ﷺ والإيمان بالملائكة جميعًا، وبالكتب المنزلة على الأنبياء، وبالرسل جميعًا عليهم الصلاة والسلام، وبالقدر خيره وشره، ثم يدعو الناس بعد ذلك إلى الصلاة والزكاة وصيام رمضان وحج البيت وبر الوالدين وصلة الرحم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنهي عما حرم الله من سائر المعاصي مثل: الزنا، والسرقة، وظلم الناس في النفس والمال والعرض، وتحريم الغيبة والنميمة، وأكل الربا، والكسب الحرام، كل هذا من واجب الداعية إلى الله سبحانه وتعالى.
نصيحتي إلى هؤلاء:
س2: يعم العالم الإسلامي صحوة مباركة، استبشر بها كل المسلمين، غير أن هذه الصحوة لا تعني بالفقه الشرعي ولا أصول العقيدة الإسلامية، ما نصيحة سماحتكم لهذه الصحوة؟
ج2: نصيحتي لجميع المسلمين: الشباب المسلم، وللشيب أيضًا، وللرجال وللنساء، نصيحتي للجميع: أن يعنوا بكتاب الله – القرآن الكريم – تلاوة وتدبرًا وتعقلًا وعملًا، وأن يسألوا عما أشكل عليهم، وأن يراجعوا كتب التفسير المعتمدة، كابن جرير، وابن كثير، والبغوي وغيرها من الكتب المعتمدة في التفسير، حتى يعرفوا معاني كلام الله، وحتى يستقيموا على ما دل عليه كتاب الله من توحيد الله، والإخلاص له، والقيام بأوامره، وترك نواهيه مع العناية أيضًا بالكتب المؤلفة في عقيدة السلف الصالح مثل: (كتاب التوحيد) و(ثلاثة الأصول) و(كشف الشبهات) للشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله ومثل (العقيدة الواسطية) للشيخ ابن تيمية، و(لمعة الاعتقاد) للإمام الموفق ابن قدامة، و(شرح الطحاوية) لابن ابي العز، وأمثالها من الكتب المعروفة بالسير على منهج أهل السنة، وكتب الحديث المخــصرة، مثل: (الأربعين النووية) وتتمتها لابن رجب، و(عمدة الحديث) للشيخ عبدالغني المقدسي، و(بلوغ المرام) لابن حجر.
ويكون عنده في المصطلح (نخبة الفكر) وشرحها للحافظ ابن حجر، وفي أصول الفقه (روضة الناظر) للموفق ابن قدامة.
والمقصود: أن يعنوا بالأصول في العقيدة، وفي أصول الفقه، وفي المصطلح، لأن هذا ينفعهم ويبنون عليه علومهم وهكذا في الفقه مثل: (عمدة الفقه) للموفق، و (زاد المستقنع) للحجاوي، و(دليل الطالب).
وهذه الكتب في الفقه تنفع وتفيد طالب العلم، حتى يستعين بها على معرفة المسائل ومراجعتها ومعرفة أدلتها، كل هذا مهم في حق طالب العلم.
ضرب الدعوة الإسلامية (التطرف والأصولية):
س3: شاع في بعض وسائل الإعلام المختلفة اتهام شباب الصحوة بالتطرف وبالأصولية، ما رأى سماحتكم في هذا؟
ج3: هذا على كل حال غلط جاء من الغرب والشرق، من النصارى، والشيوعيين، واليهود، وغيرهم ممن ينفر من الدعوة إلى الله عز وجل وأنصارها، أرادوا أن يظلموا الدعوة بمثل التطرف، أو الأصولية أو كذا أو كذا مما يلقبونهم به.
ولا شك أن الدعوة إلى الله هي دين الرسل، وهي مذهبهم وطريقهم، وواجب على أهل العلم أن يدعوا إلى الله، وأن ينشطوا في ذلك، وعلى الشباب أن يتقوا الله، وأن يلتزموا بالحق، فلا يغلوا ولا يجفوا.
وقد يقع من بعض الشباب جهل فيغلون في بعض الأشياء أو نقص في العلم فيجفون، لكن على جميع الشباب وعلى غيرهم من العلماء أن يتقوا الله، وأن يتحروا الحق بالدليل، قال الله عز وجل، وقال رسوله ﷺ، وأن يحذروا من البدعة والغلو والإفراط، كما أن عليهم أن يحذروا من الجهل أو التقصير، وليس أحد منهم معصومًا، وقد يقع من بعض الناس شيء من التقصير بالزيادة أو النقص لكن ليس ذلك عيبًا للجميع، إنما هو عيب لمن وقع منه.
ولكن أعداء الله من النصارى وغيرهم، ومن سار في ركابهم جعلوا هذه وسيلة لضرب الدعوة والقضاء عليها باتهام أهلها بأنهم متطرفون وبأنهم أصوليون.
وما معنى أصوليين؟
وإذا كانوا أصوليين بمعني: أنهم يتمسكون بالأصول، وبما قال الله وقال الرسول فهذا مدح وليس ذمًا، التمسك بالأصول من كتاب الله وسنة نبيه ﷺ مدح وليس بذم، وإنما الذم للتطرف أو الجفاء: إما التطرف بالغلو، وإما التطرف بالجفاء والتقصير، وهذا هو الذم.
أما الإنسان الملتزم بالأصول المعتبرة من كتاب الله وسنة رسوله ﷺ فهذا ليس بعيب، بل مدح وكمال، هذا هو الواجب على طلبة العلم والداعيين إلى الله: أن يلتزموا بالأصول من كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، وما عرف في أصول الفقه، وأصول العقيدة، وأصول المصطلح فيما يستدل به وما يحتج به من الأدلة، لا بد أن يكون عندهم أصول يعتمد عليها.
فــضرب الدعاة بأنهم أصوليون هذا كلام مجمل ليس له حقيقة إلا الذم والعيب والتنفير، فالأصولية ليست ذمًا، ولكنها مدح في الحقيقة.
إذا كان طالب العلم يتمسك بالأصول ويعتني بها ويسهر عليها من كتاب الله، وسنة رسوله ﷺ وما قرره أهل العلم فهذا ليس بعيب، أما التطرف بالبدعة والزيادة والغلو فهو العيب، أو التطرف بالجهل أو التعصب فهذا عيب أيضًا.
فالواجب على الدعاة أن يلتزموا بالأصول الشرعية ويتمسكوا بالتوسط الذي جعلهم الله فيه، فالله جعلهم أمة وسطًا، فالواجب على الدعاة: أن يكونوا وسطًا بين الغالي والجافي، بين الإفراط والتفريط، وعليهم: أن يستقيموا على الحق، وأن يثبتوا عليه بأدلته الشرعية، فلا إفراط وغلو، ولا جفاء وتفريط، ولكنه الوسط الذي أمر الله به.
واجب النصيحة:
س4: يتردد كثيرًا أن فلانًا متطرف وذلك معتدل وذاك متزمت، وغير ذلك من الألقاب، سماحة الشيخ هل تجوز مثل تلك الألقاب وكيف نعالج مشكلة التطرف في واقعنا المعاصر؟
ج4: قد يقول هذه الكلمات أشخاص لا يعرفون معانيها أو يعرفونها ويرمون بها من هو برئ منها.
وقد تقدم أن التطرف: هو عدم الاعتدال بغلو أو جفاء، والغالب على هؤلاء يطلقون التطرف على المفرط الزائد الغالي بزعمهم، والمتزمت: الذي ليس عنده انشراح، لقول الحق وقبول الحق والسير مع أهل الحق.
وهذه ألقاب ينفرون بها من الدعوة إلى الله عز وجل، والواجب: النصيحة، إذا رؤى من إنسان تقصير بجفاء في نصح، أو إفراط وغلو نصح، وليس هذا وصفًا لكل الناس، وإنما قد يقع من بعضهم، وليس هذا وصفًا للدعاة عمومًا، ولكن قد يقع من بعضهم شيء من النقص والجفاء أو شيء من الغلو والزيادة فينصح ويوجه إلى الخير ويعلم حتى يستقيم.
كيف نعالج التطرف
س5: إذن شيخنا كيف نعالج مشكلة التطرف؟
ج5: بالتعليم والتوجيه من العلماء، إذا عرفوا عن إنسان أنه يزيد ويبتدع بينوا له، مثل الذي يكفر العصاة، وهذا دين الخوارج، الخوارج هم الذين يكفرون بالمعاصي، ولكن يُعلم أن عليه التوسط، العاصي له حكمه، والمشرك له حكمه، المبتدع له حكمه، فيعلم ويوجه إلى الخير حتى يهتدي، وحتى يعرف أحكام الشـــرع وينزل كل شيء منزلته، فلا يجعل العاصي في منزلة الكافر ولا يجعل الكافر في منزلة العاصي، فالعصاه الذي ذنوبهم دون الــشرك كالزاني والسارق وصاحب الغيبة والنميمة وآكل الربا، هؤلاء لهم حكم، وهم تحت المشيئة إذا ماتوا على ذلك، والمشرك الذي يعبد أصحاب القبور ويستغيث بالأموات من دون الله له حكم، وهو: الكفر بالله عز وجل، والذي يسب الدين أو يهزئ بالدين له حكم، وهو: الكفر بالله عز وجل، فالناس طبقات وأقسام ليسوا على حد سواء، لابد أن ينزلوا منازلهم، ولابد أن يعطوا أحكامهم بالبصيرة والبينة لا بالهوى والجهل، بل بالأدلة الشرعية، وهذا على العلماء.
فعلى العلماء أن يوجهوا الناس، وأن يرشدوا الشباب الذين قد يخشى منهم التطرف أو الجفاء والتقصير، فيعلمون ويوجهون، لأن علمهم قليل، فيجب ان يوجهوا إلى الحق.
س6: يتساءل كثير من شباب الإسلام عن حكم الانتماء للجماعات الإسلامية، والالتزام بمنهج جماعة معينة دون سواها؟
ج6: الواجب على كل إنسان أن يلتزم بالحق، قال الله عز وجل، وقال رسولهﷺ، وألا يلتزم بمنهج أي جماعة لا إخوان مسلمين ولا أنصار سُنَّة ولا غيرهم، ولكن يلتزم بالحق، وإذا انتسب إلى أنصار السنة وساعدهم في الحق، أو إلى الإخوان المسلمين ووافقهم على الحق من دون غلو ولا تفريط فلا بأس، أما أن يلزم قولهم ولا يحيد عنه فهذا لا يجوز، وعليه أن يدور مع الحق حيث دار، إن كان الحق مع الإخوان المسلمين أخذ به، وإن كان مع أنصار السنة أخذ به، وإن كان مع غيرهم أخذ به، يدور مع الحق، يعين الجماعات الأخرى في الحق، ولكن لا يلتزم بمذهب معين لا يحيد عنه ولو كان باطلًا، ولو كان غلطًا، فهذا منكر، وهذا لا يجوز، ولكن مع الجماعة في كل حق، وليس معهم فيما أخطأوا فيه.
العنف يضر بالدعوة:
س7: هل من واجب الدعاة إلى الله في مجتمع مسلم لا يطبق أحكام الشريعة الإسلامية الدعوة إلى تغيير أنظمة الحكم بالقوة؟
ج7: الواجب الدعوة إلى الله، والنصيحة والتوجيه إلى الخير من دون تغيير بالقوة، لأن هذا يفتح باب شر على المسلمين ويضايق الدعوة يخنقها، وربما أفــضي إلى حصار أهلها، ولكن يدعو إلى الله بالحكمة، وبالقول الحسن، وبالموعظة الحسنة، وبالتي هي أحسن، وينصح ولاة الأمور، ينصح غيرهم من المسؤولين، وينصح العامة ويوجههم إلى الخير، عملًا بقول الله سبحانه تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125]، وقوله سبحانه: وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ [العنكبوت: 46]، وهم: اليهود والنصارى، نهي الله عن جدالهم إلا بالتي هي أحسن، إلا من ظلم فهذا له شأن آخر: يرفع أمره إلى ولاة الأمور، ويعمل ما يستطيع من جهد لرد ظلمه بالطرق الشرعية المعتبرة.
الدعوة إلى الله فرض كفاية:
س8: هل الدعوة واجبة على كل مسلم أم على جماعة من المتخصصين في أمور الدين وأحكام الشريعة؟
ج8: الدعوة فرض كفاية، إذا قام بها من يكفي في أي بلد أو في أي قرية، أو في أي قبيلة سقطت عن الباقين، وصارت في حقهم سنة بشرط أن يكون عندهم علم وعندهم بصيرة وأهلية للدعوة بقول الله عز وجل، وقول رسول الله ﷺ، وإذا تعاونوا صار ذلك أكمل وأطيب، كما قال الله عز وجل: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125] وقال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة:2] الآية.
الاعتداء على زوار البلاد الإسلامية:
س9: ما حكم الاعتداء على الأجانب السياح والزوار في البلاد الإسلامية؟
ج9: هذا لا يجوز، الاعتداء لا يجوز على أي أحد، سواء كانوا سياحًا أو عمالًا، لأنهم مستأمنون، دخلوا بالأمان فلا يجوز الاعتداء عليهم، ولكن تناصح الدولة حتى تمنعهم مما لا ينبغي إظهاره، أما الاعتداء عليهم فلا يجوز، أما أفراد الناس فليس لهم أن يقتلوهم أو يضربوهم أو يؤذوهم، بل عليهم أن يرفعوا الأمر إلى ولاة الأمور، لأن التعدي عليهم تعد على أناس قد دخلوا بالأمان فلا يجوز التعدي عليهم، ولكن يرفع أمرهم إلى من يستطيع منع دخولهم أو منعهم من ذلك المنكر الظاهر.
أما نصيحتهم ودعوتهم إلى الإسلام أو إلى ترك المنكر إن كانوا مسلمين فهذا مطلوب، وتعمه الأدلة الشرعية، والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
س1: سماحة الشيخ: الدعوة إلى الإسلام رسالة عظيمة، ترى ما المواضيع التي ينبغي أن يتطرق إليها الداعية في وقتنا الحاضر؟
ج1: الدعوة إلى الله وإلى الإسلام لا شك أنها دعوة الرسل عليهم السلام، فقد أرسل الله جميع الرسل، للدعوة إليهن وأنزل الكتب السماوية التي أعظمها وأفضلها وخاتمها القرآن الكريم، وكلها للدعوة إلى الله والتبشير بالإسلام، والتحذير من ضده، والدعوة إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال والترهيب من سيء الأخلاق وسيء الأعمال.
وأهم شيء في وقتنا هذا وفي غيره: الدعوة إلى توحيد الله، وإخلاص العبادة له وحده، وبيان أسمائه وصفاته، والدعوة إلى إثباتها كما جاءت، مع الإيمان بها، وإثباتها لله سبحانه على الوجه الذي يليق بالله جل وعلا، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، عملًا بقوله سبحانه: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:1-4] وقوله عز وجل: فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاا تَعْلَمُونَ [النحل:74]، وقوله سبحانه: فَاطِرُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11].
والواجب على الدعاة إلى الله أن يعنوا بالتوحيد – أعني: توحيد الربوبية – وقد أقر به المشركون، وهو: الإيمان بأن الله رب الجميع، وخالق الجميع، ورازق الجميع، الحي القيوم، النافع الضار، هذا معروف عند المسلمين وغيرهم، وقد عرفه أبو جهل وأشباهه من كفار قريش، واحتج الله عليهم بما أقروا به من توحيد الربوبية على ما أنكروا من توحيد الألوهية.
فالواجب على الدعاة إلى الله – أينما كانوا – أن يبينوا للناس حقيقة التوحيد التي بعث الله بها الرسل عليهم الصلاة والسلام، وأن يحذروهم من الشرك بالله وعبادة أصحاب القبور والاستغاثة بالأموات، والنذر للأموات والذبح لهم والطواف بقبورهم إلى غير ذلك مما يفعله المشركون اليوم، وهكذا دعوة الأصنام والأشجار والأحجار والجن والملائكة والأنبياء كل ذلك من الشرك بالله، لا يجوز لأي إنسان أن يدعو ميتًا أو شجرًا أو حجرًا أو صنمًا أو نجمًا أو غائبًا من ملك أو جني أو غير ذلك، بل هذا هو نفس الشرك الأكبر الذي قال الله فيه سبحانه: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:116]، وقال فيها سبحانه وتعالى: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ [المائدة:72].
أما دعاء الحي الحاضر والاستغاثة به فيما يقدر فلا بأس بذلك، لقول الله عز وجل في قصة موسى مع القبطي: فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ [القصص:15] الآية.
ويجب على الداعية أن يبين للناس أن الواجب اتباع الرسول عليه الصلاة والسلام، مع الإيمان به والشهادة بأنه رسول الله حقًا إلى جميع الثقلين الجن والإنس، والإيمان بجميع المرسلين، والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله، والإيمان بالآخرة والجنة والنار والقدر خيره وشره.
ويجب على الداعية أن يبين هذه الأصول المهمة، من توحيد الله، والإيمان به، والإيمان برسله عليهم الصلاة والسلام، وعلى رأسهم خاتمهم محمد عليه الصلاة والسلام، والإيمان باليوم الآخر، وبالجنة والنار إلى غير هذا مما أخبر الله به والرسول ﷺ والإيمان بالملائكة جميعًا، وبالكتب المنزلة على الأنبياء، وبالرسل جميعًا عليهم الصلاة والسلام، وبالقدر خيره وشره، ثم يدعو الناس بعد ذلك إلى الصلاة والزكاة وصيام رمضان وحج البيت وبر الوالدين وصلة الرحم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنهي عما حرم الله من سائر المعاصي مثل: الزنا، والسرقة، وظلم الناس في النفس والمال والعرض، وتحريم الغيبة والنميمة، وأكل الربا، والكسب الحرام، كل هذا من واجب الداعية إلى الله سبحانه وتعالى.
نصيحتي إلى هؤلاء:
س2: يعم العالم الإسلامي صحوة مباركة، استبشر بها كل المسلمين، غير أن هذه الصحوة لا تعني بالفقه الشرعي ولا أصول العقيدة الإسلامية، ما نصيحة سماحتكم لهذه الصحوة؟
ج2: نصيحتي لجميع المسلمين: الشباب المسلم، وللشيب أيضًا، وللرجال وللنساء، نصيحتي للجميع: أن يعنوا بكتاب الله – القرآن الكريم – تلاوة وتدبرًا وتعقلًا وعملًا، وأن يسألوا عما أشكل عليهم، وأن يراجعوا كتب التفسير المعتمدة، كابن جرير، وابن كثير، والبغوي وغيرها من الكتب المعتمدة في التفسير، حتى يعرفوا معاني كلام الله، وحتى يستقيموا على ما دل عليه كتاب الله من توحيد الله، والإخلاص له، والقيام بأوامره، وترك نواهيه مع العناية أيضًا بالكتب المؤلفة في عقيدة السلف الصالح مثل: (كتاب التوحيد) و(ثلاثة الأصول) و(كشف الشبهات) للشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله ومثل (العقيدة الواسطية) للشيخ ابن تيمية، و(لمعة الاعتقاد) للإمام الموفق ابن قدامة، و(شرح الطحاوية) لابن ابي العز، وأمثالها من الكتب المعروفة بالسير على منهج أهل السنة، وكتب الحديث المخــصرة، مثل: (الأربعين النووية) وتتمتها لابن رجب، و(عمدة الحديث) للشيخ عبدالغني المقدسي، و(بلوغ المرام) لابن حجر.
ويكون عنده في المصطلح (نخبة الفكر) وشرحها للحافظ ابن حجر، وفي أصول الفقه (روضة الناظر) للموفق ابن قدامة.
والمقصود: أن يعنوا بالأصول في العقيدة، وفي أصول الفقه، وفي المصطلح، لأن هذا ينفعهم ويبنون عليه علومهم وهكذا في الفقه مثل: (عمدة الفقه) للموفق، و (زاد المستقنع) للحجاوي، و(دليل الطالب).
وهذه الكتب في الفقه تنفع وتفيد طالب العلم، حتى يستعين بها على معرفة المسائل ومراجعتها ومعرفة أدلتها، كل هذا مهم في حق طالب العلم.
ضرب الدعوة الإسلامية (التطرف والأصولية):
س3: شاع في بعض وسائل الإعلام المختلفة اتهام شباب الصحوة بالتطرف وبالأصولية، ما رأى سماحتكم في هذا؟
ج3: هذا على كل حال غلط جاء من الغرب والشرق، من النصارى، والشيوعيين، واليهود، وغيرهم ممن ينفر من الدعوة إلى الله عز وجل وأنصارها، أرادوا أن يظلموا الدعوة بمثل التطرف، أو الأصولية أو كذا أو كذا مما يلقبونهم به.
ولا شك أن الدعوة إلى الله هي دين الرسل، وهي مذهبهم وطريقهم، وواجب على أهل العلم أن يدعوا إلى الله، وأن ينشطوا في ذلك، وعلى الشباب أن يتقوا الله، وأن يلتزموا بالحق، فلا يغلوا ولا يجفوا.
وقد يقع من بعض الشباب جهل فيغلون في بعض الأشياء أو نقص في العلم فيجفون، لكن على جميع الشباب وعلى غيرهم من العلماء أن يتقوا الله، وأن يتحروا الحق بالدليل، قال الله عز وجل، وقال رسوله ﷺ، وأن يحذروا من البدعة والغلو والإفراط، كما أن عليهم أن يحذروا من الجهل أو التقصير، وليس أحد منهم معصومًا، وقد يقع من بعض الناس شيء من التقصير بالزيادة أو النقص لكن ليس ذلك عيبًا للجميع، إنما هو عيب لمن وقع منه.
ولكن أعداء الله من النصارى وغيرهم، ومن سار في ركابهم جعلوا هذه وسيلة لضرب الدعوة والقضاء عليها باتهام أهلها بأنهم متطرفون وبأنهم أصوليون.
وما معنى أصوليين؟
وإذا كانوا أصوليين بمعني: أنهم يتمسكون بالأصول، وبما قال الله وقال الرسول فهذا مدح وليس ذمًا، التمسك بالأصول من كتاب الله وسنة نبيه ﷺ مدح وليس بذم، وإنما الذم للتطرف أو الجفاء: إما التطرف بالغلو، وإما التطرف بالجفاء والتقصير، وهذا هو الذم.
أما الإنسان الملتزم بالأصول المعتبرة من كتاب الله وسنة رسوله ﷺ فهذا ليس بعيب، بل مدح وكمال، هذا هو الواجب على طلبة العلم والداعيين إلى الله: أن يلتزموا بالأصول من كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، وما عرف في أصول الفقه، وأصول العقيدة، وأصول المصطلح فيما يستدل به وما يحتج به من الأدلة، لا بد أن يكون عندهم أصول يعتمد عليها.
فــضرب الدعاة بأنهم أصوليون هذا كلام مجمل ليس له حقيقة إلا الذم والعيب والتنفير، فالأصولية ليست ذمًا، ولكنها مدح في الحقيقة.
إذا كان طالب العلم يتمسك بالأصول ويعتني بها ويسهر عليها من كتاب الله، وسنة رسوله ﷺ وما قرره أهل العلم فهذا ليس بعيب، أما التطرف بالبدعة والزيادة والغلو فهو العيب، أو التطرف بالجهل أو التعصب فهذا عيب أيضًا.
فالواجب على الدعاة أن يلتزموا بالأصول الشرعية ويتمسكوا بالتوسط الذي جعلهم الله فيه، فالله جعلهم أمة وسطًا، فالواجب على الدعاة: أن يكونوا وسطًا بين الغالي والجافي، بين الإفراط والتفريط، وعليهم: أن يستقيموا على الحق، وأن يثبتوا عليه بأدلته الشرعية، فلا إفراط وغلو، ولا جفاء وتفريط، ولكنه الوسط الذي أمر الله به.
واجب النصيحة:
س4: يتردد كثيرًا أن فلانًا متطرف وذلك معتدل وذاك متزمت، وغير ذلك من الألقاب، سماحة الشيخ هل تجوز مثل تلك الألقاب وكيف نعالج مشكلة التطرف في واقعنا المعاصر؟
ج4: قد يقول هذه الكلمات أشخاص لا يعرفون معانيها أو يعرفونها ويرمون بها من هو برئ منها.
وقد تقدم أن التطرف: هو عدم الاعتدال بغلو أو جفاء، والغالب على هؤلاء يطلقون التطرف على المفرط الزائد الغالي بزعمهم، والمتزمت: الذي ليس عنده انشراح، لقول الحق وقبول الحق والسير مع أهل الحق.
وهذه ألقاب ينفرون بها من الدعوة إلى الله عز وجل، والواجب: النصيحة، إذا رؤى من إنسان تقصير بجفاء في نصح، أو إفراط وغلو نصح، وليس هذا وصفًا لكل الناس، وإنما قد يقع من بعضهم، وليس هذا وصفًا للدعاة عمومًا، ولكن قد يقع من بعضهم شيء من النقص والجفاء أو شيء من الغلو والزيادة فينصح ويوجه إلى الخير ويعلم حتى يستقيم.
كيف نعالج التطرف
س5: إذن شيخنا كيف نعالج مشكلة التطرف؟
ج5: بالتعليم والتوجيه من العلماء، إذا عرفوا عن إنسان أنه يزيد ويبتدع بينوا له، مثل الذي يكفر العصاة، وهذا دين الخوارج، الخوارج هم الذين يكفرون بالمعاصي، ولكن يُعلم أن عليه التوسط، العاصي له حكمه، والمشرك له حكمه، المبتدع له حكمه، فيعلم ويوجه إلى الخير حتى يهتدي، وحتى يعرف أحكام الشـــرع وينزل كل شيء منزلته، فلا يجعل العاصي في منزلة الكافر ولا يجعل الكافر في منزلة العاصي، فالعصاه الذي ذنوبهم دون الــشرك كالزاني والسارق وصاحب الغيبة والنميمة وآكل الربا، هؤلاء لهم حكم، وهم تحت المشيئة إذا ماتوا على ذلك، والمشرك الذي يعبد أصحاب القبور ويستغيث بالأموات من دون الله له حكم، وهو: الكفر بالله عز وجل، والذي يسب الدين أو يهزئ بالدين له حكم، وهو: الكفر بالله عز وجل، فالناس طبقات وأقسام ليسوا على حد سواء، لابد أن ينزلوا منازلهم، ولابد أن يعطوا أحكامهم بالبصيرة والبينة لا بالهوى والجهل، بل بالأدلة الشرعية، وهذا على العلماء.
فعلى العلماء أن يوجهوا الناس، وأن يرشدوا الشباب الذين قد يخشى منهم التطرف أو الجفاء والتقصير، فيعلمون ويوجهون، لأن علمهم قليل، فيجب ان يوجهوا إلى الحق.
س6: يتساءل كثير من شباب الإسلام عن حكم الانتماء للجماعات الإسلامية، والالتزام بمنهج جماعة معينة دون سواها؟
ج6: الواجب على كل إنسان أن يلتزم بالحق، قال الله عز وجل، وقال رسولهﷺ، وألا يلتزم بمنهج أي جماعة لا إخوان مسلمين ولا أنصار سُنَّة ولا غيرهم، ولكن يلتزم بالحق، وإذا انتسب إلى أنصار السنة وساعدهم في الحق، أو إلى الإخوان المسلمين ووافقهم على الحق من دون غلو ولا تفريط فلا بأس، أما أن يلزم قولهم ولا يحيد عنه فهذا لا يجوز، وعليه أن يدور مع الحق حيث دار، إن كان الحق مع الإخوان المسلمين أخذ به، وإن كان مع أنصار السنة أخذ به، وإن كان مع غيرهم أخذ به، يدور مع الحق، يعين الجماعات الأخرى في الحق، ولكن لا يلتزم بمذهب معين لا يحيد عنه ولو كان باطلًا، ولو كان غلطًا، فهذا منكر، وهذا لا يجوز، ولكن مع الجماعة في كل حق، وليس معهم فيما أخطأوا فيه.
العنف يضر بالدعوة:
س7: هل من واجب الدعاة إلى الله في مجتمع مسلم لا يطبق أحكام الشريعة الإسلامية الدعوة إلى تغيير أنظمة الحكم بالقوة؟
ج7: الواجب الدعوة إلى الله، والنصيحة والتوجيه إلى الخير من دون تغيير بالقوة، لأن هذا يفتح باب شر على المسلمين ويضايق الدعوة يخنقها، وربما أفــضي إلى حصار أهلها، ولكن يدعو إلى الله بالحكمة، وبالقول الحسن، وبالموعظة الحسنة، وبالتي هي أحسن، وينصح ولاة الأمور، ينصح غيرهم من المسؤولين، وينصح العامة ويوجههم إلى الخير، عملًا بقول الله سبحانه تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125]، وقوله سبحانه: وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ [العنكبوت: 46]، وهم: اليهود والنصارى، نهي الله عن جدالهم إلا بالتي هي أحسن، إلا من ظلم فهذا له شأن آخر: يرفع أمره إلى ولاة الأمور، ويعمل ما يستطيع من جهد لرد ظلمه بالطرق الشرعية المعتبرة.
الدعوة إلى الله فرض كفاية:
س8: هل الدعوة واجبة على كل مسلم أم على جماعة من المتخصصين في أمور الدين وأحكام الشريعة؟
ج8: الدعوة فرض كفاية، إذا قام بها من يكفي في أي بلد أو في أي قرية، أو في أي قبيلة سقطت عن الباقين، وصارت في حقهم سنة بشرط أن يكون عندهم علم وعندهم بصيرة وأهلية للدعوة بقول الله عز وجل، وقول رسول الله ﷺ، وإذا تعاونوا صار ذلك أكمل وأطيب، كما قال الله عز وجل: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125] وقال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة:2] الآية.
الاعتداء على زوار البلاد الإسلامية:
س9: ما حكم الاعتداء على الأجانب السياح والزوار في البلاد الإسلامية؟
ج9: هذا لا يجوز، الاعتداء لا يجوز على أي أحد، سواء كانوا سياحًا أو عمالًا، لأنهم مستأمنون، دخلوا بالأمان فلا يجوز الاعتداء عليهم، ولكن تناصح الدولة حتى تمنعهم مما لا ينبغي إظهاره، أما الاعتداء عليهم فلا يجوز، أما أفراد الناس فليس لهم أن يقتلوهم أو يضربوهم أو يؤذوهم، بل عليهم أن يرفعوا الأمر إلى ولاة الأمور، لأن التعدي عليهم تعد على أناس قد دخلوا بالأمان فلا يجوز التعدي عليهم، ولكن يرفع أمرهم إلى من يستطيع منع دخولهم أو منعهم من ذلك المنكر الظاهر.
أما نصيحتهم ودعوتهم إلى الإسلام أو إلى ترك المنكر إن كانوا مسلمين فهذا مطلوب، وتعمه الأدلة الشرعية، والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه. [1]
- حوار أجراه مندوب مجلة الحرس الوطني مع سماحته، وقد نشر هذا الحوار في العدد (137) في شهر رمضان لعام 1413 هـ. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 8/ 230).