الحمد لله الذي جعل البيت مثابة للناس وأمنا، وجعله مباركًا وهدى للعالمين، وأمر عبده ورسوله وخليله إبراهيم إمام الحنفاء ووالد الأنبياء من بعده، أن يوجه الناس ويؤذن فيهم بالحج بعد ما بوأ له مكان البيت؛ ليأتوا إليه من كل فج عميق، ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، الذي بعث رسله وأنزل كتبه لإقامة الحجة وبيان أنه سبحانه هو الواحد الأحد المستحق أن يعبد والمستحق لأن يجتمع العباد على طاعته واتباع شريعته وترك ما خالف ذلك، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وخليله الذي أرسله سبحانه رحمة للعالمين وحجة على العباد أجمعين، بعثه بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وأمره أن يبلغ الناس مناسكهم، ففعل ذلك قولًا وعملًا عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم.
لقد حج عليه الصلاة والسلام حجة الوداع وبلغ الناس مناسكهم قولًا وعملًا، وقال للناس: خذوا عني مناسككم فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا[1]، فشرع لهم أعمال الحج، وأقوال الحج، وجميع مناسكه بقوله وفعله عليه الصلاة والسلام، فقد بلغ الرسالة وأدى الأمانة وجاهد في الله حق الجهاد، حتى أتاه اليقين من ربه عليه الصلاة والسلام، فسار خلفاؤه الراشدون وصحابته المرضيون جميعًا على نهجه القويم، وبينوا للناس هذه الرسالة العظيمة بأقوالهم وأعمالهم، ونقلوا إلى الناس أقواله وأعماله عليه الصلاة والسلام بغاية الأمانة والصدق، رضى الله عنهم وأرضاهم وأحسن مثواهم.
وكان أعظم أهداف هذا الحج توحيد كلمة المسلمين على الحق، وإرشادهم إليه، حتى يستقيموا على دين الله، وحتى يعبدوه وحده، وحتى ينقادوا لشرعه. فمن أجل ذلك رأيت أن تكون كلمتي في هذا المقام بهذا العنوان: "من أهداف الحج توحيد كلمة المسلمين على الحق". وللحج أهداف كثيرة يأتي بيان كثير منها إن شاء الله.
أما بعد:
فإني اشكر الله على ما من به من هذا اللقاء بأخوة لي في الله، في نادي مكة الثقافي الأدبي؛ للتناصح والتعاون على الخير، وبيان كثير من أهداف هذا المنسك العظيم، وهو حج بيت الله الحرام؛ ليكون حجاج بيت الله الحرام على بصيرة، وليستفيدوا مما شرع الله لهم ومما قد يجهله كثير منهم.
ثم أشكر القائمين على هذا النادي وعلى رأسهم الأخ الكريم الدكتور/ راشد الراجح رئيس النادي ومدير جامعة أم القرى على دعوتهم لي لهذا اللقاء، وأسأل الله أن يوفق الجميع لما يرضيه، وأن يعين القائمين على النادي على كل خير، وأن ينفع بجهودهم المسلمين، وأن يجعلنا من الهداة المهتدين ومن أنصار الحق أينما كان.
أيها الأخوة في الله، إن الله جل وعلا شرع الحج لعباده، وجعله الركن الخامس من أركان الإسلام، لحكم كثيرة وأسرار عظيمة ومنافع لا تحصى، وقد أشار الله جل وعلا إلى ذلك في كتابه العظيم، حيث يقول جل وعلا: قُلْ صَدَقَ اللّهُ فَاتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [آل عمران:95-97].
فبين سبحانه أن هذا البيت أول بيت وضع للناس؛ أي في الأرض للعبادة والتقرب إلى الله بما يرضيه، كما ثبت في الصحيحين في حديث أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله، أخبرني عن أول مسجد وضع في الأرض؟ قال: المسجد الحرام قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى، قلت: وكم بينهما؟ قال: أربعون عامًا، قلت: ثم أي؟ قال: ثم حيث أدركتك الصلاة فصل فإنها مسجد[2].
فبين عليه الصلاة والسلام أن هذا البيت أول بيت وضع للناس هو المسجد الحرام، والمعنى أنه أول بيت وضع للعبادة والتقرب إلى الله ، كما قال أهل العلم، وهناك بيوت قبله للسكن، ولكن المقصود أنه أول بيت وضع للعبادة والطاعة والتقرب إلى الله بما يرضيه من الأقوال والأعمال، ثم بعده المسجد الأقصى بناه حفيد إبراهيم؛ يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم جميعًا الصلاة والسلام، ثم جدده في آخر الزمان بعد ذلك بمدة طويلة نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام، ثم بعد ذلك كل الأرض مسجد، ثم جاء مسجد النبي عليه الصلاة والسلام، وهو المسجد الثالث في آخر الزمان على يد نبي الساعة محمد عليه الصلاة والسلام، فبناه بعد ما هاجر إلى المدينة هو وأصحابه ، وأخبر عليه الصلاة والسلام أنه أفضل المساجد بعد المسجد الحرام، فالمساجد المفضلة ثلاثة: أعظمها وأفضلها المسجد الحرام، ثم مسجد النبي عليه الصلاة والسلام، ثم المسجد الأقصى. والصلاة في هذه المساجد مضاعفة؛ جاء في الحديث الصحيح أنها في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، وجاء في مسجده عليه الصلاة والسلام أن الصلاة في مسجده خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وجاء في المسجد الأقصى أنها بخمسمائة صلاة، وهي المساجد العظيمة المفضلة وهي مساجد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
وشرع الله جل وعلا الحج لعباده، لما في ذلك من المصالح العظيمة، وأخبرنا نبينا ﷺ أن الحج مفروض على العباد المكلفين المستطيعين السبيل إليه، كما دل عليه كتاب الله في قوله سبحانه: وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97].
وخطب النبي ﷺ في الناس، فقال: أيها الناس إن الله كتب عليكم الحج فحجوا فقيل: يا رسول الله، أفي كل عام؟ فقال: الحج مرة فمن زاد فهو تطوع[3]. فهو فرض مرة في العمر، فما زاد على ذلك فهو تطوع، على الرجال والنساء المكلفين المستطيعين السبيل إليه، ثم هو بعد ذلك تطوع وقربة عظيمة، كما قال النبي الكريم ﷺ: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة[4] متفق على صحته.
وهذا يعم الفرض والنفل من العمرة والحج. وقال عليه الصلاة والسلام: من أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه[5] وفي اللفظ الآخر: من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه[6] أخرجه البخاري.
وهذا يدل على الفضل العظيم للحج والعمرة، وأن العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، وأن الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة.
فجدير بأهل الإيمان أن يبادروا بحج بيت الله، وأن يؤدوا هذا الواجب العظيم أينما كانوا إذا استطاعوا السبيل إلى ذلك، وأما بعد ذلك فهو نافلة وليس بفريضة، ولكن فيه فضل عظيم، كما في الحديث الصحيح: قيل: يا رسول الله، أي العمل افضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله قيل: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله قيل: ثم أي؟ قال: حج مبرور[7] متفق عليه.
وقد حج عليه الصلاة والسلام حجة الوداع، وشرع للناس المناسك بقوله وفعله، وخطبهم في حجة الوداع في يوم عرفة خطبة عظيمة، ذكرهم فيها بحقه سبحانه وتوحيده، وأخبرهم فيها أن أمور الجاهلية موضوعة وأن الربا موضوع وأن دماء الجاهلية موضوعة، وأوصاهم فيها بكتاب الله وسنة رسوله والاعتصام بهما، وأخبر أنهم لن يضلوا ما اعتصموا بهما، وبين حق الرجل على زوجته وحقها عليه، وبين أمورًا كثيرة عليه الصلاة والسلام، ثم قال: «وأنتم تسألون عني فماذا أنتم قائلون»؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت. فجعل يرفع إصبعه إلى السماء ثم ينكبها إلى الأرض ويقول: اللهم اشهد اللهم اشهد[8]. عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام.
ولاشك أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة عليه الصلاة والسلام على خير الوجوه وأكملها، ونشهد له بذلك كما شهد له صحابته رضي الله عنهم وأرضاهم.
وقد بين عليه الصلاة والسلام مناسك الحج وأعماله وأقواله وأفعاله، وكان خروجه من المدينة في آخر ذي القعدة من عام عشر، محرمًا بالحج والعمرة قارنًا بينهما، من ذي الحليفة، وساق الهدي عليه الصلاة والسلام، وأتى مكة في صبيحة اليوم الرابع من ذي الحجة، ولم يزل يلبي من الميقات من حين أحرم من ذي الحليفة بتلبيته المشهورة: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك[9].
بعدما لبى بالحج والعمرة عليه الصلاة والسلام. وكان قد خير أصحابه في ذي الحليفة بين الأنساك الثلاثة، فمنهم من لبى بالعمرة ومنهم من لبى بالحج ومنهم من لبى بهما، وكان ﷺ يرفع صوته بالتلبية، وهكذا أصحابه ، ولم يزل يلبي حتى وصل إلى بيت الله العتيق، وبين للناس ما يقولونه من الأذكار والدعاء في طوافهم وسعيهم وفي عرفات ومزدلفة وفي منى، وبين الله جل وعلا ذلك في كتابه العظيم حيث قال جل وعلا: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [البقرة:198-199] إلى أن قال : وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ الآية [البقرة:203].
فالذكر من جملة المنافع المذكورة في قوله تعالى: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ الآية [الحج:28]. وعطفه على المنافع من باب عطف الخاص على العام. وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: إنما جعل الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله[10].
وشرع للناس كما جاء في كتاب الله ذكر الله عند الذبح، وشرع لهم ذكر الله عند رمي الجمار، فكل أنواع مناسك الحج ذكر لله قولًا وعملًا. فالحج بأعماله وأقواله كله ذكر لله ، كله دعوة إلى توحيده والاستقامة على دينه والثبات على ما بعث به رسوله محمد عليه الصلاة والسلام. فأعظم أهدافه توجيه الناس إلى توحيد الله والإخلاص له والاتباع لرسوله ﷺ فيما بعثه الله به من الحق والهدى في الحج وغيره. فالتلبية أول ما يأتي به الحاج والمعتمر، يقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك[11] يعلن توحيده لله وإخلاصه لله، وأن الله سبحانه لا شريك له؛ وهكذا في طوافه يذكر الله ويعظمه ويعبده بالطواف وحده، ويسعى فيعبده بالسعي وحده دون كل ما سواه، وهكذا بالتحليق والتقصير، وهكذا بذبح الهدايا والضحايا، كل ذلك لله وحده، وهكذا بأذكاره التي يقولها في عرفات ومزدلفة وفي منى، كلها ذكر لله وتوحيد له ودعوة إلى الحق وإرشاد للعباد وأن الواجب عليهم أن يعبدوا الله وحده وأن يتكاتفوا في ذلك ويتعاونوا وأن يتواصوا بذلك. وهم يأتون من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم، هذه المنافع كثيرة جدًا أجملها الله تعالى في الآية وفصلها في مواضع كثيرة، منها الطواف، وهو عبادة عظيمة ومن أعظم أسباب تكفير الذنوب وحط الخطايا، وهكذا السعي، وما فيهما من ذكر الله والدعاء، وهكذا ما في عرفات من ذكر الله والدعاء، وما في مزدلفة من ذكر الله والدعاء، وما في ذبح الهدايا من ذكر الله وتكبيره وتعظيمه، وما يقال عند رمي الجمار من تكبير الله وتعظيمه، وكل أعمال الحج تذكر بالله وحده وتدعو المسلمين جميعًا إلى أن يكونوا جسدًا واحدًا وبناءً واحدًا في اتباع الحق والثبات عليه والدعوة إليه والإخلاص لله سبحانه في جميع الأقوال والأعمال، وهم يتلاقون على هذه الأراضي المباركة يريدون التقرب إلى الله وعبادته سبحانه، وطلب غفرانه وعتقه لهم من النار، ولاشك أن هذا مما يوحد القلوب ويجمعها على طاعة الله والإخلاص له واتباع شريعته وتعظيم أمره ونهيه، ولهذا قال : إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ [آل عمران:96]، فأخبر سبحانه أنه مبارك بما يحصل لزواره والحاجين إليه من الخير العظيم من الطواف والسعي وسائر ما شرعه الله من أعمال الحج والعمرة، وهو مبارك تحط عنده الخطايا وتضاعف عنده الحسنات وترفع عنده الدرجات، ويرفع الله ذكر أهله المخلصين الصادقين ويغفر لهم ذنوبهم ويدخلهم الجنة فضلًا منه وإحسانًا إذا أخلصوا له واستقاموا على أمره وتركوا الرفث والفسوق، كما قال ﷺ: من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه[12]. والرفث: هو الجماع قبل التحلل، وما يدعو إلى ذلك من قول وعمل مع النساء كله رفث.
والفسوق: جميع المعاصي القولية والفعلية. يجب على الحاج تركها والحذر منها، وهكذا الجدال يجب تركه إلا في خير، كما قال جل وعلا: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة:197].
والحج كله دعوة إلى طاعة الله ورسوله، دعوة إلى تعظيم الله وذكره، دعوة إلى ترك المعاصي والفسوق، دعوة إلى ترك الجدال الذي يجلب الشحناء والعداوة ويفرق بين المسلمين، أما الجدال بالتي هي أحسن فهذا مأمور به في كل زمان ومكان، كما قال تعالى: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125]، وهذا طريق الدعوة في كل زمان ومكان في البيت العتيق وغيره. يدعو إخوانه بالحكمة، وهي العلم بما قاله الله تعالى وقاله رسوله، وبالموعظة الحسنة الطيبة اللينة التي ليس فيها عنف ولا إيذاء، ويجادل بالتي هي أحسن عند الحاجة لإزالة الشبهة وإيضاح الحق. فيجادل بالتي هي أحسن بالعبارات الحسنة والأساليب الجيدة المفيدة التي تزيل الشبهة وتوضح الحق دون عنف وشدة. فالحجاج في أشد الحاجة إلى الدعوة والتوجيه إلى الخير والإعانة على الحق. فإذا التقى مع إخوانه من سائر أقطار الدنيا وتذاكروا فيما يجب عليهم وما شرع الله لهم كان ذلك من أعظم الأسباب في توحيد كلمتهم واستقامتهم على دين الله وتعارفهم وتعاونهم على البر والتقوى.
فالحج فيه منافع عظيمة، فيه خيرات كثيرة؛ فيه دعوة إلى الله، وتعليم وإرشاد، وتعارف، وتعاون على البر والتقوى، بالقول والفعل المعنوي والمادي؛ ولهذا يشرع لجميع الحجاج والعمار أن يكونوا متعاونين على البر والتقوى، متناصحين حريصين على طاعة الله ورسوله، مجتهدين فيما يقربهم إلى الله، متباعدين عن كل ما حرم الله.
وأعظم ما أوجبه الله توحيده وإخلاص العبادة له في كل مكان وفي كل زمان، ولا سيما في هذه البقعة العظيمة المباركة، فإن من الواجب إخلاص العبادة لله وحده في كل مكان وفي كل زمان، وفي هذا المكان أعظم وأوجب، فيخلص الحاج لله عمله وقوله من طواف وسعي ودعاء وغير ذلك، وهكذا في بقية الأعمال كلها لله وحده جل وعلا مع الحذر من معاصي الله ، ومع الحذر من ظلم العباد وإيذائهم بقول أو عمل. فالمؤمن يحرص كل الحرص على نفع إخوانه والإحسان إليهم وتوجيههم إلى الخير، وبيان ما قد يجهلون من أمر الله وشرعه، مع الحذر من إيذائهم وظلمهم: في دمائهم وأموالهم وأعراضهم؛ فالمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يخذله، بل يحب له كل خير ويكره له كل شر أينما كان، ولاسيما في بيت الله العتيق وفي حرمه الأمين وفي بلد رسوله ﷺ، فإن الله جعل هذا الحرم آمنًا، جعله آمنًا من كل ما يخافه الناس. فعلى المسلم أن يحرص على أن يكون مع أخيه في غاية من الأمانة، ينصحه ويرشده ولا يغشه ولا يخونه ولا يؤذيه، لا بقول ولا بعمل، فقد جعل الله هذا الحرم آمنًا، كما قال تعالى: وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا [البقرة:125]، وقال جل وعلا: أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِن لَّدُنَّا [القصص:57].
فالمؤمن يحرص كل الحرص على تحقيق هذا الأمن، وأن يكون بنفسه حريصًا على الإحسان لأخيه وإرشاده إلى ما ينفعه ومساعدته دنيًا و دينًا على كل ما فيه راحة ضميره، وإعانته على أداء المناسك، كما أنه يحرص كل الحرص على البعد عن كل ما حرم الله من سائر المعاصي، ومن جملة ذلك إيذاء العباد، فإن ذلك من أكبر المحرمات، وإذا كان مع حجاج بيت الله الحرام ومع العمار صار الظلم أكثر إثمًا، وأشد عقوبة، وأسوأ عاقبة.
فالحج والعمرة نسكان عظيمان من أعظم العبادة التي يترتب عليها خير عظيم، ومنافع جمة، وعواقب حميدة لسائر المسلمين في سائر أقطار الدنيا، فالصلوات الخمس يجتمع فيها العباد في كل بلد يتعارفون ويتناصحون ويتعاونون على البر والتقوى، لكن الحج يجتمع فيه العالم من كل مكان. فإذا كانت الصلوات هي من الخير العظيم لاجتماعهم عليها في أوقات خمسة، فهكذا الحج في كل عام فيه خير عظيم، والأمر فيه أوجب وأعظم من جهة دعوة الناس إلى الخير؛ لأنهم يأتون من كل فج عميق، وقد لا تلقى أخاك الذي تراه في الحج بعد ذلك، وهكذا المرأة عليها أن تحرص وأن تبذل وسعها في إرشاد أخواتها في الله مما علمها الله، فالرجل يرشد إخوانه وأخواته في الله من حجاج بيت الله الحرام وزوار مسجد رسوله ﷺ، والمرأة كذلك ترشد إخوانها وأخواتها في الله – مما تعلم- من الحجاج والعمار.
هكذا يكون الحج وهكذا تكون العمرة، فيهما التعاون والتواصي بالحق والتناصح وإرشاد إلى الخير وبذل المعروف وكف الأذى أينما كان الحجاج والعمار، في المسجد الحرام وفي خارج المسجد، في الطواف وفي السعي وفي رمي الجمار وفي غير ذلك، يحرص كل واحد على كل ما ينفع أخاه ويدرأ عنه الأذى في جميع أرجاء البلد الكريم، وفي جميع مشاعر الحج؛ يرجو من الله المثوبة ويحذر مغبة الظلم والأذى لإخوانه المسلمين، وهذا كله داخل في قوله سبحانه: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ [آل عمران:96]، وإنما كان مباركًا وهدى للعالمين؛ لما يحصل لقاصديه من الخير العظيم في هذا البيت العتيق، من الطواف والسعي والتلبية والأذكار العظيمة، يهتدون بها إلى توحيد الله وطاعته، ويحصل لهم من التعارف والتلاقي والتواصي والتناصح ما يهتدون به إلى الحق، ولهذا سمى الله بيته مباركًا وهدى للعالمين؛ لما يحصل فيه من البركة والخير العظيم، من تلبية وأذكار وطاعة عظيمة، تُبصر العباد بربهم وتوحيده، وتذكرهم بما يجب عليهم نحوه سبحانه، ونحو رسوله عليه الصلاة والسلام، وتذكرهم بما يجب عليهم نحو إخوانهم الحجاج والعمار، من تناصح، وتعاون، وتواص بالحق، ومواساة للفقير، ونصر للمظلوم، وردع للظالم، وإعانة على كل وجوه الخير.
هكذا ينبغي لحجاج بيت الله الحرام ولعماره، أن يوطنوا أنفسهم لهذا الخير العظيم، وأن يستعدوا لكل ما ينفع إخوانهم، وأن يحرصوا على بذل المعروف وكف الأذى، كل واحد مسؤول عما حمَّله الله حسب طاقته، كما قال : فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].
أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقنا وجميع المسلمين لما فيه رضاه وصلاح عباده، وأن يوفق حجاج بيته العتيق وعماره لما فيه صلاحهم ونجاتهم ولما فيه قبول حجهم وقبول عمرتهم ولكل ما فيه صلاح أمر دينهم ودنياهم. كما أسأله سبحانه أن يرد جميع الحجاج إلى بلادهم سالمين موفقين مسترشدين، مستفيدين من حجهم ما يسبب نجاتهم من النار ودخولهم الجنة واستقامتهم على الحق أينما كانوا.
كما أسأل الله أن يوفق ولاة أمرنا في هذه البلاد لكل خير، ولكل ما يعين الحجاج على أداء مناسكهم على الوجه الذي يرضيه سبحانه. وقد فعلت الدولة وفقها الله الشيء الكثير من المشاريع والأعمال التي تساعد الحجاج على أداء مناسكهم، وتؤمنهم في رحاب هذا البيت العتيق، فجزاها الله خيرًا وضاعف مثوبتها.
ولاشك أن الواجب على الحجاج أن يبتعدوا عن كل ما يسبب الأذى والتشويش من سائر الأعمال، كالمظاهرات والهتافات والدعوات المضللة والمسيرات التي تضايق الحجاج وتؤذيهم، إلى غير ذلك من أنواع الأذى التي يجب أن يحذرها الحجاج.
وسبق أن أوضحنا الواجب على الحجاج بأن يكون كل واحد منهم حريصًا على نفع أخيه وتيسير أدائه مناسكه، وألا يؤذيه، لا في طريق ولا في غيره. كما أسأله أن يوفق الحكومة وأن يعينها على كل ما فيه نفع الحجيج وتسهيل أداء مناسكهم، وأن يبارك في جهودها وأعمالها، وأن يوفق القائمين على شئون الحج لكل ما فيه تيسير أمور الحجيج، ولكل ما فيه إعانتهم على أداء مناسكهم على خير حال. كما أسأله أن يوفق جميع ولاة أمر المسلمين في كل مكان لما فيه رضاه، وأن يصلح قلوبهم وأعمالهم. وأن يصلح لهم البطانة، وأن يعينهم على تحكيم شريعة الله في عباد الله، وأن يعيذنا وإياهم من اتباع الهوى ومن مضلات الفتن، إنه جل وعلا جواد كريم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان[13].
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، الذي بعث رسله وأنزل كتبه لإقامة الحجة وبيان أنه سبحانه هو الواحد الأحد المستحق أن يعبد والمستحق لأن يجتمع العباد على طاعته واتباع شريعته وترك ما خالف ذلك، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وخليله الذي أرسله سبحانه رحمة للعالمين وحجة على العباد أجمعين، بعثه بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وأمره أن يبلغ الناس مناسكهم، ففعل ذلك قولًا وعملًا عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم.
لقد حج عليه الصلاة والسلام حجة الوداع وبلغ الناس مناسكهم قولًا وعملًا، وقال للناس: خذوا عني مناسككم فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا[1]، فشرع لهم أعمال الحج، وأقوال الحج، وجميع مناسكه بقوله وفعله عليه الصلاة والسلام، فقد بلغ الرسالة وأدى الأمانة وجاهد في الله حق الجهاد، حتى أتاه اليقين من ربه عليه الصلاة والسلام، فسار خلفاؤه الراشدون وصحابته المرضيون جميعًا على نهجه القويم، وبينوا للناس هذه الرسالة العظيمة بأقوالهم وأعمالهم، ونقلوا إلى الناس أقواله وأعماله عليه الصلاة والسلام بغاية الأمانة والصدق، رضى الله عنهم وأرضاهم وأحسن مثواهم.
وكان أعظم أهداف هذا الحج توحيد كلمة المسلمين على الحق، وإرشادهم إليه، حتى يستقيموا على دين الله، وحتى يعبدوه وحده، وحتى ينقادوا لشرعه. فمن أجل ذلك رأيت أن تكون كلمتي في هذا المقام بهذا العنوان: "من أهداف الحج توحيد كلمة المسلمين على الحق". وللحج أهداف كثيرة يأتي بيان كثير منها إن شاء الله.
أما بعد:
فإني اشكر الله على ما من به من هذا اللقاء بأخوة لي في الله، في نادي مكة الثقافي الأدبي؛ للتناصح والتعاون على الخير، وبيان كثير من أهداف هذا المنسك العظيم، وهو حج بيت الله الحرام؛ ليكون حجاج بيت الله الحرام على بصيرة، وليستفيدوا مما شرع الله لهم ومما قد يجهله كثير منهم.
ثم أشكر القائمين على هذا النادي وعلى رأسهم الأخ الكريم الدكتور/ راشد الراجح رئيس النادي ومدير جامعة أم القرى على دعوتهم لي لهذا اللقاء، وأسأل الله أن يوفق الجميع لما يرضيه، وأن يعين القائمين على النادي على كل خير، وأن ينفع بجهودهم المسلمين، وأن يجعلنا من الهداة المهتدين ومن أنصار الحق أينما كان.
أيها الأخوة في الله، إن الله جل وعلا شرع الحج لعباده، وجعله الركن الخامس من أركان الإسلام، لحكم كثيرة وأسرار عظيمة ومنافع لا تحصى، وقد أشار الله جل وعلا إلى ذلك في كتابه العظيم، حيث يقول جل وعلا: قُلْ صَدَقَ اللّهُ فَاتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [آل عمران:95-97].
فبين سبحانه أن هذا البيت أول بيت وضع للناس؛ أي في الأرض للعبادة والتقرب إلى الله بما يرضيه، كما ثبت في الصحيحين في حديث أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله، أخبرني عن أول مسجد وضع في الأرض؟ قال: المسجد الحرام قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى، قلت: وكم بينهما؟ قال: أربعون عامًا، قلت: ثم أي؟ قال: ثم حيث أدركتك الصلاة فصل فإنها مسجد[2].
فبين عليه الصلاة والسلام أن هذا البيت أول بيت وضع للناس هو المسجد الحرام، والمعنى أنه أول بيت وضع للعبادة والتقرب إلى الله ، كما قال أهل العلم، وهناك بيوت قبله للسكن، ولكن المقصود أنه أول بيت وضع للعبادة والطاعة والتقرب إلى الله بما يرضيه من الأقوال والأعمال، ثم بعده المسجد الأقصى بناه حفيد إبراهيم؛ يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم جميعًا الصلاة والسلام، ثم جدده في آخر الزمان بعد ذلك بمدة طويلة نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام، ثم بعد ذلك كل الأرض مسجد، ثم جاء مسجد النبي عليه الصلاة والسلام، وهو المسجد الثالث في آخر الزمان على يد نبي الساعة محمد عليه الصلاة والسلام، فبناه بعد ما هاجر إلى المدينة هو وأصحابه ، وأخبر عليه الصلاة والسلام أنه أفضل المساجد بعد المسجد الحرام، فالمساجد المفضلة ثلاثة: أعظمها وأفضلها المسجد الحرام، ثم مسجد النبي عليه الصلاة والسلام، ثم المسجد الأقصى. والصلاة في هذه المساجد مضاعفة؛ جاء في الحديث الصحيح أنها في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، وجاء في مسجده عليه الصلاة والسلام أن الصلاة في مسجده خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وجاء في المسجد الأقصى أنها بخمسمائة صلاة، وهي المساجد العظيمة المفضلة وهي مساجد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
وشرع الله جل وعلا الحج لعباده، لما في ذلك من المصالح العظيمة، وأخبرنا نبينا ﷺ أن الحج مفروض على العباد المكلفين المستطيعين السبيل إليه، كما دل عليه كتاب الله في قوله سبحانه: وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97].
وخطب النبي ﷺ في الناس، فقال: أيها الناس إن الله كتب عليكم الحج فحجوا فقيل: يا رسول الله، أفي كل عام؟ فقال: الحج مرة فمن زاد فهو تطوع[3]. فهو فرض مرة في العمر، فما زاد على ذلك فهو تطوع، على الرجال والنساء المكلفين المستطيعين السبيل إليه، ثم هو بعد ذلك تطوع وقربة عظيمة، كما قال النبي الكريم ﷺ: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة[4] متفق على صحته.
وهذا يعم الفرض والنفل من العمرة والحج. وقال عليه الصلاة والسلام: من أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه[5] وفي اللفظ الآخر: من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه[6] أخرجه البخاري.
وهذا يدل على الفضل العظيم للحج والعمرة، وأن العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، وأن الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة.
فجدير بأهل الإيمان أن يبادروا بحج بيت الله، وأن يؤدوا هذا الواجب العظيم أينما كانوا إذا استطاعوا السبيل إلى ذلك، وأما بعد ذلك فهو نافلة وليس بفريضة، ولكن فيه فضل عظيم، كما في الحديث الصحيح: قيل: يا رسول الله، أي العمل افضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله قيل: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله قيل: ثم أي؟ قال: حج مبرور[7] متفق عليه.
وقد حج عليه الصلاة والسلام حجة الوداع، وشرع للناس المناسك بقوله وفعله، وخطبهم في حجة الوداع في يوم عرفة خطبة عظيمة، ذكرهم فيها بحقه سبحانه وتوحيده، وأخبرهم فيها أن أمور الجاهلية موضوعة وأن الربا موضوع وأن دماء الجاهلية موضوعة، وأوصاهم فيها بكتاب الله وسنة رسوله والاعتصام بهما، وأخبر أنهم لن يضلوا ما اعتصموا بهما، وبين حق الرجل على زوجته وحقها عليه، وبين أمورًا كثيرة عليه الصلاة والسلام، ثم قال: «وأنتم تسألون عني فماذا أنتم قائلون»؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت. فجعل يرفع إصبعه إلى السماء ثم ينكبها إلى الأرض ويقول: اللهم اشهد اللهم اشهد[8]. عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام.
ولاشك أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة عليه الصلاة والسلام على خير الوجوه وأكملها، ونشهد له بذلك كما شهد له صحابته رضي الله عنهم وأرضاهم.
وقد بين عليه الصلاة والسلام مناسك الحج وأعماله وأقواله وأفعاله، وكان خروجه من المدينة في آخر ذي القعدة من عام عشر، محرمًا بالحج والعمرة قارنًا بينهما، من ذي الحليفة، وساق الهدي عليه الصلاة والسلام، وأتى مكة في صبيحة اليوم الرابع من ذي الحجة، ولم يزل يلبي من الميقات من حين أحرم من ذي الحليفة بتلبيته المشهورة: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك[9].
بعدما لبى بالحج والعمرة عليه الصلاة والسلام. وكان قد خير أصحابه في ذي الحليفة بين الأنساك الثلاثة، فمنهم من لبى بالعمرة ومنهم من لبى بالحج ومنهم من لبى بهما، وكان ﷺ يرفع صوته بالتلبية، وهكذا أصحابه ، ولم يزل يلبي حتى وصل إلى بيت الله العتيق، وبين للناس ما يقولونه من الأذكار والدعاء في طوافهم وسعيهم وفي عرفات ومزدلفة وفي منى، وبين الله جل وعلا ذلك في كتابه العظيم حيث قال جل وعلا: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [البقرة:198-199] إلى أن قال : وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ الآية [البقرة:203].
فالذكر من جملة المنافع المذكورة في قوله تعالى: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ الآية [الحج:28]. وعطفه على المنافع من باب عطف الخاص على العام. وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: إنما جعل الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله[10].
وشرع للناس كما جاء في كتاب الله ذكر الله عند الذبح، وشرع لهم ذكر الله عند رمي الجمار، فكل أنواع مناسك الحج ذكر لله قولًا وعملًا. فالحج بأعماله وأقواله كله ذكر لله ، كله دعوة إلى توحيده والاستقامة على دينه والثبات على ما بعث به رسوله محمد عليه الصلاة والسلام. فأعظم أهدافه توجيه الناس إلى توحيد الله والإخلاص له والاتباع لرسوله ﷺ فيما بعثه الله به من الحق والهدى في الحج وغيره. فالتلبية أول ما يأتي به الحاج والمعتمر، يقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك[11] يعلن توحيده لله وإخلاصه لله، وأن الله سبحانه لا شريك له؛ وهكذا في طوافه يذكر الله ويعظمه ويعبده بالطواف وحده، ويسعى فيعبده بالسعي وحده دون كل ما سواه، وهكذا بالتحليق والتقصير، وهكذا بذبح الهدايا والضحايا، كل ذلك لله وحده، وهكذا بأذكاره التي يقولها في عرفات ومزدلفة وفي منى، كلها ذكر لله وتوحيد له ودعوة إلى الحق وإرشاد للعباد وأن الواجب عليهم أن يعبدوا الله وحده وأن يتكاتفوا في ذلك ويتعاونوا وأن يتواصوا بذلك. وهم يأتون من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم، هذه المنافع كثيرة جدًا أجملها الله تعالى في الآية وفصلها في مواضع كثيرة، منها الطواف، وهو عبادة عظيمة ومن أعظم أسباب تكفير الذنوب وحط الخطايا، وهكذا السعي، وما فيهما من ذكر الله والدعاء، وهكذا ما في عرفات من ذكر الله والدعاء، وما في مزدلفة من ذكر الله والدعاء، وما في ذبح الهدايا من ذكر الله وتكبيره وتعظيمه، وما يقال عند رمي الجمار من تكبير الله وتعظيمه، وكل أعمال الحج تذكر بالله وحده وتدعو المسلمين جميعًا إلى أن يكونوا جسدًا واحدًا وبناءً واحدًا في اتباع الحق والثبات عليه والدعوة إليه والإخلاص لله سبحانه في جميع الأقوال والأعمال، وهم يتلاقون على هذه الأراضي المباركة يريدون التقرب إلى الله وعبادته سبحانه، وطلب غفرانه وعتقه لهم من النار، ولاشك أن هذا مما يوحد القلوب ويجمعها على طاعة الله والإخلاص له واتباع شريعته وتعظيم أمره ونهيه، ولهذا قال : إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ [آل عمران:96]، فأخبر سبحانه أنه مبارك بما يحصل لزواره والحاجين إليه من الخير العظيم من الطواف والسعي وسائر ما شرعه الله من أعمال الحج والعمرة، وهو مبارك تحط عنده الخطايا وتضاعف عنده الحسنات وترفع عنده الدرجات، ويرفع الله ذكر أهله المخلصين الصادقين ويغفر لهم ذنوبهم ويدخلهم الجنة فضلًا منه وإحسانًا إذا أخلصوا له واستقاموا على أمره وتركوا الرفث والفسوق، كما قال ﷺ: من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه[12]. والرفث: هو الجماع قبل التحلل، وما يدعو إلى ذلك من قول وعمل مع النساء كله رفث.
والفسوق: جميع المعاصي القولية والفعلية. يجب على الحاج تركها والحذر منها، وهكذا الجدال يجب تركه إلا في خير، كما قال جل وعلا: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة:197].
والحج كله دعوة إلى طاعة الله ورسوله، دعوة إلى تعظيم الله وذكره، دعوة إلى ترك المعاصي والفسوق، دعوة إلى ترك الجدال الذي يجلب الشحناء والعداوة ويفرق بين المسلمين، أما الجدال بالتي هي أحسن فهذا مأمور به في كل زمان ومكان، كما قال تعالى: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125]، وهذا طريق الدعوة في كل زمان ومكان في البيت العتيق وغيره. يدعو إخوانه بالحكمة، وهي العلم بما قاله الله تعالى وقاله رسوله، وبالموعظة الحسنة الطيبة اللينة التي ليس فيها عنف ولا إيذاء، ويجادل بالتي هي أحسن عند الحاجة لإزالة الشبهة وإيضاح الحق. فيجادل بالتي هي أحسن بالعبارات الحسنة والأساليب الجيدة المفيدة التي تزيل الشبهة وتوضح الحق دون عنف وشدة. فالحجاج في أشد الحاجة إلى الدعوة والتوجيه إلى الخير والإعانة على الحق. فإذا التقى مع إخوانه من سائر أقطار الدنيا وتذاكروا فيما يجب عليهم وما شرع الله لهم كان ذلك من أعظم الأسباب في توحيد كلمتهم واستقامتهم على دين الله وتعارفهم وتعاونهم على البر والتقوى.
فالحج فيه منافع عظيمة، فيه خيرات كثيرة؛ فيه دعوة إلى الله، وتعليم وإرشاد، وتعارف، وتعاون على البر والتقوى، بالقول والفعل المعنوي والمادي؛ ولهذا يشرع لجميع الحجاج والعمار أن يكونوا متعاونين على البر والتقوى، متناصحين حريصين على طاعة الله ورسوله، مجتهدين فيما يقربهم إلى الله، متباعدين عن كل ما حرم الله.
وأعظم ما أوجبه الله توحيده وإخلاص العبادة له في كل مكان وفي كل زمان، ولا سيما في هذه البقعة العظيمة المباركة، فإن من الواجب إخلاص العبادة لله وحده في كل مكان وفي كل زمان، وفي هذا المكان أعظم وأوجب، فيخلص الحاج لله عمله وقوله من طواف وسعي ودعاء وغير ذلك، وهكذا في بقية الأعمال كلها لله وحده جل وعلا مع الحذر من معاصي الله ، ومع الحذر من ظلم العباد وإيذائهم بقول أو عمل. فالمؤمن يحرص كل الحرص على نفع إخوانه والإحسان إليهم وتوجيههم إلى الخير، وبيان ما قد يجهلون من أمر الله وشرعه، مع الحذر من إيذائهم وظلمهم: في دمائهم وأموالهم وأعراضهم؛ فالمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يخذله، بل يحب له كل خير ويكره له كل شر أينما كان، ولاسيما في بيت الله العتيق وفي حرمه الأمين وفي بلد رسوله ﷺ، فإن الله جعل هذا الحرم آمنًا، جعله آمنًا من كل ما يخافه الناس. فعلى المسلم أن يحرص على أن يكون مع أخيه في غاية من الأمانة، ينصحه ويرشده ولا يغشه ولا يخونه ولا يؤذيه، لا بقول ولا بعمل، فقد جعل الله هذا الحرم آمنًا، كما قال تعالى: وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا [البقرة:125]، وقال جل وعلا: أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِن لَّدُنَّا [القصص:57].
فالمؤمن يحرص كل الحرص على تحقيق هذا الأمن، وأن يكون بنفسه حريصًا على الإحسان لأخيه وإرشاده إلى ما ينفعه ومساعدته دنيًا و دينًا على كل ما فيه راحة ضميره، وإعانته على أداء المناسك، كما أنه يحرص كل الحرص على البعد عن كل ما حرم الله من سائر المعاصي، ومن جملة ذلك إيذاء العباد، فإن ذلك من أكبر المحرمات، وإذا كان مع حجاج بيت الله الحرام ومع العمار صار الظلم أكثر إثمًا، وأشد عقوبة، وأسوأ عاقبة.
فالحج والعمرة نسكان عظيمان من أعظم العبادة التي يترتب عليها خير عظيم، ومنافع جمة، وعواقب حميدة لسائر المسلمين في سائر أقطار الدنيا، فالصلوات الخمس يجتمع فيها العباد في كل بلد يتعارفون ويتناصحون ويتعاونون على البر والتقوى، لكن الحج يجتمع فيه العالم من كل مكان. فإذا كانت الصلوات هي من الخير العظيم لاجتماعهم عليها في أوقات خمسة، فهكذا الحج في كل عام فيه خير عظيم، والأمر فيه أوجب وأعظم من جهة دعوة الناس إلى الخير؛ لأنهم يأتون من كل فج عميق، وقد لا تلقى أخاك الذي تراه في الحج بعد ذلك، وهكذا المرأة عليها أن تحرص وأن تبذل وسعها في إرشاد أخواتها في الله مما علمها الله، فالرجل يرشد إخوانه وأخواته في الله من حجاج بيت الله الحرام وزوار مسجد رسوله ﷺ، والمرأة كذلك ترشد إخوانها وأخواتها في الله – مما تعلم- من الحجاج والعمار.
هكذا يكون الحج وهكذا تكون العمرة، فيهما التعاون والتواصي بالحق والتناصح وإرشاد إلى الخير وبذل المعروف وكف الأذى أينما كان الحجاج والعمار، في المسجد الحرام وفي خارج المسجد، في الطواف وفي السعي وفي رمي الجمار وفي غير ذلك، يحرص كل واحد على كل ما ينفع أخاه ويدرأ عنه الأذى في جميع أرجاء البلد الكريم، وفي جميع مشاعر الحج؛ يرجو من الله المثوبة ويحذر مغبة الظلم والأذى لإخوانه المسلمين، وهذا كله داخل في قوله سبحانه: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ [آل عمران:96]، وإنما كان مباركًا وهدى للعالمين؛ لما يحصل لقاصديه من الخير العظيم في هذا البيت العتيق، من الطواف والسعي والتلبية والأذكار العظيمة، يهتدون بها إلى توحيد الله وطاعته، ويحصل لهم من التعارف والتلاقي والتواصي والتناصح ما يهتدون به إلى الحق، ولهذا سمى الله بيته مباركًا وهدى للعالمين؛ لما يحصل فيه من البركة والخير العظيم، من تلبية وأذكار وطاعة عظيمة، تُبصر العباد بربهم وتوحيده، وتذكرهم بما يجب عليهم نحوه سبحانه، ونحو رسوله عليه الصلاة والسلام، وتذكرهم بما يجب عليهم نحو إخوانهم الحجاج والعمار، من تناصح، وتعاون، وتواص بالحق، ومواساة للفقير، ونصر للمظلوم، وردع للظالم، وإعانة على كل وجوه الخير.
هكذا ينبغي لحجاج بيت الله الحرام ولعماره، أن يوطنوا أنفسهم لهذا الخير العظيم، وأن يستعدوا لكل ما ينفع إخوانهم، وأن يحرصوا على بذل المعروف وكف الأذى، كل واحد مسؤول عما حمَّله الله حسب طاقته، كما قال : فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].
أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقنا وجميع المسلمين لما فيه رضاه وصلاح عباده، وأن يوفق حجاج بيته العتيق وعماره لما فيه صلاحهم ونجاتهم ولما فيه قبول حجهم وقبول عمرتهم ولكل ما فيه صلاح أمر دينهم ودنياهم. كما أسأله سبحانه أن يرد جميع الحجاج إلى بلادهم سالمين موفقين مسترشدين، مستفيدين من حجهم ما يسبب نجاتهم من النار ودخولهم الجنة واستقامتهم على الحق أينما كانوا.
كما أسأل الله أن يوفق ولاة أمرنا في هذه البلاد لكل خير، ولكل ما يعين الحجاج على أداء مناسكهم على الوجه الذي يرضيه سبحانه. وقد فعلت الدولة وفقها الله الشيء الكثير من المشاريع والأعمال التي تساعد الحجاج على أداء مناسكهم، وتؤمنهم في رحاب هذا البيت العتيق، فجزاها الله خيرًا وضاعف مثوبتها.
ولاشك أن الواجب على الحجاج أن يبتعدوا عن كل ما يسبب الأذى والتشويش من سائر الأعمال، كالمظاهرات والهتافات والدعوات المضللة والمسيرات التي تضايق الحجاج وتؤذيهم، إلى غير ذلك من أنواع الأذى التي يجب أن يحذرها الحجاج.
وسبق أن أوضحنا الواجب على الحجاج بأن يكون كل واحد منهم حريصًا على نفع أخيه وتيسير أدائه مناسكه، وألا يؤذيه، لا في طريق ولا في غيره. كما أسأله أن يوفق الحكومة وأن يعينها على كل ما فيه نفع الحجيج وتسهيل أداء مناسكهم، وأن يبارك في جهودها وأعمالها، وأن يوفق القائمين على شئون الحج لكل ما فيه تيسير أمور الحجيج، ولكل ما فيه إعانتهم على أداء مناسكهم على خير حال. كما أسأله أن يوفق جميع ولاة أمر المسلمين في كل مكان لما فيه رضاه، وأن يصلح قلوبهم وأعمالهم. وأن يصلح لهم البطانة، وأن يعينهم على تحكيم شريعة الله في عباد الله، وأن يعيذنا وإياهم من اتباع الهوى ومن مضلات الفتن، إنه جل وعلا جواد كريم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان[13].
- رواه بنحوه مسلم في (الحج) باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا برقم 1297.
- رواه البخاري في (أحاديث الأنبياء) باب قول الله تعالى: "واتخذ الله إبراهيم خليلًا" برقم 3366، ومسلم في (المساجد ومواضع الصلاة) أول الكتاب (باب) برقم 520.
- رواه الإمام أحمد في (مسند بني هاشم) بداية مسند عبدالله بن العباس برقم 2637، والدارمي في (المناسك) باب كيف وجوب الحج برقم 1788.
- رواه البخاري في (الحج) باب وجوب العمرة وفضلها برقم 1773، ومسلم في (الحج) باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة برقم 1349.
- رواه البخاري في (الحج) باب فضل الحج المبرور برقم 1521، ومسلم في (الحج) باب فضل الحج والعمرة ويوم عرفة برقم 1350.
- رواه البخاري في الحج باب قول الله تعالى: {فَلاَ رَفَثَ} برقم 1819.
- رواه البخاري في (الإيمان) باب من قال: إن الإيمان هو العمل برقم 26، ومسلم في (الإيمان) باب كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال برقم 83.
- رواه مسلم في الحج باب حجة النبي ﷺ برقم 1218.
- رواه البخاري في (الحج) باب التلبية برقم 1549، ومسلم في (الحج) باب التلبية وصفتها ووقتها برقم 1184.
- رواه الإمام أحمد في (باقي مسند الأنصار) مسند عائشة برقم 24557، وأبو داود في (المناسك) باب في الرمل برقم 1888.
- رواه البخاري في (الحج) باب التلبية برقم 1549، ومسلم في (الحج) باب التلبية وصفتها ووقتها برقم 1184.
- رواه البخاري في (الحج) باب فضل الحج المبرور، برقم 1521، ومسلم في (الحج) باب فضل الحج والعمرة ويوم عرفة برقم 1350.
- محاضرة ألقاها سماحته في نادي مكة الثقافي الأدبي مساء السبت 28/ 11/ 1409هـ، (مجموع فتاوى ومقالات ابن باز 16/ 177).