فقد سمعنا جميعًا هذه الكلمات الطيبات المباركات لفضيلة الشيخ صالح بن عبد الرحمن الأطرم فيما يتعلق بحكم المخالطة للكفرة، وما فيها من الخطر العظيم، والأضرار الكثيرة، وقد أجاد وأحسن وأفاد جزاه الله خيرًا، وضاعف مثوبته، وزادنا وإياكم وإياه علمًا وهدى توفيقًا، ونفعنا جميعًا بما سمعنا وعلمنا، ورزقنا العلم النافع والعمل الصالح، والاستقامة على الحق.
لا ريب أن موضوع الندوة موضوع عظيم، وقد بسط الكلام فيه فضيلة الشيخ صالح، وأحسن في ذلك، والمقام يحتاج إلى مزيد من التحذير ومزيد من التفصيل، فالمسلمون ابتلوا اليوم بالمخالطة في الداخل والخارج، سافروا إلى بلادهم واستقدموهم إلى بلادهم، فصارت البلية منوعة من جهة السفر إلى الخارج، ومن جهة استقدامهم في الداخل، ومن جهة توليهم الأعمال الكثيرة، لا من جهة الشركات، ولا من جهة المستشفيات، ولا من جهة الأعمال الأخرى، ولا من جهة الخدام في البيوت والمربيات وغير ذلك، فقد تنوع الخطر، وعظمت المصيبة، ونتج عن ذلك شر كثير وفساد عظيم، ولا دواء لذلك إلا النشاط المتواصل من الدولة وفقها الله، ومن أفراد المسلمين في محاربة هذا البلاء بعدم استقدام الكفرة جميعًا، ذكورهم وإناثهم، وبعدم السفر إلى بلادهم إلا بالشروط المعتبرة شرعًا، فاستقدام الكفار سمعتم من كلام صاحب الفضيلة الشيخ صالح أدلة تحريمه، وما فيه من الخطر، والقرآن الكريم دلنا على عظم خطر الكفار وتوليهم وموالاتهم واتخاذهم بطانة........ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ [آل عمران:118] .
الله بين لكن أين العقل؟ أين من يعقل ويفهم؟ وكثير من هؤلاء المستقدمين يتخذون بطانة، يتخذون أصحاب، أسرار في البيوت والأعمال ويترتب على وجودهم في البيوت من البلاء ما لا يخفى، لا من جهة النساء، ولا من جهة الرجال، وقد أشار الشيخ صالح إلى شيء من ذلك، والأمر واضح لكل أحد، ليس هذا بالأمر الخفي، استقدام الكفار ووجودهم في البيوت ووجودهم في الأعمال أضراره لا تحصى، يأتون بعادات خبيثة، ويأتون بعقائدهم الباطلة الكفرية ويعلمونها الناس، وينشرونها بين الناس بين العمال الآخرين، وفي البيوت بين الناشئة الصغار من ذكور وإناث، فيتربى الصغير على عقائد خبيثة، وعلى عادات كفرية، شاء أهل البيت أم أبوا؛ لأنه متى استقلت المرأة والرجل بالناشئة الصغيرة أملوا عليهم ما يشاءون، وعلموهم ما يشاءون.
ثم هذه الجزيرة بوجه أخص هذه الجزيرة العربية لا يجوز أن يستقدمها الكفار، ولا يجوز أن يبقى فيها الكفار، الرسول ﷺ أمر ألا يبقى فيها دينان، أمر بإخراج المشركين من الجزيرة، أمر بإخراج اليهود والنصارى والمشركين من الجزيرة؛ لأنها مهد الإسلام ومنبع الإسلام، فلا يبقى فيها دينان: إسلام وكفر، فيجب أن تكون للإسلام محضًا، ولا يبقى فيها دين آخر، ولما احتاج المسلمون إلى اليهود في صلح خيبر لما فتحت وكان المسلمين مشغولين بالجهاد استبقى النبي ﷺ اليهود عمالًا في خيبر في مزارعها بالنصف، فلما استغني عنهم أجالهم عمر رضي الله عنه وأرضاه، فدل ذلك على أنه لا يبقى أهل دين آخر، وأوصى النبي ﷺ عند وفاته بإخراجهم، وقال في حديث عمر عند مسلم: لأخرجن اليهود والنصارى من الجزيرة حتى لا أدع إلا مسلمًا، وأوصى في وصيته بإخراج المشركين من هذه الجزيرة عليه الصلاة والسلام.
فالواجب على الدولة وعلى المسلمين إخراجهم وعدم استقدامهم، وقد كتبت هيئة كبار العلماء للدولة وفقها الله في هذا السبيل وبين العلماء أن استقدامهم ووجودهم في البلاد خطره عظيم والواجب إبعادهم، وقد وافقت الدولة على ما كتب إليها، ووعدت بإبعادهم، وشرعوا في إبعاد الكثير منهم، وإنهاء عقودهم، فنسأل الله أن يمن بإبعاد الباقين، وألا يبقى فيها إلا مسلم.
نعم قد تأتي الضرورة قد تبيح الضرورة استقدام مهندس للضرورة طبيب للضرورة مدة معلومة ثم يذهب إذا استغني عنه أو جاء بدله من المسلمين، أما بهذا الطريق استقدام الكفرة الكثير استقدامهم من البلاد من الهند من النصارى من لبنان النصارى من أمريكا من كذا من كذا هذا ضرره عظيم وخطره كبير، فالواجب أن يبعدوا، وألا يستقدم إلا المسلمون، مع العناية أيضًا بالمسلمين؛ لأن في المسلمين من يضر أيضًا وجودهم لبدعتهم وكفرهم وإن ادعوا الإسلام، قد يدعون الإسلام وهم كفار في الباطن عباد قبور، يعبدون الأولياء، يعبدون الأنبياء، يعبدون القبور، يستغيثون بالأموات، ينذرون لهم، ويكفرون بالله، هذه وثنية أعظم من اليهودية والنصرانية، فالواجب الا يستقدم إلا مسلمون معروفون ينتقون، ينتقى من يريد الاستقدام ينتقي، ويسأل من هناك، ولا يستقدم إلا على بصيرة، وهكذا الدولة يجب ألا تستقدم إلا على بصيرة، وأن تستغني عمن يمكن الاستغناء عنه، وألا يستقدم إلا من تدعو الضرورة إليه مثل ما تقدم من مهندسين أو أطباء تدعو الضرورة إليهم بصفة مؤقتة؛ لأن وجودهم في البلاد في الرياض وغير الرياض في كل مكان من هذه الجزيرة ضرره عظيم، وأخطاره لا تحصى.
والمربيات والخادمات من هذا الباب يجب ألا يستقدم أبدًا لا كافرة ولا كافر، بل يجب أن يبعدوا سواء كانوا يهودًا أو نصارى أو وثنيين، وأخطر من ذلك الشوعيون، فقد يكونوا ملاحدة شوعيين يستخفون ويتظاهرون بالإسلام لكن عند التفتيش وعند العناية وعند السؤال يتبين أولئك ويحذر من شرهم.
وكل مسلم مسؤول عن نفسه كل مسلم مسؤول ليس له أن يستقدم عمالًا كفارًا لا للأجرة ولا لغير الأجرة، يجب أن يحذر ذلك وألا يستقدم إلا مسلمين قد انتقاهم، وقد حرص وسأل أهل الخبرة عنهم حتى لا يستقدم إلا أناسًا طيبين يؤمنون على المسلمين، ولا يضرون المسلمين، وهكذا الخادمات مهما أمكن أن يستغني عنهن فليستغني، فإن دعت الضرورة فليستقدم مسلمة طاعنة في السن بعيدة عن صفة الجمال وصفة الفتنة، ينتقي ولا يعجل، ينتقي المرأة التي يغلب عليها عدم الجمال وعدم الشباب، تكون قوية تؤدي المطلوب، لكن بمراعاة عدم الشباب الفاتن، وعدم الجمال الفاتن، وأن تكون مسلمة، وألا يكون على حالة يكون فيها الخلوة، ويكون فيها الفساد الذي يخشى منه.
المقصود أنه مهما أمكن الاستغناء عن استقدام الخادمات والخدام من السواقين وغيرهم فهذا خير كبير، وإذا دعت الحاجة فلا بد من الانتقاء والعناية من المسلمين خاصة، أما الكفرة فلا يجوز أبدًا، لا يجوز استقدامهم لهذه البلاد؛ لأن هذه البلاد يجب أن تطهر، يجب أن يبعد منها أهل الشرك، وقد يسر الله بحمده الاستغناء عنهم، كل بلاد فيها المسلمون يستغنى بهم عن أولئك الكفرة، يمكن أن يستقدم من إندونيسيا من ماليزيا من بلاد أخرى من الباكستان من البلاد التي فيها المسلمون ينتقى منهم الحاجة الضرورية، ومهما أمكن الإنسان أن يستغني بزوجته بأخته بخادمة مسلمة من بلاده إذا أمكن ذلك فهذا خير عظيم، وفيه وقاية عن شر عظيم، والواجب على أهل الإسلام التعاون مع الدولة أن يتعاونوا مع الدولة، الدولة يجب عليها أن تعتني بهذا الأمر، وأن تمنع من استقدام المشركين، وألا تستقدم هي أيضا إلا مسلمين، وأن تحذر استقدام الكافرين مهما أمكن إلا عند الضرورة القصوى للمصلحة العامة للمسلمين، فهذا قد يرخص فيه للضرورة، كما استأجر النبي ﷺ عبد الله بن أريقط وهو كافر لحاجة ليدله على طريق المدينة، وقد أبقى اليهود في خيبر مدة مؤقتة للحرث والفلاحة للحاجة الشديدة بسبب اشتغال المسلمين بالجهاد، فالمقصود أن هذا وأشباهه هو الذي يجوز للحاجة المؤقتة الضرورية الشديدة، ولا يجوز التوسع، ولا يجوز التساهل في هذه الأمور؛ لأن ضررها عظيم، وخطرها جسيم.