فالحاصل أن الدعوة إلى الله اليوم من أهم المهمات، وأن الواجب على العلماء ألا يتقاعسوا، بل يجب على كل عالم بالله على كل من لديه علم أن ينشره بين الناس، وأن يتقي الله، وألا يغفل وألا يتساهل وألا يرضى بالقليل من العلم، بل يشمر في الدعوة إلى الله، ويشمر في المطالعة والمذاكرة ومراجعة الكتب، فالمذاكرة مع إخوانه أهل العلم وطلبة العلم حتى يزداد كل ساعة علمًا حتى يزداد بصيرة؛ لأن الله يقول: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ [يوسف:108] ما هو كل من حصل بعض العلم يصح له أن يتكلم في كل شيء لا، لا بد من بصيرة، لا بد أن يكون على بصيرة، فإذا تحصل له بعض الشيء فليتكلم في مقدار العلم ولا يتوسع في شيء لا يعلمه، فلا بد أن تكون الدعوة على بصيرة قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ [يوسف:108]، والله يقول: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ [النحل:125]، والحكمة هي العلم، هي الفقه في الدين حتى ينفع بها الناس، وحتى يبصرهم، وحتى يردعهم بالعلم عما لا ينبغي، وحتى يقدموا بسبب العلم على ما ينبغي لهم. سمي العلم حكمة لما فيه من إحكام أمور الناس، ولما فيه من توجيههم إلى الخير وإرشادهم إلى الهدى وردعهم عما لا ينبغي مما يفعله الجهال، وفي الحديث الصحيح يقول النبي عليه الصلاة والسلام: لا حسد إلا في اثنتين يعني لا غبطة، الحسد هنا بمعنى: الغبطة والتنافس، لا حسد، إلا في اثنتين وفي لفظ آخر قال: لا تحاسد أي: لا تنافس إلا في اثنتين، رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله الحكمة يعني: الفقه في الدين والبصيرة، فهو يقضي بها بين الناس ويعلمها الناس هذه نعمة عظمى ينبغي أن يتنافس فيها المتنافسون، وأن يسارع إليها أهل الإيمان، تلاوة القرآن بتدبر وتعقل حتى يزداد علمًا والتفقه في الدين حتى يقضي بهذا العلم بين الناس، ويحكم به بين الناس، لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار وفي لفظ: يتلوه آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله الحكمة، يعني الفقه في الدين، فهو يقضي بها ويعلمها يقضي بها بين الناس حتى يعطي أهل الحق حقه، وحتى يفصل بين الناس، وحتى يردع الظالم عن ظلمه، ويعلمها الناس يعلم الناس العلم حتى يستقيموا حتى يتبصروا حتى يسلموا من الجهالة.
وفي الحديث الصحيح أيضًا يقول النبي عليه الصلاة والسلام: من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين، فمن أراد الله به الخير والهدى فقهه في الدين، علمه ما ينفعه من دين الله، فقهه في القرآن العظيم بالسنة المطهرة فيما يعين على ذلك ويبصر بذلك.
وقال أيضًا عليه الصلاة والسلام: من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة.