بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين والصلاة والسلام على عبده ورسوله وأمينه على وحيه وخيرته من خلقه نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين أما بعد: فلقد شغل أرباب الفكر الإسلامي وأصحاب الغيرة الإسلامية وأصحاب التفكير الكثير في حال المسلمين وما آل إليه أمرهم لقد شغلهم هذا الأمر كثيرًا وفكروا كثيرًا في أسباب ضعف المسلمين وفي أسباب تأخرهم أمام عدوهم وفي أسباب تفرقهم واختلافهم وفي أسباب تسليط العدو عليهم حتى أخذ بعض بلادهم ثم بعد أن عرفوا الأسباب وهي واضحة يهمهم أيضا ويودون أن يعرفوا العلاج لهذه الأسباب التي أوجبت التأخر والضعف وهي معلومة أيضا ولكن يجب أن تنشر ويجب أن تبين فإن وصف الداء ثم وصف الدواء من أعظم الأسباب في الشفاء والعافية فإن المريض متى عرف داءه وعرف دواؤه فهو جدير بأن يبادر إلى أخذ الدواء ثم يضعه على الداء هذه طبيعة الإنسان العاقل الذي يحب الحياة ويحب الخلاص من الأمراض يهمه أن يعرف الداء وأن يعرف الدواء ولكن بعض الناس قد يغلب عليه الداء ويستولي عليه الداء حتى يرضى به ويستلذه وحتى يموت شعوره وحتى لا يبالي بمن يصف له الدواء فيكون الداء سجية له وطبيعة له قد ارتاح له وقد قنع بالبقاء معه لانحراف مزاجه وضعف بصيرته وغلب الهوى عليه وغلبة الهوى على عقله وقلبه وتصرفاته كما هو الواقع في الكثير من الناس بل في أكثر الناس بالنسبة إلى الأدواء الدينية وعلاجها وقد استلذ الأكثر وطاب له البقاء مع أمراضه وسيئاته التي أضعفته وعطلت حركاته وجعلته لا يحس للداء في الحقيقة ولا يحس بنتائجه ولا بما يترتب عليه في العاجل والآجل ولا ينشد الدواء ولا يحرص عليه ولو وصف له وبين له ولو كان قريبا فإنه لا يهمه ذلك ولا يحرص على وضعه على الداء وما ذاك إلا لاستحكام الداء وارتاح النفس له وخفاء ضرره وعدم الهمة العالية لتحصيل المطالب العالية