فالصلاة -أيها الإخوة- هي قرة العين، وهي نعيم الروح، وراحة القلب، كما سمعتم من المشايخ، فينبغي لمن أتى إليها أن يأتي إليها بقلب راغب خاشع، بسكينة ووقار، يحب المشاركة ويرغب في المشاركة بهذا الخير، قد اشتاق إليه وتعلق قلبه به، كما جاء في الحديث الصحيح حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله قال فيهم: ورجل قلبه معلق بالمساجد، كلما خرج من المسجد حتى يعود إليه، وقال جل وعلا: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون:1-2]، وقال عليه الصلاة والسلام لبلال: أرحنا بالصلاة، يعني أقمها حتى نستريح حتى ندخل فيها فنستريح، ليس المعنى أرحنا منها حتى نفرغ منها لا، المعنى أرحنا بها يعني أرحنا بالدخول فيها، وإقامتها حتى نستريح فيها، وتقر أعيننا وتلذ نفوسنا من تعب هذه الدنيا ومشاكلها وشؤونها وما فيها من تعب النفس والبدن، ولهذا قال في الحديث الآخر: وجعلت قرة عيني في الصلاة.
فالصلاة قرة العين، وراحة القلب، ونعيم الروح لمن عقل عن الله ع، فينبغي لك -يا عبد الله- أن تكون هكذا، تأتي إلى الصلاة وأنت مشتاق إليها، راغب فيها، تعلم أنك تقف بين يدي الله، وأنك تناجي ربك، وأنك أفقر الناس إليه، وأحوج الناس إليه، فتبدي حاجتك، وتسأل ربك حاجتك، وتسأله العفو والمعافاة، تسأله السعادة والمغفرة، تسأله النجاة في الدنيا والآخرة وقلبك خاشع وبدنك خاشع بين يدي الله ، فأنت إذا قمت في الصلاة فقد قمت بين يدي الله تناجيه، وتقرأ كتابه: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:5- 6]، فأنت تناجي ربك وتدعوه ، فما أولاك وأجدرك بأن تكون خاشعًا مطمئن القلب مرتاح الضمير مشتاقًا إلى ربك، وإلى الوقوف بين يديه، وإلى التلذذ بعبادته وطاعته .