هذه المسألة العظيمة يجب فيها التعاون بين المسلمين أينما كانوا، بين الرجل وأولاده وأهل بيته وجيرانه، وبين المسلمين جميعًا حتى تؤدى في الجماعة، حتى تؤدى في مساجد الله، حتى يحافظ عليها كما أمر الله، فيكون كل مسلم عونًا للهيئة، عونًا للحسبة، عونًا للدولة، عونًا لإخوانه المسلمين على أداء هذا الواجب، وعلى إزالة هذا المنكر من أسواق المسلمين، ومن بيوت المسلمين، ومن قرى المسلمين، والله يقول جل وعلا: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2]، ومعلوم أن التهاون بترك الصلاة في الجماعة والتساهل بمن فعل ذلك تعاون على الإثم والعدوان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فالواجب علينا معشر المسلمين هو التعاون على إزالة هذا المنكر، وعدم التهاون بهذا، ولا ريب أن المسلمين إذا تعاونوا وتعاضدوا في إيجاد الخير وإبعاد الشر أن الله سوف يعينهم ويسدد خطاهم، وينفع بعملهم وحركتهم، وإنما المصيبة التساهل والضعف والركون إلى الدعة والراحة، وترك الحبل على الغارب، وعدم المبالاة بمن صلى أو ما صلى، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ثم أيضًا واجب على الأئمة والمؤذنين أعيان الجماعة أن يلاحظوا إخوانهم، وإن فقدوا من يعرفون أنه معهم وأنه في مسجدهم نصحوه وأشاروا عليه وخوفوه من الله وحذروه من مغبة تهاونه في تخلفه عن الصلاة، كما أن الواجب على الهيئة وفقها الله والواجب عليهم أن يعنوا بهذا الأمر رئيسًا وأعضاء، الواجب عليهم أن يعنوا بهذا الأمر، وأن يساعدوا إخوانهم الأئمة والمؤذنين وأعيان المسجد على هذا الخير العظيم حتى يتعاون الجميع في أداء الصلاة في الجماعة، وحتى يحذر الجميع التخلف عنها، ولا شك أن التخلف عنها مشابهة لأهل النفاق، نعوذ بالله، ومشابهة أهل النفاق وسيلة إلى الشر وسيلة إلى الهلاك إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى [النساء:142]، هذه حالهم يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا [النساء:142]، ذكر أنهم يقومون ولكنهم يقومون كسالى، فكيف بالذي لا يقوم بل يتساهل ويبقى في بيته ولا يقوم وربما مضى عليه الوقت وهو متساهل حتى يصلي خارج الوقت، نسأل الله العافية، وربما ضيعها بالكلية ولا يبالي؛ لأن قلبه مريض ليس بقلبه حياة تزعجه وتدعوه إلى أن يقيم هذه الصلاة، بل قلبه مصاب بالمرض أو بالختم أو بالطبع، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فالواجب على من بلي بهذا الأمر وأحس من نفسه التساهل في هذه الفريضة العظيمة الواجب عليه أن يتوب إلى الله، وأن يبادر بالتوبة والإصلاح، وأن يسارع إلى المحافظة عليها والمسارعة إليها، وأن يسأل ربه التوفيق والهداية، وأن يضرع إليه دائمًا أن يعينه على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يعينه على أداء هذه الفريضة في بلاد الله في جماعة الله، وبذلك يوفق فإن العبد إذا استعان بربه وصدق في ذلك فالله يعينه جل وعلا، فأنت يا عبد الله في حاجة إلى أن تضرع إلى الله وتسأله العون على طاعته وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة:186] ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60]، فلا تغفل وأنت يا أخاه من جيرانه وأقاربه، لا تغفل انصح أخاك إذا رأيت منه التخلف والتساهل، يا عبد الله اتق الله ما رأيناك اليوم في المسجد، ما رأيناك في الفرض الفلاني ما صليت معنا عسى ماذا؟ لماذا؟ اتق الله يا عبد الله، سارع إلى هذه الفريضة العظيمة، لا تشابه أعداء الله المنافقين، لا تتخلف عما أوجب الله عليك بالكلام الطيب والأسلوب الحسن والتخويف من الله عز وجل والتحذير من مغبة عقوبة ذلك.
فبالتعاون والتواصي بالحق والصبر عليه يحصل الخير العظيم، وتقل الشرور وتكثر الخيرات وتظهر الفضائل وتختفي الرذائل ويحصل من المتخلف الحياة والمسارعة إلى الخير إذا رأى من إخوانه تعاهده والإنكار عليه ونصيحته ووصيته فإنه إذا كان فيه بقية حياة بقية إيمان يستحي ويسارع ويقبل النصيحة ويدع التخلف عن هذه الفريضة العظيمة، وهكذا إذا وجدت شيئًا من المنكرات في الطريق في الأسواق في أي مكان تنكره، وتدعو إلى الخير، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؛ لأن هذا واجب المؤمن، وهذا مقتضى الإيمان كما قال الله سبحانه: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ [التوبة:71]، هذه صفة المؤمن، وهذا خلق المؤمن والمؤمنة إنكار المنكر والأمر بالمعروف أينما كان المؤمن، وأينما كانت المؤمنة في الطريق أو في البيت أو في المسجد أو في أي مكان، فالذكور والإناث من أهل الإيمان كلهم عليهم واجب الدعوة عليهم، واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كل معروف يضاع أو في كل أمر من المنكرات يظهر.
ونسأل الله أن يصلح قلوبنا وأعمالنا جميعًا.