الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فقد سمعنا جميعًا هذه المحاضرة المباركة القيمة التي ألقاها فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن الفريان في موضوع الصلاة وعظم شأنها، وما يجب على أهل الإسلام من العناية بها، والتعاون على أدائها كما أوجب الله، ولقد أحسن فضيلته وأجاد وأفاد في ذلك، وبين ما ينبغي بيانه في هذا السبيل، فجزاه الله خيرًا وزادنا وإياكم وإياه علمًا وهدى وتوفيقًا، ونفعنا جميعًا بما سمعنا وعلمنا، وأعاذنا والمسلمين جميعًا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، إنه جل وعلا جواد كريم.
لا ريب أن الأمر كما قال فضيلته من جهة عظم شأن الصلاة، ومن ذلك أن الله جل وعلا لم يكل فرضها إلى ملك يرسله بذلك، بل فرضها مباشرة على نبيه محمد عليه الصلاة والسلام، أسرى به إلى بيت المقدس، ثم عرج به إلى السماء، وجاوز السبع الطباق كما سمعتم في قصة الإسراء والمعراج، وصعد إلى موضع فوق السماء السابعة إلى موضع يسمع فيه صريف الأقلام، وجاوز منزلة أبيه إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وهو خليل الرحمن، وهو أفضل الأنبياء ما عدا نبينا محمد عليه الصلاة والسلام فإنه أفضلهم على الإطلاق عليه الصلاة والسلام، ثم أوحى الله إليه أمر الصلاة وفرضها عليه جل وعلا، فرضها خمسين صلاة، فلم يزل نبينا عليه الصلاة والسلام يراجع ربه ويسأله التخفيف لهذه الأمة، حتى جعلها سبحانه وتعالى خمس صلوات، وأسقط عنا خمسًا وأربعين صلاة، وهذا من فضله وكرمه سبحانه وتعالى، ثم نادى مناد من عند الله جل وعلا يقول سبحانه: إني قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي، وبين سبحانه أنها خمس علينا وخمسون في أم الكتاب، فمن حافظ على هذه الخمس وأدى حقها كتب الله له أجر الخمسين ، والحسنة بعشر أمثالها، فما أولى المسلم وما أولى المسلمين بالعناية بهذه الفريضة والمحافظة عليها في بيوت الله في جماعة كما أمر الله سبحانه وتعالى، وهي عمود الإسلام، وهي أعظم فريضة وأولى فريضة بعد الشهادتين، فوجب على المسلمين ذكورًا وإناثًا وشبابًا وشيوخًا أن يتعاونوا على هذا الأمر، وأن يهتموا بهذه الصلاة، وأن يحافظوا عليها كما أمرهم الله .